الكويت، 1 أكتوبر 2022 (csrgulf): لعل ما حدث في إيران على الأرجح ألا يكون بمعزل عما يمكن أن تواجهه دول عربية وأجنبية في المدى القريب. حيث تصنف الاحتجاجات الشعبية الإيرانية العنيفة التي يقودها الشباب كردة فعل قوية متوقعة كانت تنتظر حدثا استفزازياً يبرر انفجار غضب الشارع المتذمر ليس من تراجع الديمقراطية وحقوق الانسان بقدر الاستياء العارم من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على خلفية تداعيات أزمات مزدوجة متتالية خاصة عقب وباء فيروس كورونا وآثار الصراعات والركود الاقتصادي وسياسات الحكومة.
ليس الشباب الإيراني وحده من يعاني من تحديات خطيرة، فمستقبل الشباب في العالم بشكل عام يواجه تهديدات وجودية غير مسبوقة لعل أهمها مخاطر حرب نووية وأزمة نضوب موارد طبيعية حيوية كالمياه والغذاء بسبب حدة آثار التغيرات المناخية وصراعات على الطاقة. وبذلك، يبدو أن معالم المستقبل الذي يواجهه الشباب يتسم بعدم اليقين بسبب نتائج سياسات بعض الحكومات التي عمقت من اختلالات التوازنات الاقتصادية والاجتماعية. ولعل كل هذه التحديات قد تغذي حراكاً شبابيا غاضباً يدعو لتصور جديد للسلام والتنمية وتكاثف الجهود العالمية لمواجهة التحديات الوجودية وزيادة تمكين الشباب من حق تقرير المصير.
ويتجه العالم نحو واقع أكثر تطرفاً من حيث عدم المساواة واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء[1]. ويعتبر الشباب الأكثر تضررا من ذلك. وهو ما يولد ظروفاً استثنائية بدأت تولد ذرائع لانفجار اجتماعي قد يقوده الشباب المهمش والعاطل والفقير في أكثر من بلد في العالم بما في ذلك الوطن العربي، ما يعيد للأذهان حراك 1968 للطلبة الذي اكتسح أغلب دول العالم في ذاك الوقت وكانت أبرز الشعارات.
ويرجح تحليل المخاطر لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث أن ما يجري في إيران هو بمثابة اخطار جماعي للحكومات عربياً ودولياً بجدية مخاطر غضب الشباب الآخذ في الاتساع وان بصمت في عدد من المناطق. ويمكن أن تكون أحداث إيران ملهمة لانتفاضة شبابية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولا يتم استبعاد فرضية انتظار لذرائع كافية وقوية من أجل رصد انفجار اجتماعي قد يتطور الى حراك غاضب في بعض الدول تدفع لتبريره مؤشرات اجتماعية مقلقة. وهي مخاطر قد تأخذها بعض الحكومات على محمل الجد. اذ هناك قلق من خريف ساخن على ضوء زيادة مشاركة أراء منتقدة للواقع الاقتصادي والاجتماعي في عدد من الدول توازيا مع ارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة والتهميش.
ويلتهم الفقر أكثر من 70 في المئة من العرب مع تراجع ملحوظ لنسبة الطبقات المتوسطة وزيادة ملحوظة لمحدودي الدخل والفقراء. واتضح أن فئة الشباب هي الفئة العمرية الأكثر تضررا من تدهور معيشي ووظيفي وتعليمي وأمني مقلق.
وتعاني المجتمعات العربية وعبر العالم من أكبر فجوة بين الأغنياء والفقراء[2] منذ أكثر من 100 عام، وهو مثل مؤشر مخاطر عالية من غضب شعبي بدأ تتشكل ملامحه في أكثر من بلد. وهذا الغضب المرصود قد يستهدف النخب ويعتمد للتنديد بذلك على العنف والانتقام بهدف إعادة فرض تصورات عدالة اجتماعية بتطبيقات جديدة. لكن بعض الحكومات تستبق مثل هذه المخاطر وأخرى لا تجد حلولا لمعالجتها.
2022 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
مراجع:
[1] The World InequalityReport 2022 presents the most up-to-date & complete data on inequality worldwide: global wealth ecological inequality income, https://wir2022.wid.world/executive-summary/
[2] Patrick Henry, Economic inequality has deepened during the pandemic, That doesn’t mean it can’t be fixed, weforum, Apr 7, 2022, https://www.weforum.org/agenda/2022/04/economic-inequality-wealth-gap-pandemic/