الكويت، 17 أكتوبر 2022 (csrgulf): بعد أن كان الكويتيون وخاصة الشباب منهم مصنفون في المرتبة الثانية عربياً في مؤشر الابتكار والابداع قبل جائحة فيروس كورونا، تراجع تصنيفهم خلال ثلاث سنوات فقط الى المرتبة الرابعة عربياً وخليجياً للعام الثاني على التوالي. تراجع يدعو للقلق حول أفق وبيئة الابتكار والابداع في البلاد.
عدم محافظة الكويت على مركزها المتقدم في مؤشر الابتكار قد يعكس محدودية ارادة وقناعة صناع القرار بجدوى الرهان على هذا القطاع الواعد والذي تحوّل لمورد أساسي لعدد من الدول.
رغم تحسن ترتيب البلاد هذا العام في مؤشر الابتكار العالمي من 72 في 2021 الى مرتبة 62 لهذا العام، الا أن أداء الكويت في مؤشر الابتكار يستمر مضطرباً وغير مستقر طيلة السنوات الأخيرة بين تقدم وتراجع مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، حيث كان الكويتيون مصنفون في المرتبة الثانية خليجياً وعربياً في مؤشر الابتكار العالمي في 2019. تأخر الكويت مقابل تقدم دول خليجية أخرى مسار يدعو للقلق خاصة على مستوى تعمق عناصر ضعف البلاد في هذا المجال الحيوي والمتعلقة خاصة بمحدودية النهوض بقطاع البحث العلمي فضلا عن ضعف كفاءة المؤسسات ذات الصلة بالابتكار علاوة على محدودية تطوير بيئة الاعمال في هذا المجال الحيوي والذي تراهن عليه الدول المتقدمة وبقية دول الخليج بهدف تنويع اقتصاداتها.
عدم محافظة الكويت على المرتبة الثانية عربيا وتأخر ترتيبها بدلا عن ذلك: الترتيب العربي (من المركز الثاني الى الرابع) والعالمي الى المرتبة 62 عالميا مقارنة بالمرتبة 60 عالميا في 2019 قبل الجائحة، يشير الى وجود اختلالات في رهان الحكومات الكويتية على تطوير البحث العلمي ومخرجاته وتحفيز الاقتصاد المؤسس على الابتكار والابداع. في المقابل استمرت الامارات في الصدارة ثم قفزت الى المرتبة الثانية السعودية لتصعد قطر الى المرتبة الثالثة، كما حسنت كل من البحرين من ترتيبها بشكل ملحوظ في حين تقدمت عمان في الترتيب بمرتبة واحدة.
الامارات حافظت على صدارتها العربية وتقدمت المرتبة 36 عالمياً في 2019[1] الى 31 في 2022[2]. السعودية تقدمت بشكل ملحوظ في الترتيب العالمي من 68 الى 51، في حين حققت قطر كذلك إنجازا كبيرا بتقدمها من المرتبة 65 في 2019 الى 52 عالميا في 2022. كما تقدمت البحرين من 78 الى 72 وعمان من 80 الى 79. واقتسرت المقارنة بين نتائج مؤشر الابتكار العالمي 2019[3] و2022[4].
ويعود تحسن ترتيب الامارات والسعودية وقطر في مؤشر الابتكار نظرا لدعم الحكومات للبنية التحتية التكنولوجية وتعزز المؤسسات المستثمرة في الابتكار والمواهب، فضلاً عن قيام هذه الدول بتطوير لافت لبيئة الأعمال التي تشجع مبادرات المبدعين والمبتكرين. وقد مثل هذا الجانب نقطة ضعف في جهود تعزيز الابتكار في الكويت وهو ما يفرض على الحكومة الكويتية تداركه.
وحسب تحليل استقرائي لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، يعزى هذا التأخر أو التراجع في مؤشر الابتكار والابداع خاصة بين الشباب لعوامل مختلفة مباشرة وغير مباشرة. بالنسبة للعوامل المباشرة، استمرت محدودية التشجيع على البحث العلمي رغم القدرات المتوفرة، فضلاً عن استمرار تدني جودة التعليم. أما العوامل غير المباشرة فقد تمثلت في محدودية التشجيع على التحول نحو تنويع الاقتصادي والرهان على الابتكار والابداع والمواهب، حيث لا يستقطب الاقتصاد الكويتي بالشكل الكافي المواهب الكويتية التي يختار البعض منها استمرار البحث والتعليم في الخارج وصولا للاستقرار من اجل تحقيق تطلعاته وابتكاراته حيث يسود اعتقاد أن بيئة العمل الكويتية غير محفزة على الابتكار[5]، وهو ما قد يترك آثارا سلبية على مستقبل التنمية غير النفطية في البلاد.
وتأثرت السياسات المراهنة على الابتكار بعدم استقرار العمل الحكومي وغياب رؤية مستقبلية واضحة في ظل المناخ السياسي غير المستقر مع تكرار استقالات الحكومة ومحدودية التعاون بين السلطتين، وهو ما أعاق وتيرة انجاز الابداعات والابتكارات الكويتية والاستفادة منها بشكل مؤسسي وهادف ومستدام.
ورغم القدرات الكويتية الإبداعية، تشكو البلاد من ضعف بنية تحتية متطورة وتكنولوجية محفزة للابتكار ومحتضنة للمواهب الكويتية، حيث توجد محدودية تأهيل وتقييم للقدرات الكويتية. ويمثل الشباب الكويتي الطموح والمبدع ضحية تأثيرات البيروقراطية والفساد والمحسوبية والتي تعيق وصول الشباب لمراكز القرار أو إنجاح مبادراتهم وأفكارهم.
وتثبت محدودية نجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي بادر بها بعض الشباب الواقع المتأزم الذي يعاني منه الشباب المبادر. ويشكل تداخل السياسة مع الشأن الاقتصادي تداعيات سلبية تحجم من افاق تطوير الشأن الاقتصادي مقارنة مع بقية الدول الخليجية الأخرى. ما يستدعي لتوافق سياسي حول خارطة تحفيز التنمية البشرية وزيادة انسجام مخرجات التعليم مع اقتصاد قائم على الابتكار.
وقد برزت عوامل ثانوية أخرى باتت مؤثرة بشكل سلبي في جودة التعليم والبحث العلمي والابتكار. اذ زاد نسب ادمان الانترنت بين الشباب الكويتي والذي يؤثر على قدرة الذكاء والتركيز. ليبرز عامل آخر مربك لبيئة الابداع والابتكار متمثل في زيادة التأثر المباشر بالتغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل مباشر على قدرة التكيف مع مناخ قاس وهو ما يدعو الحكومة الكويتية لبذل خطوات جدية للتخفيف من آثار التعرض للتغيرات المناخية.
2022 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] WIPO, Global Innovation Index 2019 rankings, https://tind.wipo.int/record/40245#record-files-collapse-header
[2] WIPO, Global Innovation Index 2022 What is the future of innovation driven growth?, https://www.wipo.int/edocs/pubdocs/en/wipo-pub-2000-2022-section1-en-gii-2022-at-a-glance-global-innovation-index-2022-15th-edition.pdf
[3] WIPO, Global Innovation Index 2019 rankings, https://tind.wipo.int/record/40245#record-files-collapse-header
[4] WIPO, Global Innovation Index 2022 What is the future of innovation driven growth?, https://www.wipo.int/edocs/pubdocs/en/wipo-pub-2000-2022-section1-en-gii-2022-at-a-glance-global-innovation-index-2022-15th-edition.pdf
[5] استطلاع للمحتوى الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي لشريحة من المستخدمين الكويتيين 2022