الكويت، 25 يناير 2022 (csrgulf): جل الدول العربية معرضة لمخاطر زلازل مدمرة. اذ تظهر بواعث قلق جدية ومستجدة حول نمو تهديدات طبيعية تحت الأرض متمثلة في زيادة مقلقة للنشاط الزلزالي خلال العقد الماضي في عدة مناطق بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مخاطر الزلازل والهزات الأرضية وان زادت اليوم وطئتها رغم ان أغلب الشعوب العربية بالكاد تشعر بها، الا أنها تبقى مخاطر متحركة ومباغتة لا يمكن التنبؤ الدقيق بها وتستدعي رفع الحيطة والتحوط مستقبلاً. واتضح أن عددا كبيرا من الدول العربية باتت مكشوفة على مخاطر التعرض لتداعيات مناطق زلزالية نشطة.
النشاط الزلزالي خطره قد يتسارع في المنطقة العربية وخاصة في الشرق الأوسط خلال الأربعين عاما المقبلة حسب دراسات كثيرة، وقد يخلّف تداعيات مقلقة. بلدان عربية كثيرة عليها ألا تتساهل في تطبيق شروط صارمة لمعايير سلامة البنى التحتية والمباني خاصة العمودية والأخذ بعين الاعتبار مخاطر وكوراث طبيعية كالأنشطة الزلزالية والهزات الأرضية والفيضانات التي باتت احتمالاتها وتداعياتها المستقبلية مقلقة رغم ضعف قوتها حالياً.
وقد رصد قسم توقعات المخاطر في مركز (CSRGULF) تطوراً مقلقاً للنشاط الزلزالي في منطقة الشرق الأوسط تحديدا وذلك خلال العقد الأخير، وهو ما أنتج زيادة تداعيات سجّلتها دول كثيرة خاصة على مستوى شعور السكان بزيادة وتيرة الهزّات الأرضية.
ما يقرب من 30 مليون شخص من سكان الشرق الأوسط خاصة الفلسطينيون والأردنيون والسوريون واليمنيون وجزء الخليجيين، و ما يعادل خمس سكان العرب في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما فيها الجزائريون والتونسيون والمغربيون، معرضون لمخاطر زيادة احتمالات حدوث زلازل مدمر في المستقبل، وفقًا لنموذج مخاطر الزلازل الجديد الذي ترعاه شركة Lloyd والذي أصدرته شركة CATRisk [1]. واعتمد رصد المركز على تحليل البيانات المتوفرة على منصة نماذج المخاطر التكتونية الخاصة بالمنطقة Oasis، ويغطي البلدان التالية: البحرين، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، وسوريا، والإمارات العربية المتحدة، واليمن.
خلال الرصد تم التركيز على منطقة الشرق الأوسط وهي منطقة سريعة التحضر ومركز أعمال متنامٍ. من بين 398 مليون شخص يعيشون في جميع أنحاء المنطقة، يسكن 56 في المئة منهم في المدن. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 68 في المئة في 2025[2]. يوضح التحليل الذي أجرته خارطة المخاطر الزلزالية CATRisk[3] أن حوالي 18 في المئة من السكان معرضين لمخاطر الزلازل. يمكن اعتبار النسبة المئوية للسكان المعرضين لمخاطر الزلازل أعلى بكثير إذا تمت إضافة البلدان الأكثر نشاطًا زلزاليًا في الشرق الأوسط، مثل إيران وتركيا[4]. في هذا الصدد، تدفع المخاطر الزلزالية لزيادة الاقبال على فهم أفضل للتحديات الجيولوجية والمناطق الأكثر عرضة للأضرار وخاصة المناطق التي تشكو من ضعف البنية التحتية.
واعتمد رصد المركز على دراسة خريطة المخاطر الزلزالية العالمية من خلال تجميع بيانات ونماذج وتيرة حدوث وتقييم مخاطر الزلازل في منطقة الشرق الأوسط. وتفترض الاستجابة المثالية للكوارث إدارة استباقية للمخاطر، وفي هذا الصدد يهدف تقرير المركز لتوعية السلطات وتوجيه استراتيجيات الحد من التعرض لمثل هذه المخاطر الصامتة.
لا يعرف أفضل علماء الزلازل في العالم متى وأين سيضرب الزلزال الكبير المقبل في العالم العربي. لكن عالماً جيولوجياً بجامعة تل أبيب يشير إلى أن أنماط الزلازل المسجّلة في الوثائق التاريخية لدول الشرق الأوسط تشير إلى أن الزلزال الكبير التالي في المنطقة قد فات موعده كثيرًا. يقول عالم الجيولوجيا بجامعة تل أبيب الدكتور شموليك ماركو إن زلزالًا بقوة سبع درجات بمقياس ريختر في منطقة الشرق الأوسط الهشة سياسيًا يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الأماكن المقدسة وحتى على السلام العالمي. في ضوء هذا الخطر الوشيك، اتخذ ماركو مقاربة تاريخية للتنبؤ بالزلازل باستخدام سجلات قديمة من الفاتيكان ومصادر دينية أخرى في تقييمه. يقول إن الماضي يحمل مفتاح المستقبل.
يضع وادي الأردن المتصدع عددا من البلدان في الشرق الأوسط (الأردن ولبنان وفلسطين وسوريا) لزيادة التعرض بشدة لمخاطر الزلازل. وبالمثل، فإن بعض البلدان في منطقة المغرب العربي (الجزائر والمغرب وتونس) ليست بأفضل حال، حيث كانت ولا زالت كذلك عرضة لنشاط زلزالي.
حدثت زلازل ضخمة في فلسطين (1927)، لبنان (1956) والمغرب (1960) ومصر (1992) والجزائر (2003)[5]. كما يزيد تسارع وتيرة مخاطر النشاط الزلزالي في إيران وتركيا من مخاطر تداعياته على دول الجوار خاصة منطقة الخليج حيث تسجل أغلبها زيادة في وتيرة الهزات الأرضية في السنوات الأخيرة. ولعل آخرها ما شعر به الاماراتيون حيث أعلنت دولة الإمارات، خلال بداية شهر يناير من هذا العام رصد زلزال بقوة 5 درجات على مقياس “ريختر” في مياه الخليج العربي.
لكن قد لا يكون سكان الخليج معنيون بالتحوط من المخاطر الزلزالية في منطقة الشرق الأوسط أكثر من سكان سوريا والعراق وفلسطين واليمن[6] حيث أن الدول الأربعة مصنفة ضمن الدول العربية المعرضة لاحتمالات الانكشاف على مخاطر هزّات أرضية أو تداعيات لزلازل في مناطق مجاورة لها. وقد يعمق انكشاف بعض الدول غير المستقرة على المخاطر الزلزالية كلفة أزمات إنسانية متفاقمة جراء الصراعات المستمرة.
على صعيد آخر، فان المجتمعات والشركات والتنمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط عرضة للمخاطر الطبيعية، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والعواصف والزلازل. لكن على الرغم من هذه الانكشافات، تعد منطقة الشرق الأوسط واحدة من المناطق القليلة في العالم التي تظل متابعة ودراسة مخاطر الأنشطة الزلزالية فيها محدودة[7]. وهذا ما يستدعي دفع جهود البحث والوقاية الاستباقية من المخاطر والكوارث الطبيعية والبيئية في أغلب دول العالم العربي.
2022© مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] Gabriel Olano, Thirty million people in the Middle East at risk from earthquakes, 21 Jun 2017, https://www.insurancebusinessmag.com/asia/news/breaking-news/thirty-million-people-in-the-middle-east-at-risk-from-earthquakes-71020.aspx
[2] lloyds report, Seismic Shock A new earthquake model for the Middle East, Emerging Risks Report 2017, Natural Environment, https://assets.lloyds.com/assets/pdf-risk-reports-seismic-shock-a-new-earthquake-model-for-the-middle-east-2017/1/pdf-risk-reports-Seismic-shock-a-new-earthquake-model-for-the-middle-east-2017.pdf
[3] lloyds report, Seismic Shock A new earthquake model for the Middle East, Emerging Risks Report 2017, Natural Environment, https://assets.lloyds.com/assets/pdf-risk-reports-seismic-shock-a-new-earthquake-model-for-the-middle-east-2017/1/pdf-risk-reports-Seismic-shock-a-new-earthquake-model-for-the-middle-east-2017.pdf
[4] lloyds report, Seismic Shock A new earthquake model for the Middle East, Emerging Risks Report 2017, Natural Environment, https://assets.lloyds.com/assets/pdf-risk-reports-seismic-shock-a-new-earthquake-model-for-the-middle-east-2017/1/pdf-risk-reports-Seismic-shock-a-new-earthquake-model-for-the-middle-east-2017.pdf
[5] Tel Aviv University. “Devastating Earthquake May Threaten Middle East’s Near Future, Geologist Predicts.” ScienceDaily. ScienceDaily, 4 October 2007. <www.sciencedaily.com/releases/2007/10/071003142432.htm>.
[6] Risk of earthquake in conflict countries in the Middle East and North Africa in 2020, by country, https://www.statista.com/statistics/1203243/mena-risk-of-earthquake-by-country/
[7] Gabriel Olano, Thirty million people in the Middle East at risk from earthquakes, 21 Jun 2017, https://www.insurancebusinessmag.com/asia/news/breaking-news/thirty-million-people-in-the-middle-east-at-risk-from-earthquakes-71020.aspx