- حل أزمة الكويت هل تكمن في تعديل الدستور؟
- تعديل الدستور الكويتي هل بات ضرورة من أجل الشباب والتحديات المستجدة؟
- نظام الحكم المزدوج في الدستور هل يعطل التعاون بين السلطتين؟
الكويت، 15 ديسمبر 2021 (csrgulf): تسعة وثلاثون حكومة في تاريخ الكويت السياسي منذ إرساء دستور 1962، منها 20 حكومة في العقدين الأخيرين فقط، أي بمتوسط حكومة جديدة تشكل كل سنة مقابل 7 مجالس تشريعية خلال العشرين عاما الأخيرة. وهذا ما يعكس هشاشة الاستقرار السياسي ويؤثر على رؤية التنمية والإصلاح في المستقبل. وتشير دراسات كثيرة الى أن تجربة الكويت متجذرة في الديمقراطية لكن بقي تطورها جامدا مرتبطا على الأرجح بإصلاح المنظومة السياسية والتشريعات وصولاً الى مطالبات تاريخية للمعارضة بتعديل الدستور والنظام السياسي المزدوج التي تعتقد دراسات أنه معطل أكثر من داعم للتوافق وهذه المطالبات سواء من معارضين او مستقلين او من أصوات شبابية تهدف لدعم الاستقرار والتوافق وضمان أكبر للحريات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما سمح به الدستور أصلاً لكن لم يتعدل منذ نحو ستة عقود.
وفي حين عدلت دول عربية كثيرة خلال السنوات والعقود الأخيرة من دساتيرها وقوانينها من أجل الاستجابة لتحديات فرضتها ظروف داخلية وجيوسياسية ومناخية واقتصادية مستجدة، بقيت محاولات تعديل دستور الكويت شبه جامدة، وهو ما انعكس سلباً على سياسات التطوير والتنمية الاقتصادية والبشرية.
وحسب ملخص دراسة مقارنة تطور دساتير الدول العربية أعده مركز الخليج العربي للدرسات والبحوث (csrgulf)، تعرف مسارات الإصلاح في الكويت حالة شبه جمود منذ سنوات على مستويات مجالات التنمية والنهضة الاقتصادية والبشرية. اذ ماتزال الكويت رغم ثروتها الطبيعة والمالية تواجه عجزا في إرساء الدولة الحديثة التي يتطلع لها الشباب الكويتي وأجيال المستقبل بشكل خاص. فبسبب جمود التغيير والتطوير بقيت رؤية المستقبل ضبابية خاصة من ناحية توفير الموارد والثروة البديلة للنفط. على صعيد آخر، اثرت العراقيل المتجذرة في المنظومة السياسية والقوانين والتشريعات في عدم تنمية الحياة السياسية ودعم النظام الديمقراطي. حيث بقي تصنيف الديمقراطية الكويتية منذ عقود كديمقراطية جزئية، في حين تراجعت مؤشرات حرية الصحافة وممارسة حرية التعبير ومكافحة الفساد، كما انخفضت الثقة في العمل الحكومي نظرا لوجود أزمة كفاءة في الإدارة فضلاً عن مشكلة في انفاذ القوانين والمساواة في تطبيقه. الا أن هذا التراخي في تحسين هذه المؤشرات لا ينفي وجود جهود حكومية للإصلاح الا أنها بطيئة ومتعثرة.
ورغم أن العفو الخاص عن عدد من السياسيين الكويتيين المتهمين في قضايا رأي وان مثّل مبادرة ثمنها الجميع وهتف لها، الا أن هذا العفو المندرج ضمن مصالحة سياسية يبدو أنه لا يلبي في الواقع حسب تحليل محتوى تعليقات شريحة من الكويتيين على منصات التواصل الاجتماعي وحسب تحليل محتوى خطابات المعارضة بين 2020 و2021 السقف المرتفع لتطلعات الشباب.
ويشير التقرير المنشور ضمن بحث حديث للمركز عن المصالحة السياسية الكويتية، الى زيادة رصد المطالبة بإصلاحات جوهرية للمنظومة السياسية بهدف تعزيز الحريات والمساواة والعدالة الاجتماعية، ولا يمكن ذلك الا من خلال مراجعة الدستور وتعديله. المادة 175 من الدستور سمحت بالتعديل لما يضمن مزيدا من الحريات ونصّت على أن “الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادىء الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصاً بلقب الإمارة أو بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة”[1]. وبذلك يقرّ الدستور الكويتي مبدأ التعديل بشرط عدم المساس من صلاحيات الأمير كما تقر ذلك المادة 176[2].
وفي ظل زيادة نسبة المتعلمين والمثقفين بين الشعب الكويتي خاصة بين جيل الشباب، بات بعضهم عبر منصات التواصل الاجتماعي وفي الندوات والمنابر يتبنى ويتشارك أفكارا إصلاحية. بعضها رفعت سقف المطالب بحثاً عن تعديل منظومة سياسية تستوعب تطلعات الشباب وتشركهم أكثر في تقرير مصير البلاد. وحسب تقارير لمنظمة العفو الدولية[3] قد تم مجابهة المنتقدين للمنظومة السياسية والمطالبين بتوسيع الإصلاحات السياسية بردع قانوني وتجرم حريتهم في التعبير. حيث يعتقد بعض المغردين من خلال رصد نموذج من مطالبهم أن دستور بلادهم بات تعديله ضرورة من أجل الاستجابة لمتغيرات بلادهم الجيوسياسية والاقتصادية والبيئية والمناخية والسكانية.
كما تثبت الدراسة أن مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية لبيئة الكويت في الستينات حين تم اعداد دستور البلاد[4] غير متماثلة مع مؤشرات اليوم. حيث أن ظروف اعلان دستور البلاد في الستينات مرّت عليها نحو 60 عاماً خلالها لم يتم تحيين أو تعديل جوهري لفصول الدستور لتواكب تغير ظروف حياة الكويتيين وتستشرف مستقبلا واعدا لأجيال المستقبل مع اقتراب نهاية عصر النفط.
وتثبت الأبحاث أن البيئة الكويتية التي صدر فيها دستور الكويت في عام 1962 مختلفة تماماً عن اليوم على مستوى مؤشرات التعليم والأمية والتركيبة السكانية والتحديات الاقتصادية والبيئية وعوامل التهديد الخارجي والدور الكبير لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في حياة المواطن اليوم. فعلى سبيل المثال كانت نسبة الأمية في الستينات متضخمة مقارنة مع اليوم حيث ارتفع مستوى التعليم بشكل كبير ما أثر ايجاباً على تحسن مستوى الوعي بمفهوم المواطنة ضمن الدولة الحديثة المنشودة.
وبفضل الوعي بمقومات الدولة الحديثة، فتحت مطالبات بمحاربة الفساد الباب لدعوة قديمة جديدة لتعديل العقد الاجتماعي (دستور البلاد) بما ينسجم مع واقع مختلف تماماً مع بيئة صياغة الدستور في 1962، ومن أجل ضمان مزيد من الحريات كما نص على ذلك الدستور نفسه وأيضا لدعم المشاركة الشعبية في السلطة وتقرير المصير. وللتدليل على تغير بيئة الكويت بين الستينات واليوم، كان تعداد سكان الكويت على سبيل المثال في عام 1961 نحو 320 ألف نسمة منهم % 62 من الذكور و %37 من الإناث[5]، أما اليوم فهذه الأرقام تضاعفت وأصبحت نسبة الاناث تفوق الذكور في التعداد العام للسكان.
وفي ظل تضاعف عدد سكان الكويت بنحو 15 ضعفاً، اختلفت تحديات ومشاكل البلاد، حيث كانت مشاكل وقضايا الكويتيين مختلفة تماماً في الستينات عن تحديات اليوم خاصة التي تفرضها مرحلة ما بعد الجائحة واستشراف بداية أفول عصر الذهب الأسود بعد تراجع محتمل على المدى المتوسط للطلب على النفط ما يستدعي البحث عن مصدر ثروة بديل.
وتفرض المتغيرات والتحديات الجديدة والمستقبلية للكويت تنقيحات وتعديلات كبرى لمنظومة القوانين والتي قد تصل الى تعديل الدستور حتى تتم الاستجابة لمتطلبات المرحلة المقبلة. فحسب دراسة تجارب مقارنة فقد نقحت أغلب الدول العربية دساتيرها أكثر من مرة. الدستور الأمريكي على سبيل المثال تم تعديله أكثر من 25 مرة وشملت التعديلات مواد مختلفة فيه.
وتشير النتائج الحكومية التي لم تحقق تطلعات الكويتيين في تنمية مستدامة الى أزمة حقيقية في التخلص من مفهوم الدولية “الريعية” والمرور للدولة “الحديثة” المعتمدة على تثمين دور المواطن والتعاطي مع التحديات والتغيرات الجديدة عبر زيادة المشاركة الشعبية في الحياة السياسية وخاصة على مستوى خلق وادارة الثروات واشراك المواطن عموماً في تحقيق المصير. وهو ما يحتم مراجعة حتمية للدستور بما يستجيب مع المرحلة الحالية. كما أن الدستور نفسه نصّ على مراجعة مستمرة لفصوله[6] بما يتناسب مع المتغيرات وهذا ما لم يتحقق.
وتشير عدد من المؤلفات الكويتية[7] لوجود حاجة ماسة لتعديل الدستور لمزيد ضمان مساحة أكبر لممارسة الحريات وأيضاً لزيادة المشاركة الشعبية في ممارسة السلطة. وضمن هذا التوجه، برز مسار إصلاحي أعلن عن نفسه منذ 2011[8] من خلال تحركات تيارات المعارضة السياسية عقب اندلاع الربيع العربي تطالب بدعم تحقق صلاحيات أكبر لمجلس الأمة في تقرير المصير وتحديد سياسات الحكومة، وذلك عبر مقترحين اثنين: أولاً حكومة شعبية تؤول رئاستها للأصلح والأكثر كفاءة دون التقيد بشرط انتماء الرئيس للأسرة الحاكمة، وثانياً دعم صلاحيات المجلس في التصويت على منح الثقة من عدمه لرئيس الحكومة ووزارته المعينة حسب تقييم برنامجها السياسي المعلن مع الحفاظ على الدور الرقابي على أعمالها وذلك بخلاف المادة 102 في الدستور الكويتي التي تعفي رئيس الوزراء من مسألة نيل الثقة في مجلس الأمة[9].
كما باتت هناك مطالبات بزيادة تعزيز دستورية حقوق الانسان في الكويت عند التقاضي من خلال ضمان أكبر للحرية والإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة أثناء الإجراءات الجنائية في الكويت. حيث دعت الرابطة الدولية للمحامين الديمقراطيين السلطات إلى اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لدعم استقلالية القضاء وإجراء مراجعة كاملة لنظامها القضائي بما يتوافق مع القانون الدولي وتعديل تشريعاتها ولوائحها بهدف يجعلها تتماشى مع القانون والمعايير الدولية وضمان حق الأفراد في محاكمة عادلة.[10]
من جهة أخرى برزت مطالبات بتعزيز المواد الدستورية والقوانين والتشريعات المرتبطة بتنظيم الحياة الاقتصادية، حيث تواجه البلاد أزمة اقتصادية حادة خاصة مع زيادة عدم اليقين حول مستقبل أسعار النفط المصدر الأساسي لإيرادات البلاد. فالاعتماد المستمر على النفط كمصدر رئيسي للدخل قد ألزم الكويت بالأسواق الدولية الخارجة عن سيطرتها. وفي ظل عجز متنامي وشبح بطالة مقلق، تصطدم الحكومة بواقع متغير يلزمها حسب المادة 41 من الدستور بمنح جميع الكويتيين حق العمل حيث تعتبر الدولة أكبر موظف في البلاد مما يؤدي إلى إجهاد المالية العامة.
قيود دستورية وقانونية على مزيد من الحريات السياسية
استندت السلطات الكويتية إلى عدة أحكام في الدستور، وقانون العقوبات، وقانون المطبوعات والنشر، وقانون إساءة استخدام الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت، وقانون التجمعات العامة، وقانون الوحدة الوطنية لمقاضاة الصحفيين والسياسيين والناشطين لانتقادهم الأمير والحكومة والدين وحكام الدول المجاورة في المدونات أو على Twitter أو Facebook أو منصات التواصل الاجتماعي الأخرى[11].
يمزج الدستور بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني، مما يخلق تداخلًا بين الحكومة والبرلمان مما يجعل كلاهما عرضة للنزاع. وقد أعاقت النزاعات المزمنة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية آفاق التنمية، ودفعت بمؤسسات الدولة إلى معارك سياسية عقيمة أسفرت عن 20 حكومة باعتبار الحكومة المقبلة وسبعة برلمانات في السنوات العشرين الماضية. وبات إصلاح الدستور والنظام السياسي أمر حتمي. ويعتبر التهرب من الإصلاح السياسي الجريء بقوانين مثل إدخال صوت واحد غير قابل للتحويل في عام 2012 يقلب التوازن نحو السلطة التنفيذية ويضبط النظام لفترة من الوقت. لكن مثل هذه المبادرات ليست حلولًا دائمة حيث أن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من خلال عملية تغيير شاملة[12] قد يكون تعديل الدستور أحد أركانها.
وقد حاولت مبادرات مختلفة من عدد من النواب تعديل مواد في الدستور اغلبها لم تستطع ان تنجح بسبب صعوبة تمرير الية تعديل الدستور. وكان رئيس مجلس الأمة الأسبق جاسم الخرافي في 2007 اعتبر أن الدستور الكويتي “شبه جامد ومن الصعب تعديله” بسبب العدد المطلوب والذي من الصعب الحصول عليه، مشيرا الى جواز التعديل وفق ما نص عليه الدستور بما يعزز الحريات العامة والديمقراطية[13]. وكان هناك توافق على أنه لا يوجد ما يمنع التعديل على الدستور إذا كان التعديل يأتي لتعزيز الديمقراطية وتحقيق أكبر قدر من الحريات العامة. الا ان إجراءات اقتراح وقبول التعديل المنصوص عليها في الدستور تبدو صعبة. فبموجب المادة 174 من الدستور الدائم، للأمير أو لثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح مراجعة الدستور بتعديل أو حذف بند أو أكثر من أحكامه أو إضافة أحكام جديدة. إذا وافق الأمير وأغلبية أعضاء مجلس الأمة على مبدأ المراجعة وموضوعه، يناقش المجلس مشروع القانون مادة مادة. يتم تمرير التعديل بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس. لا تدخل المراجعة حيز التنفيذ إلا بعد أن يصادق عليها الأمير ويصدرها بصرف النظر عن أحكام المادتين 65 و66. ومن ناحية أخرى، إذا تم رفض اقتراح التعديل من حيث المبدأ أو الموضوع، فلا يجوز إعادة تقديمه. قبل مضي سنة من تاريخ رفضها.
هل يمكن للديمقراطية أن تتعزز خارج العمل الحزبي؟
رغم تنصيص الدستور الكويتي على أن النظام المعتمد ديمقراطي، الا أن الكويت منذ عقود تصنف على انها ديمقراطية جزئية وذلك بسبب محدودية ممارسة حق المشاركة السياسية وحريات التعبير السياسي.
وقد نص الدستور على إمكانية تعديل الدستور بما يتوافق مع تعزيز الحقوق والحريات، وهو ما لم يستطع التحقق بعد في ظل صعوبة شروط تعديل الدستور. ويشترط تعديل الدستور حسب المادة 174 موافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي وتصديق الأمير”للأمير ولثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه، أو إضافة أحكام جديدة إليه”.
على صعيد آخر، برزت مطالبات طيلة العقد الماضي من بعض رموز المعارضة في الكويت بإشهار الأحزاب. حيث يقيد الدستور حسب المذكرة التفسيرية المادة 43 حرية ممارسة العمل الحزبي فيما لا يحظرها في الوقت نفسه. فحسب المذكرة التفسيرية للدستور “يقر الدستور مادة حرية تكوين الجمعيات والنقابات دون النص على “الهيئات” التي تشمل في مدلولها العام بصفة خاصة الأحزاب السياسية، وذلك حتى لا يتضمن النص الدستوري الإلزام بإباحة إنشاء هذه الأحزاب، كما أن عدم إيراد هذا الإلزام في صلب المادة ليس معناه تقرير حظر دستوري يقيد المستقبل لأجل غير مسمى ويمنع المشرع من السماح بتكوين أحزاب إذا رأى محلا لذلك، وعليه فالنص الدستوري المذكور لا يلزم بحرية الأحزاب ولا يحظرها، وإنما يفوض الأمر للمشرع العادي دون أن يأمره في هذا الشأن أو ينهاه”. وبالتالي كانت هناك دعوات لتوضيح هذه المادة من أجل زيادة حرية ممارسة العمل والمشاركة في الحياة السياسية.
أبرز التعديلات المطلوبة في الدستور
المذكرة التفسيرية للدستور (التصوير العام لنظام الحكم) ألمحت الى إمكانية تطوير النظام السياسي لما يحقق الاستقرار والديمقراطية. فحسب المذكرة “يتلمس الدستور في النظام الديمقراطي الذي تبناه طريقا وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع ميل أكبر(…) نحو أولهما من أجل ألا يفقد الحكم طابعه الشعبي في الرقابة البرلمانية أو يجافي تقاليد الشورى والتعقيب السريع على أسلوب الحكم وتصرفات الحاكمين”. وحاول الدستور الكويتي وضع نظام يتجنب عيوب النظام البرلماني ويستفيد من ميزات النظام الرئاسي وهو ما يعرف بنظام الحكم المزدوج. الا ان هذا النظام أظهر بدوره محدودية في ضمان استقرار العمل السياسي والإنجازات التي يتطلع لها الكويتيون. وقد أوضحت المذكرة التفسيرية دواعي إرساء النظام المزدوج خشية انحراف الأحزاب في ظل النظام البرلماني عن وحدة الدولة وخدمة المواطن والبرامج السياسية وتهديد الحكم الديمقراطي. ويبرر مشرع النص الدستوري طبيعة النظام السياسي في الكويت حسب المذكرة التفسيرية بأنه “خير النظم الدستورية هو ذلك الذي يوفق بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي بالأسلوب المزدوج[14].
وبرزت مطالبات بتوسيع اختصاصات مجلس الأمة الرقابية والتشريعية لتمتد لحق التصويت على الحكومة بما يتعارض مع المادة 102 من الدستور التي توضح أنه “لا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة برئيس مجلس الوزراء”.
وبمقتضى المبادئ الدستورية فإن من يملك آلية تغيير شخص رئيس الحكومة هو الأمير فله الحق في تعيين من يراه مناسباً، وله الحق في أن يعفيه ويأتي بآخر بدلاً منه، كما أن مجلس الأمة يمكنه مطالبة الأمير بتغيير شخص رئيس الوزراء إذا قدم أي نائب استجواباً لرئيس الوزراء وقدم بعده كتاب عدم التعاون، وحظي بالأغلبية النيابية فيرفع الكتاب إلى الأمير ومن حقه وفق المادة 107 من الدستور إما إقالة الحكومة واختيار رئيس وزراء جديد أو الإبقاء على رئيس الوزراء القديم أو حل مجلس الأمة.
كما نادت المعارضة خلال العقد الماضي بتعديل المادة 80 من الدستور لزيادة أعضاء مجلس الأمة، وعدم اعتبار الوزراء غير المنتخبين أعضاء بحكم وظائفهم، وتعديل المادة 98 لمصلحة وجوب حصول الحكومة على ثقة المجلس، بناء على البرنامج المقدم منها قبل مباشرة أعمالها. وطالبت بتنظيم العلاقة بين الحكومة والمجلس بهدف توسيع صلاحيات البرلمان في الرقابة والنفاذ للمعلومة والتصويت على اختيار الحكومة حسب برنامج واضح. وهو ما يتعارض مع المادة 98 من الدستور التي لا تربط التصديق على الحكومة بالتصويت على برنامج سياسي، حيث تنص المادة على أن” تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج”. كما طالبت بتعديل قانون الانتخاب يتبنى نظام الانتخاب النسبي ضمن دائرة انتخابية واحدة، يكون أكثر عدلاً ويتيح فرصة لتجاوز الآثار السلبية للفرز الطائفي والقبلي والفئوي.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
الهوامش:
[1] أنظر الدستور الكويتي، المادة 175، https://www.constituteproject.org/constitution/Kuwait_1992.pdf?lang=ar
[2] أنظر الدستور الكويتي، المادة 176، https://www.constituteproject.org/constitution/Kuwait_1992.pdf?lang=ar
[3]أنظر تقرير منظمة العفو الدولية 2020، https://www.amnesty.org/en/location/middle-east-and-north-africa/kuwait/report-kuwait/
[4] أنظر دستور الكويت، http://hrlibrary.umn.edu/arabic/Kuwait_Con.html
[5] أنظر معلومات حول سكان الكويت، البوابة الرسمية، https://e.gov.kw/sites/kgoarabic/Pages/Visitors/AboutKuwait/KuwaitAtaGlanePopulation.aspx[6] أنظر دستور الكويت، https://www.constituteproject.org/constitution/Kuwait_1992.pdf?lang=ar
[7] Shafeeq Ghabra, At the Crossroads of Change or Political Stagnation, May 20, 2014, https://www.mei.edu/publications/kuwait-crossroads-change-or-political-stagnation
[8] Fatiha Dazi‑Heni, The Arab Spring Impact on Kuwaiti “Exceptionalism”, Impacts du « Printemps arabe » sur l’« exceptionnalisme » koweïtien, Arabian Humanities, 2015, https://doi.org/10.4000/cy.2868, https://journals.openedition.org/cy/2868
[9] أنظر دستور الكويت، المادة 102، https://www.constituteproject.org/constitution/Kuwait_1992.pdf?lang=ar
[10] Submission for the 35th, Session of the Universal Period Review, The State of Kuwait, 2015-2020, International Association of Democratic Lawyers (IADL), https://iadllaw.org/newsite/wp-content/uploads/2019/07/IADL_UPR35_KWT.pdf
[11] Kuwait report 2020, HRW, https://www.hrw.org/world-report/2020/country-chapters/kuwait#
[12] BADER AL-SAIF, As elections near, among the country’s priorities will be to address the shortcomings of its political system and its identity, November 27, 2020, https://carnegie-mec.org/diwan/83318[13] أنظر تصريح رئيس مجلس الأمة الأسبق جاسم الخرافي، https://www.kuna.net.kw/ArticlePrintPage.aspx?id=1723217&language=ar
[14] أنظر المذكرة التفسيرية لدستور الكويت، http://www.kna.kw/clt-html5/run.asp?id=51