- وثيقة سرية سربت من مكتب وزير الدفاع تحت عنوان سري للغاية في ديسمبر 2016
- نظريات المؤامرة: على غرار هجمات 11 سبتمبر 2001، هل تعمدت واشنطن وإسرائيل تجنب افشال عملية طوفان الأقصى لتحقيق هدف أكبر؟
ترجمة/ الباحث سعد عبد العزيز محمد/ التحليل: فريق المركز
الكويت، 8 نوفمبر 2023 (csrgulf): خطة سرية للتخلص نهائياً من المقاومة طرحتها وزارة الدفاع الإسرائيلية في عهد الوزير السابق أفيغدور ليبرمان وضمن حكومة بن يامين نتنياهو منذ العام 2016 قبل مغادرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما البيت الأبيض. هذه الخطة التي على ما يبدو يتم استكمالها والتعجيل في تنفيذها قبل مغادرة نائب أوباما السابق والرئيس الحالي للولايات المتحدة جو بادين مع اقتراب الانتخابات الأمريكية العام المقبل.
الوثيقة السرية التي سربت من مكتب ليبرمان والتي تعود لشهر ديسمبر 2016، تكشف معلومات صادمة. فقد تضمنت توقع وزارة الدفاع الاسرائيلية منذ 2016 نية حماس بنقل المواجهة القادمة إلى الأراضي الإسرائيلية، وذلك عبر دفع قوات كبيرة ومُهيئة جيداً (قوات نخبة على سبيل المثال) إلى أراضي إسرائيل، مع الاستيلاء على مستوطنة إسرائيلية (وربما عدة مستوطنات) في منطقة غلاف غزة، وأخذ عدد من الرهائن، بما يؤدي ذلك بخلاف الاعتداء الجسدي على المواطنين أنفسهم الى زعزعة وعي المواطنين الإسرائيليين وإصابة معنوياتهم. ولعل ما حدث يفشر إصرار نتنياهو اليوم على المواجهة النهائية مع حماس.
توقع إسرائيل للمواجهة النهائية مع حركة حماس أو تحفيز عواملها منذ عام 2016 تقود الى نظريات المؤامرة حول ما يجري اليوم في غزة. هل ما يحدث اليوم كان مخطط له وتم غض النظر عمدا عن عملية طوفان الأقصى من أجل تحقيق هدف أكبر تسعى اليه إسرائيل والولايات المتحدة، وفي مقابل ذلك تمت التضحية بنحو 1500 قتيل إسرائيلي.
المسار نفسه الذي تعتقده دراسات نظرية المؤامرة حول أحداث 11 سبتمبر والتي تتوقع كثير منها وجود تقصير أمريكي متعمد لحصول هذه الأحداث من أجل احداث تغيير عالمي جوهري أكبر والحصول على كل الذرائع لذلك.
فهل هو الحال نفسه في عملية طوفان الأقصى؟ حيث صرح مسؤولون كثيرون أبرزهم أمريكيون عن وجود تحذيرات سابقة عن احتمال عملية ضخمة تجهز لها حماس، لكن لم تكترث جل أجهزة المخابرات لا الإسرائيلية أو الامريكية لذلك حسب مسؤولين أمريكيين كبار.
وثيقة الخطة التي تعود لعام 2016 وسربت من مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي التي تم ترجمتها من العبرية الى العربية تخض مصير قطاع غزة. ضمن هذه الخطة تنقسم أهداف إسرائيل حيال قطاع غزة إلى شقين: استراتيجي وتكتيكي على النحو التالي:
الشق الاستراتيجي:
1- في عام 2016 تمت دراسة خطة مصيرية لضمان الأمن القومي الإسرائيلي وتعزيز التقارب مع العرب في الوقت نفسه، تمثل الهدف الرئيسي آنذاك في التأكيد على أن تكون المواجهة القادمة بين إسرائيل وحماس هي الأخيرة. وهو ما يؤكد عليه اليوم نتنياهو أن لا وقف للحرب قبل انهاء المقاومة مع حكم عسكري مرتقب لغزة.
وبذلك كانت الإدارة الديمقراطية تخطط لمواجهة حاسمة ونهائية لطي صفحة حماس للأبد لصالح مشروع التطبيع الضخم مع العرب مع ضمان الحد الأقصى من الأمن والتوسع على حساب حق الفلسطينيين.
2- اقترحت خطة وزارة الدفاع الإسرائيلية بالتنسيق مع الجانب الأمريكي في 2016 ضرورة أن تسفر نتائج المواجهة القادمة عن الحسم الواضح لصالح إسرائيل، بما لا يترك خياراً لقيادة حماس في غزة، سوى قبول مبدأ “إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح”.
3- اقترحت الخطة أن تقوم دولة إسرائيل بمباغتة حماس بـ”ضربة مفاجئة”/ “ضربة استباقية”، تؤدي لتصفية غالبية قادة الجناح العسكري لحركة حماس.
وزارة الدفاع الإسرائيلية في 2016 استنتجت سبعة “مستويات” للتعامل حيال غزة، والتي سيتبين في نهاية كل منها مدى استعداد الحركة للتوصل لوقف إطلاق النار وفق الشروط الإسرائيلية. وتقريباً ما يحدث اليوم بعد عملية طوفان الأقصى يعكس ما كشفته هذه الوثيقة بشكل متطابق ومثير للاستغراب والريبة.
المستويات السبعة التي جهزتها إسرائيل منذ 2016 للقضاء على حركات المقاومة في غزة هي كالتالي:
الشق العملي:
– المستوى الأول: تحقيق إصابات بالغة في صفوف القيادة والسيطرة لدى حركة حماس، وذلك عبر شن عملية مُباغتة لتصفية كبار القادة العسكريين والسياسيين لحماس (يعتبر الإنجاز المتوقع والمُحتمل ضمن تلك السلة من الأهداف خلال الهجوم الاستباقي أكبر بكثير).
– المستوى الثاني: شن ضربة جوية واسعة النطاق عبر “النيران البعيدة” (أي دون اللجوء لمناورة الاقتحام البري لأراضي غزة)، والتي تشمل استهداف منشآت البنى التحتية لحماس وفصائل المقاومة في كل أرجاء قطاع غزة، مع التركيز على تهديد الأنفاق، (من حُفر ومسارات وما أشبه).
– المستوى الثالث: إخلاء المستوطنات، كمحاولة وقائية (برية وبحرية وجوية)، ونشر بطاريات “القبة الحديدية” على نطاق أوسع (فيما يُعد ردا جزئيا في مُخطط القتال على جبهتين).
– المستوى الرابع: شن ضربة جوية قاصمة للأهداف الاستراتيجية والتوعوية لحركة حماس (المباني الشاهقة)، مثلما حدث في اليوم الـ 43 لعملية “الجرف الصامد”.
– المستوى الخامس: التهديد بشن مناورة برية واسعة، تشمل استدعاء كامل قوات الاحتياط (إلى ما يزيد عن الـ 14 يوما).
لأجل تنفيذ ما يُسمى بخطة “صَخْرَةِ عِيطَمَ” (عملية الانتقال من الدفاع للهجوم.)، حتى نؤكد لحركة حماس مدى جدية اعتزام إسرائيل تنفيذ مناورة اقتحام غزة، إذا لم تستجب الحركة للمطالب الإسرائيلية.
– المستوى” السادس: تنفيذ خطة السيطرة لنحو 16 يوماً، وفيها يمكث الجيش الإسرائيلي لفترة محدودة داخل مدينة غزة، مُسيطرًا على كل مقراتها الاستراتيجية، مثل المؤسسات والجهات السيادية لحركة حماس، ومقر الأجهزة الحكومية والجامعة الإسلامية ومستشفى الشفاء إلى غير ذلك.
فيما تتولى قطر إجراء التسوية التي تُصاغ وفق مبدأ “إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح”.
– المستوى السابع: تنفيذ خطة واسعة النطاق لتقويض حماس، عبر احتلال كل أراضي غزة والبقاء فيها (حتى لو بلغ الأمر فرض الحكم العسكري).
4- منذ 2016 اعتقدت وزارة الدفاع الاسرائيلية إرجاء قرار شن ” الضربة المباغتة” / “الضربة الاستباقية” على غزة إلى ما بعد يوليو 2017، خطأ فادحاً وسيحمل تداعيات بعيدة المدى، بل ربما تكون تداعياته -وفق دلالات مُعينة – أخطر من تداعيات حرب “يوم الغفران”، من حيث انعكاساتها على الجبهة الداخلية الإسرائيلية ووعي المواطنين الإسرائيليين، وهيبة دولة إسرائيل ومكانتها الإقليمية.
وبذلك فعلى الأرجح أن إدارة نتنياهو تفضل حسم عملية تصفية المقاومة في عهد الإدارة الديمقراطية التي تريد كسب أصوات اللوبي اليهودي والصهيوني في أميركا. حيث أن تصفية المقاومة هي الثمن الذي ستقبل به إسرائيل لموافقتها على حل الدولتين الذي يسعى بايدن لإعلانه في عهده ضمن تغيير جذري لمصير الصراع العربي الإسرائيلي الذي تهدف واشنطن الى أن يتوج باتفاقيات سلام مع إسرائيل.