– “مخطط حرب” قد يورط الكويت في صراع إيراني أمريكي
– قواعد أمريكا في الكويت محورية في أي صراع إقليمي
– 50 ألف جندي أمريكي على أهبة الاستعداد
– عشرات “الدرون” الأمريكية بقدرة صاروخية في قواعد الشرق الأوسط والخليج بما فيها الكويت
الكويت، 6 يناير 2020 (csrgulf): بعد اعلان ايران الحرب ودعوة مجلس خبراء القيادة الاستعداد والتأهب، ماذا ستفعل الكويت إذا طلبت واشنطن منها استغلال أجوائها وأراضيها لشن ضربات دفاعية أو هجومية ضد إيران التي تجمعها مع الكويت علاقات جيرة وشراكة ديبلوماسية وتجارية؟؛ هل يستخدم الجيش الأمريكي قواعده في الكويت تلقائياً بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي بين الكويت وواشنطن في حال تعرضه لهجمات ايرانية مباغتة في العراق أو في مياه الخليج؟؛ وهل يمكن تدخل مجلس الأمة لمراجعة هذه الاتفاقية إذا تعلق الأمر بالتدخل العسكري ضد خصم غير مشترك؟
هذه الأسئلة بدت مهمة في استشراف الأسوأ في متغيرات مسار التوتر ونوايا الحرب المعلنة من إيران وواشنطن على خلفية مقتل قائد فيلق القدس الفريق قاسم سليماني، وكذلك بدت هذه الأسئلة مهمة في محاولة تفسير تحركات التعزيزات الامريكية من فرقة المظليين والمارينز المتجهة الى قواعد أمريكية في الخليج وفي مقدمتها الكويت.
وفي هذا الصدد، برزت احتمالات مقلقة لفرضيات تداعيات فشل الديبلوماسية الدولية في تهدئة التوتر وضبط النفس كترجيح قيام إيران بردة فعل عنيفة بعد اعلانها الحرب يتلوها قصف أمريكي توعد به الرئيس دونالد ترامب نفسه. في هذه الحالة، تواجه الكويت احتمال خطر متصاعد وتهديد حقيقي في حال اضطرت واشنطن لاستغلال قواعدها في الاراضي الكويتية كمقر عمليات لإدارة صراع عسكري تقليدي أمريكي ايراني متوقع في الشرق الأوسط.
وحسب رصد مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) لأحدث التقارير الأمنية الأمريكية والدولية، فان الخطر الأساسي مستقبلاً على الكويت يكمن في إمكانية زج واشنطن بها بشكل غير مباشر في صراع محتمل من خلال استغلال القوات الأمريكية للأراضي والأجواء الكويتية لشن هجمات مضادة. اذ تكشف وثيقة حديثة للكونغرس الأمريكي[1] نشرت في ديسمبر الماضي توجيهات النواب للبيت الأبيض بأهمية الحفاظ على الاتفاق العسكري بين واشنطن والكويت ومحورية مستقبل دور القواعد الأمريكية في الأراضي الكويتية. اذ أثنت وثيقة الكونغرس على “محورية الكويت في الجهود الأمريكية المستمرة لتأمين منطقة الخليج بسبب تعاونها المستمر مع العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة وموقعها الرئيسي في شمال الخليج”. وتضيف أن “الكويت والولايات المتحدة لديهما اتفاق تعاون دفاعي رسمي (DCA)، بموجبه تحتفظ الولايات المتحدة بأكثر من 13 ألف عسكري في البلاد مع معدات عسكرية كبيرة لتكون قادرة على اظهار القوة في المنطقة”[2].
ويمثل تمسك المؤسسة العسكرية الأمريكية بمحورية قواعده في الكويت تحديا مستقبلياً. فمثلما توفر هذه القواعد الدعم للدفاع عن الكويت، تمثل أيضا تحديا كبيرا في حال استغلالها في صراع إقليمي تقليدي ضد إيران. ففي حال صحت فرضية هذا الصراع تصبح القواعد والقوات الأمريكية في الكويت هدفاً مباشرا لهجمات صاروخية إيرانية أو لعمليات إرهابية انتقامية تنفذها مليشيات الحرس الثوري. واستباقا لهذه الفرضية كانت واشنطن قد أعادت منذ مايو من العام المنصرم نشر بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ في الكويت التي كانت سحبتها منها عاما قبل ذلك. وهو ما يرجح استشراف أمريكيا لصراع محتمل قد يطال قواعدها في الكويت. والمقلق أكثر ما تذكره أحدث التقارير عن محدودية دقة الصواريخ الإيرانية[3] متوسطة المدى واحتمالات أن يطلق بعضها بشكل عشوائي أو عن طريق الخطأ لتكون لذلك احتمالات تداعيات غير محمودة.
القواعد الأمريكية في الكويت ودورها في أي صراع ضد إيران؟
اغتيال سليماني بصاروخ أمريكي كسر من شوكة هيبة إيران في المنطقة، ولأجل تدارك ذلك تصر قيادات الحرس الثوري على أن تنتقم بصورة موجعة واضعة نصب أعينها أهدافا عسكرية أمريكية متفرقة في الخليج ومحيطه وعلى الأرجح ان يكون الانتقام بالأداة نفسها أي بضربات صاروخية.
الانتقام الذي وعدت به إيران يبدأ باحتمال حشد حملة شعبية واسعة ووشيكة ضد التواجد الأمريكي في العراق واستهداف مقراته العسكرية والديبلوماسية، وهو ما قد يضطر الجيش الأمريكي استنادا لاتفاقية شراكة أمنية وعسكرية مبرمة مع الكويت[4] الى فرضية غير مستبعدة تقضي باحتمال لجوء واشنطن، في حال الاعتداء على مصالحها في العراق، لسحب عتادها وقواتها من القواعد العراقية واعادة نشرها بشكل وقتي في قاعدتها العسكرية بالكويت نظرا لكونها الأقرب الى منطقة الصراع المرجحة أن تنحصر بين إيران والعراق.
وكانت الكويت بمثابة المنصة الرئيسية لعمليات الولايات المتحدة والتحالف في الأراضي العراقية خلال عملية تحرير العراق أو دحر تنظيم “داعش”، كما أعتبرت من الناحية اللوجستية الوجهة الأولى للقوات والمعدات القتالية الأمريكية المنسحبة من العراق منذ 2008 والتي اكتملت في عام 2011[5].
وعلى صعيد متصل، تزيد فرضية استغلال قواعد البنتاغون في الكويت لشن هجمات حذر منها أخيرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد أهداف داخل إيران أو في العراق أو في المياه الخليجية المتاخمة للجمهورية الإسلامية من أجل اسناد الهجوم الرئيسي المحتمل أن ينطلق من حاملات الطائرات أو الغواصات أو المدمرات المنتشرة في الخليج.
وبعد قرار البنتاغون عزمه إرسال نحو 3500 من جنود المظليين من الفرقة 82 المحمولة جواً إلى الشرق الأوسط، ساعات بعد الغارة الجوية الأمريكية التي قتلت قاسم سليماني، توجه بالفعل نحو 650 من المظليين الى القاعدة العسكرية الامريكية بالكويت[6]. ومع تصاعد التوترات، أصبح أكثر من 50 ألف جندي أمريكي على أهبة الاستعداد. وهذا هو أول نشر قتالي قصير المدى للفرقة 82، بمعنى أن الجنود يغادرون خلال 18 ساعة من استدعائهم منذ غزو بنما في عام 1989. ويعطي إيلاء البنتاغون أولوية دعوة المظليين الى احتمال عمليات إنزال خاطفة لقوات أمريكية في إيران في حال تطور الصراع.
قواعد أمريكية في المنطقة بما فيها الكويت لانطلاق “الدرون” الالة الأساسية في القتال الأمريكي المستقبلي
تعول المؤسسة العسكرية الامريكية على “الدرون” في صراعها المحتمل ضد إيران، حيث يبدو انها مستعدة بالشكل الكافي لتجربة عشرات بل مئات الطائرات المسيرة بدون طيار حصيلة برنامج تطوير منذ 2013 تم إنفاق أكثر من 35 مليار دولار عليه[7]. وتخطط الولايات المتحدة بمعية بريطانيا لتطوير برنامج تصنيع نحو 25 ألف طائرة حربية بدون طيار[8]. وقد برزت الطائرات بدون طيار في الحملة الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في أغسطس وسبتمبر 2014. حيث تتمركز نحو 200 طائرة “درون” مقاتلة حاملة للصواريخ مستعدة للمشاركة في القتال ويمكنها الإقلاع من القواعد الأمريكية المنتشرة في تركيا أو الأردن أو الكويت أو الإمارات العربية المتحدة، أو من الرمادي في العراق.
ويعتمد الجيش الأمريكي بشكل متصاعد على دور الطائرات المسيرة (الدرون) في اصطياد أهداف دقيقة ومحددة، وهو سلاح موجه في المنطقة بشكل أساسي تجاه طهران[9]. وفي حين نشب صراع تقليدي بين الإيرانيين والامريكيين فستطلب الولايات المتحدة الاذن باستخدام هذه القواعد، وهنا يمكن ان تتدخل بعض برلمانات هذه الدول في حق منع استخدام أراضيها او اجوائها لاستهداف بلد جار وفق أولويات المصالح واهمية الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
[1] US Congressional Research service, Kuwait: Governance, Security, and U.S. Policy, December 4, 2019, https://fas.org/sgp/crs/mideast/RS21513.pdf
[2] US Congressional Research service, Kuwait: Governance, Security, and U.S. Policy, December 4, 2019, https://fas.org/sgp/crs/mideast/RS21513.pdf
[3] Anthony H. Cordesman, The Iranian Missile Threat, CSIS, May 30, 2019, https://www.csis.org/analysis/iranian-missile-threat
[4] U.S. Security Cooperation With Kuwait, FACT SHEET, BUREAU OF POLITICAL-MILITARY AFFAIRS, MAY 21, 2019, https://www.state.gov/u-s-security-cooperation-with-kuwait/
[5] [5] U.S. Security Cooperation With Kuwait, FACT SHEET, BUREAU OF POLITICAL-MILITARY AFFAIRS, MAY 21, 2019, https://www.state.gov/u-s-security-cooperation-with-kuwait/
[6] Steve DeVane and Rachael Riley, Fort Bragg’s hometown on edge as soldiers head to Iraq region, The Fayetteville (N.C.) Observer, Jan 4, 2020, https://www.barnstablepatriot.com/zz/news/20200104/fort-braggs-hometown-on-edge-as-soldiers-head-to-iraq-region
[7] Dan Gettinger, Navigating the Fiscal Year 2018 Budget Request, DRONES IN THE DEFENSE BUDGET, https://dronecenter.bard.edu/files/2018/01/Drones-Defense-Budget-2018-Web.pdf
[8]أنظر تقرير منظمة العفو الدولية، https://www.amnesty.org.uk/thank-you-us-deadly-drones
[9] Jonathan Burden , Will Drones Push the Middle East Past the Point of No Return?, Global risks insight, November 24, 2019, https://globalriskinsights.com/2019/11/will-drones-push-the-middle-east-past-the-point-of-no-return/