– الطواقم الطبية في خطر في ظل ذروة انتشار الوباء
– رجال الأمن والجيش بين الأكثر تعرضاً لخطر العدوى
الكويت، 26 مارس 2020 (csrgulf): اعتبرت المستشفيات والمطارات والموانئ والتجمعات الأمنية كإحدى أهم بؤر تفشي وباء كورونا المستجد (COVID19) في الدول العربية ودول العالم. وحسب رصد مقتضب قام به مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) بناء على احصائيات ووثائق منظمة الصحة العالمية، فان المستشفيات والمراكز الطبية تأتي كأكثر مراكز تفشي وباء كورونا بين الطاقم الطبي وشبه الطبي وبين المرضى أو الزوار. لتأتي المطارات والموانئ والمنافذ البرية والتجمعات الأمنية في المرتبة الثانية كأكثر الأماكن المهددة بانتشار العدوى أو نشرها.
وحسب دراسة بداية ظهور الجائحة في مدينة ووهان الصينية فان المستشفيات والطواقم الطبية صنفت كأكثر الجهات تضررا بالوباء وأكثرها أيضا تسبباً في انتشار العدوى حيث دفع العشرات من الأطباء والممرضين حياتهم عند بداية تفشي الجائحة[1]. وفي حين بلغت آخر احصائيات عدد المصابين بالعدوى والذين يقتربون تدريجياً وبشكل سريع من عتبة نصف مليون في نحو 196 دولة[2]، يخضع في المقابل الالاف من عناصر الطواقم الطبية حول العالم للحجر الصحي بسبب تفشي العدوى خاصة من مرضى لم يتم تشخيصهم بالشكل الكافي من أعراض الوباء عند دخول المستشفيات.
وعادة ما يكون الطاقم الطبي والعاملون في المؤسسات الصحية أول المتضررين بعدوى الأوبئة حسب منظمة الصحة العالمية[3] رغم إجراءات الوقاية والتعقيم من الفيروسات والجراثيم، حيث أن الفيروسات الوبائية وخاصة الغامضة على غرار فيروس كورونا، تعتبر سريعة الانتشار ولها القدرة على التكيف مع البيئة التي توجد بها. كما أن قدرة مقاومة الفيروس على البقاء على قيد الحياة في أماكن وعلى أسطح مختلفة[4] قد يستوجب جهدا مضاعفاً للتعقيم كل ساعة في المؤسسات الصحية التي تستقبل مئات المواطنين الزوار والمرضى يومياً.
ويواجه المئات من الأطباء والمساعدين والممرضين والعاملين في الصحة زيادة خطر الإصابة بعدوى كورونا[5] عبر العالم وخاصة في الدول الفقيرة وقد يزيد عددهم مع تطور انتشار الوباء، وخاصة من يشرفون على علاج المصابين. لكن تبقى النظرة المستقبلية مقلقة حول مصير الأطباء في الدول الفيرة والتي تعاني مؤسساتها الصحية من نقص شديد في معدات الوقاية من الأوبئة والتعقيم وطرق التعامل مع الفيروسات الخبيثة مثل (كوفيد 19). وهو ما يقود الى احتمال تسجيل كارثة إنسانية في دول مثل اليمن وسوريا وليبيا والصومال ودول أفريقية أخرى تعاني نقص تجهيزات الطوارئ.
في إيران على سبيل المثال التي تصنف كأكثر دول في الشرق الأوسط تضررا بالوباء، تم رصد خسائر بشرية سواء من ناحية الوفيات أو الإصابات بين أفراد الطاقم الطبي[6] في ظل ذروة انتشار العدوى. الى ذلك تضررت المئات من الطواقم الطبية في أوروبا وخاصة إيطاليا التي استنجدت بطواقم طبية من الخارج خاصة من الصين وكوبا وروسيا.
إقامة مستشفيات خاصة او متنقلة بمرضى كورونا أمر حيوي يقلص من انتشار العدوى
حسب رصد المركز فان مستشفيات جامعية ومجمعات ومدن طبية متعددة الاختصاصات مهددة بان تتحول الى بؤر لانتشار عدوى وباء كورونا في العالم العربي خاصة، حيث بات ملحاً اتباع تجربة الصين في إنشاء مستشفيات خاصة بعلاج المصابين بالوباء أو مستشفيات متنقلة من خلال إمكانية تحويل فنادق الى مستشفيات وقتية مختصة بمرضى الـ”كورونا”.
وفي حال إبقاء بعض الدول العربية على علاج المصابين في أقسام الطوارئ بالمستشفيات العادية، يتزايد خطر انتقال العدوى بشكل مضاعف في الفترة المقبلة وهو ما يتهدد حياة ألاف المرضى والطواقم الطبية.
وقد بات خيار عزل مرضى الوباء في مستشفيات خاصة وغير مختلطة ضرورة حيوية تضاهي أهميتها درجة الأمن القومي للحد من اختلاط مرضى كورونا بالمرضى العاديين المصابين بأمراض أخرى أو بالطواقم الطبية الأخرى، حيث بات خطر انتقال العدوى بشكل أكبر يتفشى من المستشفيات غير المخصصة لعلاج المصابين بمثل هذه الأوبئة سريعة الانتقال والعدوى.
تقلص أعداد الطواقم الطبية يهدد حياة مصابين بأمراض اخرى
قد يمثل التوجه لإقامة مراكز علاج وقتية وتجهيزها بأسرّة إنعاش ومعدات طبية خاصة أمرا مهماً للتقليص من تعريض ألاف من أفراد الطاقم الطبي لخطر اصابتهم بالعدوى أو حجرهم صحياً وهو ما سيهدد حياة آخرين خاصة المصابين بأمراض مزمنة أخرى سيواجهون خطرا داهما بتقلص عدد الأطباء والممرضين الذي قد يضطر عدد منهم للتوقف عن مزاولة مهنتهم بسبب الحجر الصحي الاجباري في حال الاختلاط بمرضى كورونا.
وفي حين ظهرت المستشفيات كأول الأماكن التي تزيد بها مخاطر العدوى، برزت المطارات ومختلف المنافذ الحدودية والناقلات الجوية والبحرية والبرية كأكثر الأماكن المحتملة لاحتضان وتفشي الوباء الوافد من الصين.
المطارات بين أكثر الأماكن مهددة بـ”العدوى الصامتة”
وأثبتت دراسات أنه لا مفر من انتقال “عدوى الوباء الصامتة” الى دول كثيرة على غرار دول العالم العربي حتى قبل الإعلان رسمياً عن الإصابات الأولى في هذه البلدان واتخاذ إجراءات الوقاية كإغلاق المجال الجوي البري والبحري وتعليق السفر. اذ يبدو أن مثل هذه الإجراءات أتت متأخرة عن ظهور الوباء الذي تفشى بشكل كبير في الولايات المتحدة جراء انتقال العدوى خاصة عبر المسافرين والمطارات[7]. وبالتالي قد يكون هناك أأأااتتلاف المصابين بـ”العدوى الصامتة” من خلال المطارات والموانئ والمعابر البرية أو عبر الطائرات او الحافلات او السفن في الأشهر التي سبقت الحجر الصحي في عدد من الدول العربية وغير العربية.
وكانت دراسة علمية أثبتت أن السفر الدولي والوطني يساعد على الانتشار السريع للأمراض المعدية. حيث أن حركة مرور المسافرين في المطارات على سبيل المثال يمكنها أن تسهم في نقل عدوى التهابات الجهاز التنفسي، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية والأوبئة[8]. وتم التوصل الى أن الفيروس المعدي قد ينتقل عبر تلوث أسطح في مواقع متعددة في المطار مرتبطة بمعدلات اللمس العالية[9]. ومن بين الأسطح التي تم اختبارها، برز خطر الصناديق البلاستيكية المستعملة في المطارات لفحص الامتعة حيث يبدو انها تشكل مخاطر محتملة عالية لنقل العدوى، اذ أن التعامل معها أمر لا مفر منه لجميع الركاب.
رجال الأمن والجيش في الصف الأول لمواجهة الوباء
على صعيد آخر، اعتبرت قوات الأمن والجيش أكثر المتدخلين في حالات الطوارئ الصحية المعلنة في أكثر من 190 بلداً، حيث تم الاستعانة بهم في أكثر من دولة لفرض الحجر الصحي وحظر الجولان. وأدت عناصر الجيش من جنود وضباط أدوارا حيوية في عدد من الدول باعتبار وجودها في الصفوف الأولى في المهمات الإنسانية والاغاثية أو خلال نقل جثث المصابين بالأوبئة ودفنها وسط إجراءات وقائية مشددة كما حدث في جل الدول التي اجتاحتها العدوى بفيروس كورونا.
ونظرا لأن الجائحة غير مسبوقة في العصر الحديث ولكون عناصر الجيوش الأكثر تضررا بالأوبئة على امتداد تاريخ الجوائح التي ضربت البشرية، برزت أهمية معرفة إجراءات حماية رجال الأمن والجيش من احتمالات انتقال العدوى أثناء أداء مهماتهم أو مخاطر نقلهم للعدوى لزملائهم أو أسرهم خاصة أنهم يعملون في شكل تجمعات. فرضية القلق والمخاوف على عناصر الجيش خلال مقاومتها للوباء تبررها وفاة اثنين من جنرالات الجيش المصري جراء الإصابة بعدوى فيروس كورونا[10] وهو ما يفضي الى الاهتمام بإجراءات حماية رجال الأمن وجنود وضباط الجيوش من هذه الوباء الغامض.
وتمثل المجمعات الأمنية والعسكرية احدى أهم الأماكن التي تواجه مخاطر التأثر بالعدوى. اذ ثبت تاريخياً، أن الأمراض المعدية قد تؤثر على التجمعات والمجمعات الأمنية والعسكرية خاصة التي يتواجد بها عناصر كثيرة[11] وهو ما يقضي بضرورة إعطاء أولوية قصوى لحماية الأمنيين والجنود من مخاطر العدوى. وفي ورقة بحثية ناشد خبراء في منظمة الصحة العالمية الحكومات بأهمية تعزيز الصحة العامة لرجال الأمن والجيوش ومنع اصابتهم بالعدوى أثناء الأوبئة[12]. كما شددوا في الوقت نفسه على اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لمنع خطر انتقال العدوى الى عناصر الجيوش ورجال الأمن الذين يقومون بأدوار اغاثية في حالات الطوارئ الإنسانية ونبهت أيضاً من احتمالات نقل العوامل المعدية إلى السكان المدنيين.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
الهوامش:
[1] Bloomberg News, Doctors in China Say They’re Not Protected From Coronavirus Infection, 8 février 2020, https://www.bloomberg.com/news/articles/2020-02-08/china-s-sick-doctors-show-how-infection-breaches-fan-coronavirus
[2] احصائيات تطور جائحة كورونا المستجد، https://www.worldometers.info/coronavirus/
[3] Blueprint for R&D preparedness and response to public health emergencies due to highly infectious pathogens WORKSHOP ON PRIORITIZATION OF PATHOGENS 8-9 December 2015, https://www.who.int/blueprint/what/research-development/meeting-report-prioritization.pdf?ua=1
[4] Coronavirus Disease 2019 Basics, https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/faq.html
[5] CDC Summary, Coronavirus Disease 2019 (COVID-19), 21 March 2020, https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/cases-updates/summary.html
[6] Najmeh Bozorgmehr and Monavar Khalaj in Tehran, Exhausted Iranian healthcare workers at risk, FT, MARCH 20 2020, https://www.ft.com/content/9418125e-6839-11ea-800d-da70cff6e4d3
[7] أنظر غلوبال فلايت، https://www.flightglobal.com/safety/chicago-midway-airport-control-tower-closes-due-to-coronavirus-infection/137350.article
[8] Niina Ikonen, Carita Savolainen-Kopra, Joanne E. Enstone, Ilpo Kulmala, Pertti Pasanen, Anniina Salmela, Satu Salo, Jonathan S. Nguyen-Van-Tam, Petri Ruutu & for the PANDHUB consortium, Deposition of respiratory virus pathogens on frequently touched surfaces at airports, Research article, BMC Infectious Diseases volume 18, Article number: 437 (2018), https://bmcinfectdis.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12879-018-3150-5
[9] Niina Ikonen, Carita Savolainen-Kopra, Joanne E. Enstone, Ilpo Kulmala, Pertti Pasanen, Anniina Salmela, Satu Salo, Jonathan S. Nguyen-Van-Tam, Petri Ruutu & for the PANDHUB consortium, Deposition of respiratory virus pathogens on frequently touched surfaces at airports, Research article, BMC Infectious Diseases volume 18, Article number: 437 (2018), https://bmcinfectdis.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12879-018-3150-5
[10] AFP, Virus kills 2 senior military officers in Egypt, 23 March 2020, https://www.france24.com/en/20200323-virus-kills-2-senior-military-officers-in-egypt
[11] Smallman-Raynor MR, Cliff AD. Impact of infectious diseases on war, Infect Dis Clin N Am, 2004, vol. 18 (pg. 341-68)
[12] Jean-Paul Chretiena, David L Blazesb, Rodney L Coldrenc, Michael D Lewisd, Jariyanart Gayweec, Khunakorn Kanac, Narongrid Sirisopanac, Victor Vallejosb, Carmen C Mundacab, Silvia Montanob, Gregory J Martinb, Joel C Gaydosa,The importance of militaries from developing countries in global infectious disease surveillance, WHO, https://www.who.int/bulletin/volumes/85/3/06-037101/en/