– صحة توقعات المركز قبل أحداث السودان الأخيرة “بيئة محفوفة بالمخاطر وعدم استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي مع نظرة مقلقة لعام 2023”
الكويت، 2 مايو 2023 (csrgulf): انخفض بشكل حاد تقييم الأمان في السودان لعام 2023. وقد تذيل السودانيون مؤشر الأمان عربياً في تراجع ملحوظ مقارنة بتصنيف عام 2020. وكان تقرير نشره المركز في فبراير الماضي والذي أكد على تراجع تصنيف السودانيين في مؤشر الأمان بسبب ارتفاع مؤشر المخاطر، حذر من درجة التهديدات الشاملة وعدم الاستقرار الأمني وتداعياته الخطيرة على الشعب السوداني في كافة المجالات. هذه التحذيرات نشرها المركز ، قبل شهرين من الانقلاب العسكري في السودان، حول الوضع الأمني في العالم العربي ضمن اصدار “تصنيف أكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2022 مع توقعات 2023“.
لم يكن الانقلاب العسكري والانفلات الأمني وتدهور الوضع العام في السودان الا نتيجة تراكمات أحداث رصدها المركز ضمن توقعات المخاطر. وكان تأخر تصنيف السودان في مؤشر الأمان الشامل هذا العام يرجع لعدة أسباب أبرزها انتشار العنف وانهيار الاقتصاد وتضرر كبير من الانكشاف على تداعيات الحرب الأوكرانية خاصة على مستوى تسجيل نسبة تضخم قياسية انعكست سلباً على حياة المواطنين السودانيين، حيث يواجه نسبة كبيرة منهم أزمة إنسانية بامتياز وانعدام الأمن. كما تضخم حجم الدين العام السوداني لتصبح البلاد ثاني أكثر دولة بالعام تداينا[1].
ويواجه السودانيون مصيرا غامضاً، حيث لا تلوح في الأفق انفراجة واضحة مع تعقد الوضع الأمني والتدهور المالي المخيف. في ظل زيادة رصد التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، وهو ما ينذر بدخول السودانيين في حالة تذبذب أمني واقتصادي مستمر. حيث قد تفتقد السودان للاستقرار الى نهاية العام على أقل تقدير.
عموما، خلال 2022، عززت الفصائل العسكرية قوتها وسط انتشار أعمال العنف وكذلك المظاهرات المناهضة للحكومة المستمرة في الخرطوم. منذ الانقلاب في أكتوبر2021، كافحت النخبة العسكرية وشبه العسكرية للحفاظ على النظام مع استمرار السقوط الحر الاقتصادي وأزمة جوع تعصف بالبلاد بلا هوادة. لا يزال السودان يواجه تحديات سياسية واقتصادية متداخلة في عام 2023.
بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية والاجتماعية المستمرة منذ عام 2021، استمرت حالة الطوارئ. يبقى السودان في النظرة المستقبلية لعام 2023 عرضة لتهديدات إرهابية وأعمال تخريبية وصراعات مسلحة. ويعتبر السودان المنقسم وقسمه الجنوبي خاصة وجهة لا ينصح بالسفر اليها حسب وكالات الاسفار والسفارات الأجنبية. اذ ارتفع معدل انتشار الجريمة والسلاح بين المجتمع[2]، حيث يمتلك نحو 6.6 في المئة من السودانيين المدنيين أسلحة خفيفة. وهذا ما يسبب قلقاً حول ارتفاع احتمالات العنف والجريمة. لكن معدل المخاطر الإجمالي للسودان يبقى مرتفعاً للغاية حيث ارتفع تصنيف البلاد ضمن المراتب الأخيرة في آخر تحديث لمؤشر السلام الدولي ليصعد مرتبة 154 عالمياً[3] مقارنة مع 153 العام الماضي.
يعتبر السودان واحدا من أكثر بلدان العالم تسجيلاً لأعلى مستويات الفساد[4]. وتهدد المخاطر المؤسسية بيئة الأمان والسلامة والعمل وهي مخاطر مرتفعة للغاية، لا سيما مخاطر التدخل السياسي والمخاطر القانونية والتنظيمية. كما لا يزال السودان يعاني من عجز مالي ضخم، في حين يستمر الدين الحكومي في النمو بوتيرة الأسرع عالمياً.
يصنف السودان من أقل دول العالم العربي تحسينا لجهود التنمية وخاصة البشرية والتعليم[5] والوصول الى الخدمات الأساسية. كما تذيل السودان دول العالم قبل اليمن والصومال في مؤشرات التقدم الاجتماعي والازدهار. الى ذلك يعتبر دخل السودانيين السنوي بين الأدنى بين نظرائهم العرب (751 دولار)[6].
وفي النظرة المستقبلية لعام 2023، لدى السودان درجة عالية من المخاطر الإجمالية. كما أن خطر اندلاع اعمال عنف او احتجاجات بدواعي سياسة تبقى واردة ومرتفعة للغاية بسبب النزاع المستمر، والذي يتركز في المنطقة الجنوبية من البلاد.
المخاطر المؤسسية مرتفعة للغاية، ويعزى معظمها إلى نظام عدالة هش وضعف فعالية الحكومة. الأطر الاجتماعية والبنية التحتية تكاد تكون معدومة وفي حاجة ماسة إلى الاستثمار والإصلاحات. وإلى جانب المخاوف الأمنية، تعاني البلاد أيضًا من انتشار الفقر والكوارث الطبيعية، مثل الجفاف والفيضانات. وبالتالي، لا تزال المخاطر الاقتصادية مرتفعة وتنجم عن الافتقار إلى أنظمة الإدارة المالية أو الإيرادات الحكومية.
يصنف السودان بين أقل دول العالم تخصيصا لجهود وقرارات بهدف حماية البيئة وخفض آثار التغيرات المناخية، رغم ذلك تعتبر البيئة السودانية بين الأقل تضررا بالاحتباس الحراري والتلوث وبين الأكثر وفرة على مستوى الأراضي الزراعية والمصادر المائية.
بالنسبة لدرجة انكشاف السودانيين على مخاطر الزلازل، تبقى بين منخفضة ومعتدلة، حيث لا يواجه السودانيون مخاطر زلزالية مدمرة محدقة. لكن تبقى هناك توصيات بأخذ الحيطة وتعزيز المرافق الأساسية للطوارئ والسلامة شبه المنعدمة.
2023 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] Central Government Debt Percent of GDP, https://www.imf.org/external/datamapper/CG_DEBT_GDP@GDD/CHN/FRA/DEU/ITA/JPN/GBR/USA
[2] أنظر جدول المؤشرات في الأسفل
[3] Global Peace Index 2022, https://www.visionofhumanity.org/maps/#/
[4] أنظر جدول المؤشرات في الأسفل
[5] أنظر جدول المؤشرات في الأسفل
[6] أنظر جدول المؤشرات في الأسفل