- انخفاض الوجود العسكري للجيش الأمريكي بقواعده بالكويت بنحو 90 في المئة خلال السنوات الست الأخيرة
- الكويت خسرت نحو 10 مليارات دولار كقيمة لعجزها التجاري مع واشنطن خلال السنوات الست الأخيرة
- الكويت بين أكبر الخاسرين الخليجيين في التصور الجديد لعلاقات واشنطن بدول الخليج
الكويت، 27 ابريل 2023 (csrgulf): انخفضت قيمة المصالح التجارية بين الولايات المتحدة والكويت بوتيرة كبيرة، وتزامن ذلك مع انخفاض الوجود العسكري للجيش الأمريكي بقواعده بالكويت بنحو 90 في المئة خلال السنوات الست الأخيرة. هذا الانخفاض بدأ في 2017. تطور يؤسس لتغير محتمل للعلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والكويت.
وفي حين تعهدت الولايات المتحدة بحماية الكويت كحليف استراتيجي لها، يبدو أن كلفة هذه الحماية التي كانت تتحمل جزء كبيرا منها الحكومة الكويتية باتت بدون جدوى للطرفين. فالتقارب الحاصل بين دول مجلس التعاون الخليجي وكل من العراق وإيران وتركيا وإسرائيل من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، من أجل المصالح المشتركة، تطور من شأنه أن يقلّص حاجة الكويت الماسة للحماية الأمريكية المكلفة، كما يدفع الكويت الى البحث عن موازنة مصالحها مع واشنطن والسعي لتعديل العجز المتنامي في تبادلها التجاري مع الحليف الأمريكي.
ومن المتوقع أن يتوقف نهائياً شراء الولايات المتحدة للنفط الكويتي في أفق 2025 إذا استمرت وتيرة خفض الواردات الأمريكية بنفس النسق منذ 2017. فقد خفضت أميركا حجم إيراداتها من النفط الكويتي بشكل حاد منذ 2017 بعد وفرة النفط الصخري وقفزة الواردات من كندا وشركاء آخرين. جراء ذلك، خسرت الكويت نحو 10 مليارات دولار كقيمة لعجزها التجاري مع واشنطن خلال السنوات الست الأخيرة[1].وقد اختل ميزان التبادل التجاري بين الكويت والولايات المتحدة منذ 2017 ليتحول الى عجز متراكم تكبدته الكويت مقابل نمو فائض محقق للولايات المتحدة.
وفي مقابل زيادة استغناء الولايات المتحدة عن النفط الكويتي، زادت وتيرة الانسحاب العسكري الأمريكي من القواعد الأمريكية بالكويت بشكل لافت، حيث خفضت الولايات المتحدة نحو 90 في المئة من قواتها مقارنة بعام 2017[2]. حيث كان يتنشر بصفة ثابتة نحو 2352 فردا من قوات وموظفين تابعين لوزارة الدفاع الأمريكية في الكويت، دون احتساب القوات المرسلة في مهمة مؤقتة، هذا العدد انخفض بنهاية ديسمبر 2022 الى نحو 322 فردا فقط[3]. أمر يدعو لتوقع تغير محتمل في العلاقة الدفاعية بين واشنطن وحليفتها الكويت.
وكانت الولايات المتحدة قلّصت بشكل كبير تواجدها العسكري في الخليج بعد القضاء على أكبر وحود لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا في 2017. كما أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أو في عد الرئيس الحالي جو بايدن تؤيد الانسحاب التكتيكي من منطقة الشرق الأوسط في مقابل زيادة عدد القوات في نقاط التماس مع مناطق توسع النفوذ الصيني والروسي.
لماذا تحوّلت تجارة الكويت مع واشنطن من فوائض الى عجز ملياري ضخم؟
في مقابل خفض كبير لوارداتها النفطية من الكويت، عززت الولايات المتحدة من وارداتها من النفط الليبي والعراقي مع تذبذب اعتمادها على نفط بقية دول مجلس التعاون الخليجي. ففي حين خفضت اعتمادها على النفط الكويتي بشكل كبير منذ 2017، اتجهت واشنطن لرفع حجم امداداتها من العراق وليبيا خاصة في 2022 فترة أزمة امدادات الطاقة والصعود الكبير في أسعارها بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على امدادات النفط الروسي.
بعد أزمة الحرب في أوكرانيا والتي أحدثت ارتباكاً في امدادات الطاقة، والتي أجبرت الولايات المتحدة على زيادة واردات النفط، خيّرت واشنطن زيادة مؤقتة لوارداتها البترولية من بعض الدول العربية النفطية كالسعودية (550 ألف برميل يوميا[4]) والعراق (311ألف برميل يوميا[5]) والجزائر (59 ألف برميل يوميا[6]). في حين زادت وارداتها من ليبيا لتصل الى نحو 79 ألف برميل يومياً[7] خلال العام الماضي. لكن في المقابل لم تستورد الا نحو 42 ألف برميل فقط من الكويت مقارنة بنحو 145 ألف يومياً في 2017[8]. يحدث ذلك رغم أن الولايات المتحدة تصنف الكويت حليفاً استراتيجياً وشريكا تجاريا مهماً، الا أنها في الواقع قلّصت كثيرا من حجم وارداتها البترولية من الكويت في مقابل زيادة تعويلها على نفط دول عربية أخرى.
وبعد أن كانت الولايات المتحدة (الحليف الاستراتيجي للكويت) تستورد النفط الكويتي سنوياً بقيمة 13 مليار دولار منذ عام 2011، لتحقق الخزينة الكويتية فائضاً في الميزان التجاري مع واشنطن بقيمة نحو 10 مليارات دولار سنوياً، هوت الواردات الأمريكية من النفط الكويتي دفعة واحدة بنسبة 90 في المئة منذ عام 2017 لتصبح عند نحو متوسط مليار دولار سنوياً فقط. وتسبب ذلك في تحوّل الفوائض الى عجز تجاري متراكم.
وبتراجع حجم صادرات النفط الكويتي للولايات المتحدة، لم تنجح الحكومة الكويتية في تعديل نسبة العجز في تجارتها مع الولايات المتحدة بسبب محدودية تنوع صادراتها. وبما أن الكويت تشكو من أزمة تنوع الصادرات وهيمنة الصادرات النفطية بنحو أكثر من 90 في المئة، تواجه الكويت مخاطر الانكشاف على احتمالات تراجع صادراتها النفطية الى دول العالم كما حدث مع الشريك الأمريكي.
الكويت بين أكبر الخاسرين في مراجعة واشنطن لعلاقاتها لدول الخليج
بعد أن كانت العلاقة التجارية التفاضلية مع واشنطن تدر على الكويت نحو 10 مليارات دولار فوائض سنويا في 2013 وذلك بفضل صادرات النفط الى السوق الأمريكية، انقلب الميزان التجاري مرة واحدة منذ 2017 لتسجل الكويت عجزا تجاريا بقيمة نحو متوسط 1.5 مليار سنويا[9]، حيث انقلب الى فائض تحققه الولايات المتحدة التي باتت صادراتها الى الكويت تتفوق على وارداتها، وذلك بعد قرار خفض واردات النفط الكويتي منذ صعود النفط الصخري خلال الخمس سنوات الأخيرة.
مراجعة العلاقات التجارية مع واشنطن لم يتم مراجعتها بشكل جدي من أجل تحسين الميزان الجاري وتفادي مزيد من العجز التجاري. وقد حققت الكويت عجزا تجاريا مع الولايات المتحدة بنحو 1.350 مليار دولار في عام 2022[10]. لكن في المقابل حققت دول خليجية أخرى فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة بفضل تنوع الصادرات وأيضاً بفضل تأثير العلاقات الديبلوماسية والنفوذ والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية وارتفاع نسبة الشراكات على مستوى القطاع الخاص.
السعودية على سبيل المثال حققت فوائض بنحو 12 مليار دولار في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة العام الماضي[11]. عمان بدورها حققت فوائض بنحو 1.25 مليار دولار في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة[12]. الأمر كذلك بالنسبة للبحرين التي حققت فائضاً بنحو 941 مليون دولار في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة[13] العام الماضي.
أما قطر فسجلت عجزاً طفيفا في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة العام الماضي بنحو 725 مليون دولار[14]فقط العام الماضي. الامارات كذلك حققت عجزا تجارياً بنحو 14 مليار دولار مع الولايات المتحدة في عام 2022[15]، الا ان هذا العجز تتداركه الامارات من خلال زيادة صادرات غير نفطية مختلفة وأيضا من خلال إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر.
2023 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] United states census bureau, Trade in Goods with Kuwait, 2022, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5130.html
[2] Number of Military and DoD Appropriated Fund (APF) Civilian Personnel Permanently Assigned, 2017, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[3] Number of Military and DoD Appropriated Fund (APF) Civilian Personnel Permanently Assigned, december 2022, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[4] Eia, U.S. Net Imports by Country, 2022, https://www.eia.gov/dnav/pet/pet_move_neti_dc_NUS-NAG_mbblpd_a.htm
[5] Eia, U.S. Net Imports by Country, 2022, https://www.eia.gov/dnav/pet/pet_move_neti_dc_NUS-NAG_mbblpd_a.htm
[6] Eia, U.S. Net Imports by Country, 2022, https://www.eia.gov/dnav/pet/pet_move_neti_dc_NUS-NAG_mbblpd_a.htm
[7] Eia, U.S. Net Imports by Country, 2022, https://www.eia.gov/dnav/pet/pet_move_neti_dc_NUS-NAG_mbblpd_a.htm
[8] Eia, U.S. Net Imports by Country, 2022, https://www.eia.gov/dnav/pet/pet_move_neti_dc_NUS-NAG_mbblpd_a.htm
[9] United states census bureau, Trade in Goods with Kuwait, 2022, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5130.html
[10] United states census bureau, Trade in Goods with Kuwait, 2022, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5130.html
[11] United states census bureau, U.S. trade in goods with Saudi Arabia, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5170.html
[12] United states census bureau, U.S. trade in goods with Oman, 2022, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5230.html
[13]United states census bureau, U.S. trade in goods with Bahrain, 2022, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5250.html
[14] United states census bureau, U.S. trade in goods with Qatar, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5180.html
[15] United states census bureau, U.S. trade in goods with United Arab Emirates, 2022, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5200.html