بقلم: عامر ذياب التميمي، مستشار وباحث اقتصادي، الكويت
Email: ameraltameemi@gmail.com
الكويت، 1 ديسمبر 2022: بعد انتخابات 29 سبتمبر، أيلول الماضي في الكويت يتساءل عدد من المراقبين الاقتصاديين بشأن إمكانية مجلس الوزراء اقناع مجلس الأمة لتمرير عدد من القوانين المستحقة لإنجاز إصلاح اقتصادي حقيقي وشامل. لكن المؤشرات اللاحقة للانتخابات المذكورة ومطالب عدد من الأعضاء المنتخبين لا تمكن المرء من الثقة بمثل تلك الامكانية.
اتسمت المطالبات بالمبالغة الشعبوية حيث طرحت مسائل مثل رفع الرواتب والأجور لموظفي الحكومة والقطاع العام وزيادة معاشات المتقاعدين ورفع إعانة النساء القابعات في البيوت وزيادة مخصصات الطلبة الدارسين في الخارج.
يضاف إلى ما سبق ذكره، يبدو أن هناك توجه نيابي معادٍ للقطاع الخاص مثل ذلك الاقتراح بقانون من قبل أحد أعضاء مجلس الأمة لإلغاء غرفة التجارة والصناعة ومصادرة أموالها. في الأثناء، ينوي مجلس الوزراء طرح مشاريع قوانين تأخرت على مدى الأعوام الماضية ومنها قانون الرهن العقاري والذي يتيح للراغبين بإقتناء السكن الخاص البحث عن تمويل لدى القطاع المصرفي بدلاً من الاعتماد كليا على بنك الائتمان المملوك للدولة، وكذلك مشروع المطور العقاري والذي يتيح لشركات القطاع الخاص القيام بإنجاز مساكن خاصة وعرضها على المواطنين بموجب شروط معقولة، وبما يشابه ما هو متاح للمواطنين في الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من الدول الصناعية المتطورة.
هناك أيضا، اهتمام حكومي بتمرير قانون يتيح للدولة الاقتراض، أو الاستدانة مباشرة من النظام المصرفي المحلي أو الدولي أو إصدار سندات أو أذونات دين لتمويل العجز في الموازنة على ضوء انخفاض أسعار النفط منذ العام 2014 واستمرار ارتفاع مخصصات الانفاق العام، حيث بلغت قيمة الإنفاق في ميزانية العام المالي 2022/2023 23.4 بليـــون (مليار) دينار كويتي أو 76 بليون (مليار دولار أمريكي). بيد أن مجلس الأمة في الفصل التشريعي السابق كان يطرح أهمية زيادة الإيرادات وترشيد مخصصات الإنفاق الجارية غير الأساسية دون المساس بالرواتب والأجور ومخصصات الدعم التي تشمل الغذاء والكهرباء والمياه والوقود والإنشاءات للمساكن الخاصة.
ويبدو أن الأمور لن تكون هينة خلال فترة هذا الفصل التشريعي بما يتطلب محاولات حثيثة من مجلس الوزراء للتوصل إلى توافق سياسي مع مجلس الأمة حول كيفية الوصول إلى سياسات مالية متسقة وملائمة للإصلاح الاقتصادي المنشود.
وهناك أسئلة تطرح أبرزها: هل يمكن إنجاز إصلاح اقتصادي مقنع دون إنجاز عمليات تخصص كبيرة في اقتصاد ريعي يعتمد على دور مهيمن للحكومة ومؤسسات القطاع العام وتمتلك الدولة غالبية الأصول الحقيقية بما في ذلك قطاع النفط ومؤسساته الحيوية؟
كما أن القطاع العام والدوائر الحكومية توظف ما لا يقل عن 80 في المئة من العمالة الوطنية، وهذه مشكلة هامة حيث يخشى السياسيون أن يفقد العاملون في الحكومة وظائفهم عندما يتم تخصيص المرافق مثل الكهرباء والمياه والاتصالات الأرضية والبريد والنقل العام الحكومي أو مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية.
إذاً هناك عقبات سياسية هيكلية قد تعطل تطبيق قانون التخصيص 37 الصادر عام 2010، والذي لم يتم تطبيقه حتى يومنا هذا بالرغم من وجود المجلس الأعلى للتخصيص الذي يبدو أن لا عمل له يذكر. في هذا السياق لابد من الإشارة لأهمية إصلاح سوق العمل والذي يعتمد على عمالة وافدة تمثل ما لا يقل عن 85 في المئة من إجمالي عدد العاملين في الكويت. غني عن البيان أن الإصلاح الاقتصادي يتطلب إصلاح بنية التعليم وبرامج التنمية البشرية وهناك العديد من القضايا ذات الصلة بما يؤكد أهمية توفر إرادة سياسية متميزة.