الكويت، 15 مارس 2020(csrgulf): تسجل الكويت أعلى مؤشرات التضامن والوحدة بين حكومتها وشعبها وبين مواطنيها لم تشهد ذروتها منذ الغزو العراقي في عام 1990 في ظل حرب وقائية شاملة ضد وباء (كورونا) أو (كوفيد 19) تقودها الدولة منذ عشرين يوماً بالتعاون مع القطاع الخاص والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد من أجل تحصين السكان وتطويق انتشار العدوى والقضاء على الوباء.
وفي مقابل أزمة اقتصادية واجتماعية ونفسية تخلّفها زيادة القيود والمخاوف من انتشار عدوى وباء (كورونا) في الكويت والذي ولّد لدى الكثيرين مشاعر ذعر وهلع غير مسبوقة، زادت مؤشرات التضامن والتآزر والتراحم والتعاون بين مختلف مكونات مجتمع الكويت بشكل غير مسبوق لم يحدث بالزخم نفسه الا أيام مقاومة الغزو العراقي في عام 1990 وتحرير البلاد في بداية عام 1991.
وحسب رصد لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) تتقدم الكويت في حربها الوقائية ضد فيروس (كورونا) بوتيرة سريعة بفضل مستوى تعاون واستنفار تاريخي وغير مسبوق بين الحكومة والمؤسسات السيادية في البلاد مع مشاركة القطاع الخاص والجمعيات ومكونات المجتمع المدني الكويتي لمكافحة العدوى وشفاء المصابين بوباء (كوفيد 19) على الرغم من تسجيل ضعف في الدور التوعوي للإعلام الكويتي التقليدي والجديد للتعريف بالوباء ومجابهته وخصوصيته في ظل مجتمع مكون من جنسيات وأعراق مختلفة أغلبها آسيوية.
وحسب مسح جزئي ورصد تحليلي سواء لتغطية الاعلام الكويتي التقليدي أو الالكتروني لانتشار فيروس (كورونا) في البلاد أو لردود فعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت منذ بداية اعلان تسجيل أولى حالات مصابة بعدوى (كورونا) في الأسبوع الثالث من شهر فبراير الماضي، تبين أن الجهد الإعلامي تركز أكثر على نقل الخبر وتغطية مستجدات الإصابات بالفيروس، في حين كان الدور الإعلامي التوعوي والتعريفي والوقائي محدود سواء على وسائل الاعلام التقليدي والجديد أو على مواقع التواصل الاجتماعي. كما كان دور المؤثرين الإعلاميين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي محدودا في زيادة رفع الوعي بطريقة الوقاية من الفيروس.
وقد أسهم تناقل الأخبار دون توعية في تضخيم حالة الهلع والخوف ما قاد الى تزايد معدلات الشعور بالاكتئاب بين مختلف فئات المجتمع وخاصة كبار السن فضلاً عن مظاهر اجتماعية وسلوكية أخرى كبعض حالات العدوانية أو الانعزالية تعززت خاصة بعد توسيع إجراءات الحجر الصحي على وافدين الى الكويت بشكل اساس نظرا لمنشأ العدوى من الخارج.
وفي حين سجلت بعض المظاهر السلبية في التعامل مع المشتبه بإصابتهم بالوباء في الأيام الأولى التي عقبت الإعلان عن تسجيل أولى اصابات بفيروس كورونا في الكويت، سرعان ما نشأت لاحقاً “حالة من التضامن الانساني” دعمتها الحكومة ومنظمات المجتمع المدني خاصة الجمعيات الخيرية فضلاً عن مبادرات خاصة من أجل دعم وقف انتشار الوباء. وانتقلت هذه الحالة أيضاً الى مواقع التواصل الاجتماعي. اذ تبين من الرصد، أن أغلب المستخدمين والمغردين عبروا على حساباتهم وصفحاتهم عن حالة تضامن تامة مع جهود الوقاية من الوباء، وكذلك التعاون في إنجاح حالة الطوارئ الوقائية التي دخلت حيز التنفيذ وتشارك في نجاحها المؤسسات والأفراد الذين استجاب أغلبهم لتعليمات السلطات الأمنية والصحية خاصة فيما يتعلق بتوخي الحذر من التجمعات وتطبيق الحجر الذاتي والتوقف عن عادات المصافحة والسلام والعادات اليومية كالذهاب الى المساجد توقياً من نشر العدوى. وهذه الحالة من التكاتف والتعاون والتفهم التي أظهرتها جل مكونات المجتمع الكويتي دفعت الى ظهور شعور بأداء “واجب وطني” على غرار تلاحم مكونات الشعب اثناء مقاومة الغزو وأثناء التحرير.
وقد دخلت الكويت في حالة طوارئ شاملة هي الأولى في تاريخها المعاصر منذ الغزو. حيث تم تعطيل الدراسة والعمل بالقطاع العام والخاص لمدة أسبوعين وكذلك تم تعليق أغلب الرحلات الجوية وأغلقت جل المنافذ البرية والبحرية في حرب وقائية شاملة ضد فيروس (كوفيد 19) (كورونا). ومن خلال رصد ردود الفعل على حسابات مستخدمي مواقع التواصل في الكويت أبدى أغلب المواطنين والمقيمين تفهماً وتعاوناً مع تطبيق الإجراءات الوقائية فضلاً عن مبادرات اعانة من يستحقون الإغاثة رغم محدودية الوعي المجتمعي بهذا الوباء الغامض. وهنا برزت محدودية الهيئات العلمية والبحثية في التوعية والتحسيس.
وقد تضاعفت جهود التنسيق بين المؤسسات الحكومية والهيئات البحثية والعلمية والصحية بالاشتراك مع مؤسسات القطاع الخاص في كل المجالات وخاصة الصحية مع مشاركة المجتمع المدني لتنفيذ حالة طوارئ وقائية هي الأولى في تاريخ البلاد على الرغم من تسجيل بعض الارتباك في طريقة ادارة ازمة صحية وانسانية عالمية غير مسبوقة وسبل استيعاب تداعياتها المستقبلية على القطاعات الحيوية والتنموية في البلاد.
رغم ضعف الدور التوعوي للإعلام مبادرات ذاتية عبر مواقع التواصل لرفع الوعي
من خلال رصد أهم الأخبار والتفاعلات عبر وسائل الاعلام الكويتية أو مواقع التواصل في الكويت منذ 24 فبراير الى اليوم، أي طيلة عشرين يوماً منذ تسجيل اول إصابة بالوباء في الكويت قادمة من ايران، تم تسجيل زيادة تداول عبارات وتصريحات وتفاعلات تحث على التضامن وزيادة الوعي والتحسيس بين المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة على توتير، بالإضافة الى زيادة التطوع في نشر وتشارك النصح والتعريف بأعراض الوباء وكيفية الوقاية منه فضلاً عن زيادة عبارات رفض كل مظاهر التفرقة أو التمييز بين المواطنين والمقيمين والتي رصدت في بداية مواجهة هذا الوباء وتم انتقادها بشكل واسع من أغلب ناشطين مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت ما يعكس زيادة حالة وعي بالتضامن والتعاون بين كل المقيمين في البلاد لمواجهة شاملة للانتشار العدوى.
وقد رصد تعزز مبادرات ذاتية وحكومية للتحسيس بأهمية لحمة المجتمع وتعاضد الجهود لدحر الوباء. حيث لم تقتصر مساعي السيطرة على وباء كورونا على الأجهزة الحكومية بقدر ما تعززت مبادرات القطاعات الأخرى خاصة القطاع الخاص والافراد وتعززت مبادرات المنظمات والهيئات والخيرية والتطوعية لمساعدة في تمويل جهود الدولة لتحصينها من الوباء والقضاء عليه في أسرع وقت.
ولم تسجل الكويت مثل هذا المستوى المرتفع للطوارئ التي تضمنت اشكالا مختلفة من التضامن بين الدولة والافراد في الكويت منذ نحو 30 عاماً منذ الغزو العراقي للكويت.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)