- ضعف مشاركة المرأة في الحياة السياسية أثر سلبا على تطور الممارسة الديمقراطية
- تراجع حظوظ المرأة في تعزيز تمثيلها في البرلمان بسبب أزمة ثقة في الأداء النسائي واستمرار هيمنة العنصر الذكوري على العمل السياسي وخاصة في صف المعارضة
- حقوق المرأة المتزوجة من غير كويتي لا تزال هشة
- المرأة ماتزال تصطدم بثقافة سلبية راسخة لدى جزء من المجتمع تربط العمل السياسي بالذكورية
الكويت، 28 مايو 2023 (csrgulf): حلّت الكويتيات كثاني أقل العربيات مشاركة في الحياة السياسية (العمل البرلماني والحكومي والحزبي) بعد اليمنيات. ويظهر ترتيب جديد لنسبة مشاركة النساء العربيات في العمل السياسي تأخر المرأة الكويتية المستمر منذ نحو أكثر من عقد في مؤشر ممارسة السياسة وتقلد المناصب القيادية. الحال نفسه بالنسبة لأغلب الدول العربية التي تسجل تجربة تمكين المرأة من ممارسة العمل السياسي فيها تعثرات ومعوقات.
ويبدو أن هناك شبه عزوف نسائي في الكويت عن العمل السياسي رغم التصريحات المعلنة بدعم تمكين المرأة من حقوقها السياسية. حيث أثر الجمود السياسي المستمر على الأرجح سلباً في الدوافع الذاتية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية سواء عبر ممارسة حق الانتخاب أو الترشح.
في المقابل حلت الاماراتيات كأكثر العربيات ممارسة للعمل السياسي بسبب برامج التشجيع والتدريب والتمكين التي تدعمها الدولة. في حين جاءت المغربيات ثم العراقيات ثم الموريتانيات على التوالي في المراتب الأولى بعد الاماراتيات[1]. وهو ما يعكس حضورا نسائيا لافتا في هذه الدول في العمل السياسي خاصة في المجال التشريعي أو الحكومي أو الحزبي.
لكن وان كانت النساء في هذه الدول محظوظات بوجود حوافز تدعم مشاركة المرأة في العمل السياسي، لم يحالف المرأة في دول أخرى الحظ نفسه. فقد حلّت السودانيات والسوريات والعمانيات على التوالي بعد الكويت ضمن قائمة العربيات الأقل ممارسة للعمل السياسي[2] على مستوى الحكومة والبرلمان والمؤسسات.
واعتماداً على مجموعة من البيانات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي علاوة على دراسة متغيرات تقديرية لنسبة تمثيل المرأة العربية في المجلس التشريعي ومدى حصولها على حصة متساوية مع الرجل في السلطة السياسية[3] خلال العشر سنوات الأخيرة، خلُص ترتيب تقييم مدى ممارسة المرأة للعمل السياسي في الدول العربية الى وجود تفاوت كبير بين الجنسين في العمل في هذا المجال.
ومن خلال دراسة نسب مشاركة الكويتيات في مختلف الانتخابات التشريعية خلال العقد الأخير، تبيّن أن مبادرات النساء في المشاركة في المواسم الانتخابية استمرت ضعيفة ولا ترتقي الى طموح تعزز حضور المرأة في العمل السياسي. حيث أن متوسط نسبة المرشحات في مختلف الانتخابات التشريعية لم تتعدى 10 في المئة فقط رغم التشجيع المعلن. وتصطدم المرأة بثقافة سلبية راسخة لدى جزء من المجتمع تربط العمل السياسي بالذكورية ومنطق القوة رغم أن المرأة أثبتت نجاحها في تقلد مناصب قيادية كثيرة.
ويشهد تمثيل وتمكين المرأة الكويتية في الحياة السياسية وخاصة في العمل التشريعي[4] تراجعاً مقلقاً. كما انخفض تمثيل المرأة البرلماني بقدر تعزز حضور المعارضة في المجلس التشريعي. فبقدر صعود لافت للمعارضة في مجلس الأمة خلال السنوات الماضية انخفض تمثيل المرأة البرلماني. وهذا ما يعني أن حضور المرأة في المعارضة محدود، كما يدل على أن عناصر المعارضة والذين أغلبهم من الرجال نجحوا في استقطاب أصوات المرأة حتى وان كانت أولوياتهم لا تنسجم تماما مع خدمة قضايا المرأة.
بسبب ضعف مشاركة المرأة في العمل السياسي لم تحرز الكويت أي تقدم أو تطور في أداء الحقوق السياسية منذ 2004، حيث بقي رصيدها ثابتا دون تغيير وفق تصنيفات منظمات دولية كثيرة أبرزها فريديوم هاوس ومنظمة العفو الدولية . وهذا يعود أساسا للجمود الحاصل في ممارسة المرأة لحقوقها السياسية رغم بعض التطور الحاصل. لكن يبقى تمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في المجال السياسي ومراكز اتخاذ القرار ضعيفا وتحسنه بطيئا. وجراء التعثر في دعم ممارسة المرأة لحقوقها السياسية والمدنية، ظلّ تطور الممارسة الديمقراطية في الكويت يرواح مكانه دون احراز تقدم ملحوظ.
على صعيد آخر تعترض المرأة الكويتية عراقيل اجتماعية وقيود مجتمعية من شأنها تعطيل تحفيز المرأة من الحضور في المؤسسات التمثيلية خاصة البرلمان في ظل عدم اعتماد نسبة تمثيل كوتا للمرأة في مجلس الأمة.
وفي حين تمثل الكويتيات النسبة الأكبر من اجمالي الناخبين، يبقى وصول التمثيل النسائي في البرلمان متعثرا. تبلغ نسبة عدد الناخبات نحو 55% من مجموع الناخبين وهذا يعطي للمرأة دور حاسما في تحديد هوية من يصل لمجلس الأمة. ورغم أن جزء كبيراً من النساء تخلّص من القيود أو الضغوط العائلية في الذهاب للتصويت أو اختبار المرشح الأنسب، الا أن نسبة هامة أخرى ما تزال تخضع لاعتبارات الأسرة والانتماءات الطائفية والقبلية.
وان ساعد ارتفاع نسبة التعليم بين الاناث على التحرر تدريجياً من الوصاية الأسرية والضغوط المجتمعية وتقليص التأثير المباشر على خيارات المرأة في التصويت للمرشح الأصلح، الا أن المرأة ماتزال لا تحظى بالدعم والتمكين الكافي من المجتمع قبل السلطة. وتبقى أصوات الكويتيات موضوع حالة استقطاب عالية في فترات الانتخابات من خلال شعارات دعم حقوقها. اذ أن تأثير الاستقطاب الطائفي والقبلي والنفوذ الأسري وسلطة المجتمع الذكوري عوامل تبقى من أهم معوقات تعزيز حضور المرأة في المؤسسات السياسية كمجلس الأمة.
ورغم تبني قضايا المرأة في شعارات المرشحين وبرامج الانتخابية لكن يبقى تفعيل حقوق المرأة ضعيفاً خاصة المرأة المتزوجة من غير كويتي. وبذلك يبقى حضور المرأة في الحياة السياسية محتشماً رغم دعوات تحفيز دور المرأة في العمل السياسي. كما لا تحظى المرأة بالثقة الكافية بين جمهور الناخبين لممارسة العمل السياسي.
2023 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] أنظر أسفل الجدول
[2] أنظر أسفل الجدول
[3] Bastian Herre, This dataset provides information on democracy and human rights, using data from the Varieties of Democracy project (v12), and the Regimes of the World classification by Lührmann et al. (2018), https://ourworldindata.org/regimes-of-the-world-data, https://ourworldindata.org/grapher/women-political-participation
[4] Women’s political participation, Kuwait, 1789 to 2022, Based on the expert assessments and index by V-Dem, https://ourworldindata.org/grapher/women-political-participation?tab=chart®ion=Asia&country=~KWT