– رصد زيادة مشاعر القلق بين الطلبة الأجانب المبتعثين في الدول الموبوءة
– مخاطر جدية على الحالة النفسية للطلبة العالقين
– عودة بعض الدول الموبوءة الى الحياة الطبيعية قريباً يمثل تهديدا على الطلبة
الكويت، 19 ابريل 2020(csrgulf): ألاف الطلبة الكويتيين المبتعثين في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الموبوءة بفيروس كورونا المستجد (covid 19) قد يعودون الى البلاد حاملين أضرارا نفسية حادة بعد أن تعرضوا لحالة من الخوف الشديد تضاعفت في ظل بعدهم عن أسرهم وذلك أثناء معايشتهم للتطورات الأخيرة والكارثية لتفشي العدوى في الدول التي يقيمون فيها.
وقد تكون مغادرة الطلبة المبتعثين للولايات المتحدة وأوروبا في أسرع وقت الخيار الأفضل لتجنب التعرض لمخاطر أهمها زيادة التعرض لاحتمالات تفشي العدوى عقب قرب إعادة فتح بعض البلدان على غرار أميركا ودول أوروبية لاقتصاداتها والتخفيف من إجراءات الحجر الصحي فيها، فضلاً عن توقع تضاعف معدلات الاكتئاب لدى المبتعثين المغتربين بسبب الخوف من العدوى وعدم وضوح مسار استكمال الدراسة والبعد عن العائلة، وذلك ما قد يقلص من الرفاه النفسي ويراكم الضغوط النفسية ومشاعر القلق لدى الطلبة على غرار المبتعثين الكويتيين في الدول الموبوءة.
وحسب رصد أعده مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) لواقع التحديات المفروضة على الطلبة الأجانب المبتعثين للدراسة في الدول الموبوءة فان التأخر في اجلائهم وزيادة مكوثهم في هذه الدول قد يعرض حياتهم وصحتهم النفسية الى خطر يتزايد بزيادة غموض نهاية الوباء.
واعتماداً على دراسة تطور الوضع الوبائي في الكويت تعتبر البلاد شأنها شأن باقي دول الخليج عموماً مع بعض التفاوت البسيط من بين أكثر المناطق في العالم أماناً وأقلها خطرا على حياة الطلبة المبتعثين قياسا لفترة ظهور الفيروس ومقارنة بسرعة وتيرة انتشاره في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والتي تعادل نحو أكثر من 550 ضعف معدل الحالات المكتشفة يومياً في الكويت ودول الخليج منذ تعرضها للجائحة. فعلى الرغم من زيادة حالات المصابين بالفيروس الا أن احصاء الحالات الجديدة منخفض بشكل كبير مقارنة مع الدول الموبوءة المحتضنة للطلبة المبتعثين.
ويواجه الطلبة الأجانب عموماً بينهم العرب والخليجيون والكويتيون في الولايات المتحدة وأغلب دول أوروبا خاصة الموبوءة بفيروس كورونا المستجد مخاطر جدية تتهدد سلامتهم في ظل مخاوف من زيادة تفشي الوباء سريرياً وبشكل صامت بسبب توقع تخفيف الاجراءات الوقائية والحظر مع مساعي أغلب هذه الدول لاستئناف الحياة الطبيعية وفتح اقتصاداتها في أقرب وقت ممكن بدافع الحفاظ على مصالحها الحيوية.
وفي ظل عدم اليقين باتجاهات تفشي الوباء الغامض والمتحول وسريع الانتشار، تصر الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال على تسريع إعادة فتح اقتصادها على الرغم من كم كبير من الانتقادات الداخلية. وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض إعادة فتح الولايات الأمريكية كأمر واقع في ظل حرب سياسية بين ترامب وبين الديمقراطيين في خضم السباق الرئاسي المبكر. وفي حين عارض بعض حكام بعض الولايات قرار إعادة الفتح بمبرر المخاوف من زيادة انتشار العدوى خاصة وأن الولايات الأميركية تمر بفترة الذروة، يمضي ترامب بغض النظر عن التوصيات العلمية أيضاً الى تحمل مخاطر قرار إعادة الفتح ما قد ينجر عنه احتمال زيادة انتشار أكبر للوباء كما يحذر من ذلك كبير مسؤولي الصحة في أميركا، وهو ما قد يكون تهديدا حقيقياً لسلامة الطلبة المبتعثين العالقين في الولايات الأمريكية. وكان كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فوسي، حذر من وجود “خطر غير عادي” من انتشار الفيروس التاجي المدمر إذا أعيد فتح الاقتصاد في الولايات المتحدة وعاد الناس للشعور بالحياة الطبيعية بسرعة كبيرة مع حلول 1 مايو، كما يفكر الرئيس دونالد ترامب[1].
وتعتقد تقارير أمريكية أنه لا يمكن اعتبار إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي واستئناف الحياة الطبيعة اليومية قرار صائباً وآمناً الا بزيادة اجراء اختبارات لأكثر عدد ممكن من المواطنين[2] للكشف عن المصابين ومدى انتشار الوباء وذلك بسبب طبيعة غموض أعراض الفيروس عند الكثير من المصابين وزيادة القلق من احتمال نقل العدوى بين الأشخاص بدون معرفتهم أنهم حاملين للفيروس.
إصرار أميركي للحفاظ على المصالح الاقتصادية يراه البعض مخاطرة قد تعرض ملايين المقيمين في أميركا بينهم الطلبة لزيادة تفشي العدوى، في حين تريثت دول عديدة أخرى في إعادة فتح اقتصادها كالصين سابقا على الرغم من سيطرتها على الوباء كما تزعم. فضلاً عن تمهل دول أوروبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والتي تعتبر بين أهم الوجهات المستقبلة للطلبة المبتعثين العرب والخليجين بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وبشكل عام فقد تصاعد القلق حول مصير الطلبة الأجانب في الولايات المتحدة، ورجحت بعض التقارير الأمريكية احتمال فقدان جامعات كبيرة للكثير من الطلبة في ظل التحول لخيار التعليم عن بعد في المرحلة المقبلة ما سيغير بشكل عميق مشهد التعليم العالي لسنوات مقبلة[3].
وفي حين نجح بعض الطلبة من جنسيات مختلفة مغادرة الدول الموبوءة والعودة الى أسرهم، قد يزيد بقاء الطلبة العالقين في أمريكا من شعورهم بالضغط والخوف بسبب عدم معرفة مصير الوباء ومدى تفشيه[4]. ويعاني الكثير من الطلبة مشاعر خوف وقلق متزايد يضاعفها بعدهم عن أهلهم في هذه المحنة حسب شهادات بعض الطلبة الأجانب[5]. وتسببت حالة ذروة انتشار العدوى في الولايات المتحدة في بعض الضيق والقلق لدى عدد من الطلبة، خاصة الذين قد لا يتمكنون من العودة إلى وطنهم[6]. وحسب أحدث استطلاعات الراي في أميركا فان نحو أكثر من 36 في المئة من المقيمين في الولايات المتحدة أعربوا أن الجائحة أحدثت “تأثيرا خطيرا” على صحتهم النفسية والعقلية نتيجة زيادة الشعور بالقلق من الوباء وتداعياته[7]. وتسهم المخاوف من التعرض للعدوى في زيادة الشعور بالاكتئاب خاصة في ظل القيود المفروضة وارتفاع عدد الوفيات في الولايات المتحدة وأوروبا وهو ما قد يزيد من الشعور بمشاكل نفسية كان بالإمكان احتوائها إذا كان الطالب بين أسرته وليس مغترباً في هذه الظروف.
الطلبة المبتعثين في أوروبا يواجهون مصيراً فوضوياً
في الدول الأوروبية التي تستقطب عدد كبيرا من المبتعثين العرب والكويتيين تأثرت حياة الطلبة بشكل كبير، حيث أنهم عرضة للقلق والضغوط النفسية مثلهم مثل أغلب الطلبة الأجانب الدارسين في أوروبا. ومثل هذه الضغوط قد تؤثر حتى على رفاههم النفسي وتركيزهم أثناء مواصلة تعليمهم من البيوت عن بعد أو حتى أثناء اجراء الامتحانات التي من المرجح تأجيلها للخريف دون أي تأكيد أو وضوح يذكر حول ذلك الى اليوم.
وحيث لا يوجد تعليم أو امتحانات وجهاً لوجه للحد من انتشار الفيروس بعد قيام العديد من الجامعات بتعليق أي أنشطة داخل الحرم الجامعي مثل المحاضرات، يزيد قلق الطلبة إزاء نجاعة الدروس عبر الإنترنت واحتمالات تأجيل الامتحانات وتقديم الأطروحات مما قد يؤخر منح الدرجات. كما يزيد عدم وضوح سير الدروس في الدول الأوروبية مستقبلاً من واقع عوامل التوتر للطلبة ويؤثر على قدرتهم على التخطيط للمستقبل[8].
في بريطانيا على سبيل المثال تسبب وباء فيروس كورونا في ترك الطلاب الأجانب في حالة اضطراب، حيث تقطعت السبل بالآلاف من الطلاب في الجامعات في جميع أنحاء المملكة المتحدة نتيجة عواقب الظروف الحالية وبعضهم أصبحوا بلا مأوى والبعض الاخر عالقون. ومع اتضاح حجم وشدة الوباء في المملكة المتحدة غادر في الأيام الأخيرة الكثير من الطلبة إلى أوطانهم من أجل سلامتهم بفضل خطط الاجلاء. وقد عزز عودتهم قرار الجامعات في جميع أنحاء بريطانيا بنشر الدروس والتقييمات للطلبة على الإنترنت، في حين يواجه الطلبة الأجانب العالقين في المملكة المتحدة مستقبلا مقلقاً في المدى المنظور[9].
ويواجه عموماً عدد من الطلبة المبتعثين في أوروبا نوعاً من “الفوضى” ناجمة عن ارتباك سلوكي عقب تقييد حركة التنقل وزيادة مشاعر الخوف من الإصابة وعدم إمكانية السفر حيث أن اغلبهم عالقون بعد الغاء الرحلات الجوية، وهو ما يعني أن صحتهم النفسية قد تكون معرضة للخطر[10] خاصة مع بعدهم عن عائلاتهم وهو ما دفع الى حث الجامعات على تقديم أكبر قدر ممكن من الدعم[11]. وما يفاقم المشكلة مواجهة الطلبة لإشارات متضاربة حول ما إذا كانوا سيبقون أو يغادرون. وأصدرت بعض الجامعات الأجنبية[12] توصيات ونصائح لطلبتها لكيفية احتواء زيادة القلق والخوف بين الطلبة الذين يتابعون مثل غيرهم تطورات جديدة يوميا عن Covid-19.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
الهوامش:
[1] Ken Bredemeier, Fauci: ‘Extraordinary Risk’ of Further COVID Spread If US Reopens Too Soon, VOA, April 12, 2020, https://www.voanews.com/science-health/coronavirus-outbreak/fauci-extraordinary-risk-further-covid-spread-if-us-reopens-too
[2] Dan Mangan,The US economy can’t reopen without widespread coronavirus testing. Getting there will take a lot of work and money, CNBC, APR 16 2020, https://www.cnbc.com/2020/04/16/coronavirus-testing-needs-to-be-widely-done-before-economy-reopens.html
[3] Anemona Hartocollis, After Coronavirus, Colleges Worry: Will Students Return, New York times, April 15, 2020, https://www.nytimes.com/2020/04/15/us/coronavirus-colleges-universities-admissions.html
[4] Lindsay Schnell, To stay in America, or go home? Coronavirus pandemic brings stress, fear for international students, USA TODAY, 20 March 2020, https://www.usatoday.com/story/news/nation/2020/03/19/coronavirus-international-students-america-china/2882300001/
[5] المرجع نفسه
[6] Aliah Williamson, Tuition costs, graduation among concerns for international students affected by coronavirus outbreak, Feb 27, 2020, https://www.wdtn.com/news/local-news/tuition-costs-graduation-among-concerns-for-international-students-affected-by-coronavirus-outbreak/
[7] Carlie Porterfield, 36% Of Americans Say Pandemic Has Made A ‘Serious Impact’ On Their Mental Health, Forbes, Apr 2, 2020, https://www.forbes.com/sites/carlieporterfield/2020/04/02/coronavirus-36-of-americans-say-pandemic-has-made-a-serious-impact-on-their-mental-health/#b2d35e06c8e9
[8] Study.eu, Impact of COVID-19 on studying abroad in Europe: Overview, gateway to universities in Europe, 8 April 2020, https://www.study.eu/article/impact-of-covid-19-on-studying-abroad-in-europe-overview
[9] Sally Weale,Thousands of students stranded at university amid UK lockdown, The Guardian, 24 Mar 2020, https://www.theguardian.com/uk-news/2020/mar/24/thousands-of-students-stranded-at-university-because-of-uk-lockdown
[10] David Matthews, International students across Europe face ‘chaos’, timeshighereducation, March 24, 2020,https://www.timeshighereducation.com/news/international-students-across-europe-face-chaos
[11] المرجع نفسه
[12] Vanderbilt, Managing Fears and Anxiety Related to Coronavirus, https://www.vanderbilt.edu/deanofstudents/managing-stress-related-to-coronavirus/