– الإسرائيليون يصنفون مقاطعة الكويت بالحرب الاقتصادية: مخاوف من احتمالات التجسس لاختراق السياسة الكويتية
– هل تبقى الكويت آخر دولة في الشرق الأوسط تطبع مع إسرائيل؟
– من سيكون التالي في قائمة المطبعين مع إسرائيل؟
الكويت، 11 أغسطس 2022 (csrgulf): بعد نحو عامين من ذكرى اتفاقيات ابراهام للسلام التي أفضت لتطبيع بعض الدول الخليجية والعربية لعلاقاتها مع اسرائيل، اكتشفت دراسات واستطلاعات رأي إسرائيلية وصهيونية أن الكويتيين الأكثر تشددا في التمسك بالمقاطعة على مستوى الشرق الأوسط والخليج والأكثر استماتة في رفض فكرة قبول التعامل مع اسرائيل في مجالات التجارة والرياضة والدفاع.
وحسب مسح عشوائي قام به مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث لعينة من تغريدات لحسابات على منصات تويتر أصحابها كويتيون معروفون وغير معروفين، اتضح أن نحو 95 في المئة من الكويتيين يعارضون فكرة التطبيع أو التصالح مع اسرائيل أو التجارة معها مادامت القضية الفلسطينية لم تحسم بعد، في حين عبر 70 في المئة من هذه العينة عن رفضهم البات والشديد للتعامل مع اسرائيل في أي حال من الأحوال. وهذه النتائج تتوافق مع استطلاعات راي أخرى قامت بها مراكز أجنبية، في حين أنها تختلف قليلا مع نتائج بعض مراكز الأبحاث الاسرائيلية. لكن تتوافق أغلب الدراسات والاستطلاعات أن الكويتيين الأشد معارضة للتعامل مع اسرائيل على مستوى الشرق الأوسط.
نتيجة لذلك، يزيد الاهتمام الإسرائيلي بدراسة الاستثناء الكويتي على مستوى درجة العداوة لإسرائيل، حيث هناك رغبة معلنة عبر مراكز دراسات صهيونية لمعرفة مدى استمرار زخم المقاطعة الشعبية الكويتية للإسرائيليين واليهود. فتجربة تقارب إسرائيل مع بعض الدول الخليجية، تدفع الإسرائيليين لمعرفة تداعيات هذا التقارب على بقية شعوب الخليج مثل الكويتيين. اذ أن الهدف الإسرائيلي واضح متمثل في السعي لخفض درجة العداوة لإسرائيل بين الشعوب والأنظمة الخليجية فضلاً عن قبولها كشريك مستقبلي محتمل.
قامت إسرائيل من خلال شركات ومنصّات استطلاع الرأي والتواصل الاجتماعي ومراكز الأبحاث بإعداد دراسات مكثفة حول تحولات الرأي العام الخليجي والكويتي بشكل خاص إزاء مسألة التطبيع والمقاطعة. حيث هناك رغبة لمعرفة المزاج الشعبي الخليجي.
فمن خلال رصد المركز لتقارير إسرائيلية تهتم بما ينشره الاعلام الكويتي حول التطبيع والمقاطعة، تبيّن أن منصات الاعلام والبحث الاسرائيلي ترصد منشورات الكويتيين على مواقع التواصل الاجتماعي إزاء مسائل التطبيع والمقاومة والمقاطعة وإزاء إسرائيل عموماً. نتيجة ذلك يتضح توجه إسرائيلي يهدف لاختراق الرأي العام الكويتي ومعرفة ميولاته ومدى تعاطفه مع اليهود ونظرته لاحتمال التطبيع مع إسرائيل مستقبلاً.
وتسعى آلة الدعاية الإسرائيلية للتأثير في الرأي العام الخليجي والكويتي واحداث تغيير في الفكرة النمطية ازاء مقاطعة إسرائيل والترويح للتطبيع بمحاولة تحسين نظرة الكويتيين للكيان الإسرائيلي كشريك مستقبلي محتمل.
تقوم بعض منصّات البحث ومراكز الفكر والأبحاث الصهيونية بترويج معلومات مضلّلة أحياناً حول رغبة الشعوب العربية في التطبيع مع إسرائيل، وتنشر احصائيات غير دقيقة ومتضاربة حول نسب قبول العرب لفكرة التعايش والتقارب مع إسرائيل في المنطقة.
في ظل التطلّع الإسرائيلي للدولة العربية التي ستنضم لاحقاً لقائمة الدول التي تقبل بالتطبيع في المستقبل القريب، يبدو أن للديبلوماسية الأمريكية دور هام في تذليل العقبات أمام قبول فكرة التقارب مع الدولة العبرية وذلك بتوقع ممارسة واشنطن لتأثير محتمل على حلفائها الخليجيين كما يأمل ذلك الإسرائيليون. حيث هناك دعم أميركي منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لأولويات انفتاح الحكومات الخليجية على مصالح مشتركة مع إسرائيل وتجاوز الخلافات الأيديولوجية وتعزيز الشراكة على أساس مبدأ “رابح رابح” على المستوى التجاري وأيضاً على مستوى الأمن الدفاعي المشترك. اذ تحرص الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تصدير فكرة وجود تهديد مشترك يدفع لتحالف إسرائيل مع دول الخليج، وهذا التهديد يتمثل في إيران. لكن يبدو أن دول الخليج لا تتوافق جلّها حول مدى جدية هذا التهديد وكيفية التعامل معه. فالكويت اختارت الديبلوماسية والحياد دون الدخول في تحالفات مضادة. الا أن الولايات المتحدة والتي تقدم نفسها كعراب مسار التطبيع قد تلعب أدوارا مختلفة للتأثير على بعض الدول الخليجية للقبول بفكرة علاقات طبيعية مع إسرائيل وان محدودة. وهذا ما يدفع الى التساؤل حول مدى استمرار رفض الكويت للضغوط الرامية بإقامة علاقات طبيعية سواء تجارية أو ديبلوماسية أو دفاعية مع اسرائيل؟
أكثر الدول والشعوب العربية التي تثير مواقفها قلق وحيرة وفضول إسرائيل ومسؤوليها ومؤسساتها وخاصة مراكز الفكر والاعلام اليهودي، برزت الكويت وشعبها كأكثر النماذج المستميتة في مقاطعة أي فكرة للتطبيع رغم قيام دول من الجوار بذلك. وتحاول إسرائيل فهم الاستثناء الكويتي. وهو ما يثير مخاوف من مساع حقيقية لإحداث اختراق في مواقف الكويت أو محاولة التجسس المعلوماتي.
حيث نجحت إسرائيل باستطلاع رأي شريحة من العرب بينهم خليجيون وكويتيون حول مواقفهم من التطبيع والمقاطعة. ونشرت أكثر من مؤسسة بحثية لنتائج متضاربة.
استطلاع الراي الأول شمل اثنتا عشرة دولة عربية بما فيها الكويت. حسب الاستطلاع، يعتقد 20.4٪ فقط من المستطلعين أن العالم العربي يجب أن يقبل بإسرائيل، بينما يعتقد 79.6٪ أنه لا ينبغي ذلك. النسبة التي ستقبل إسرائيل حسب استطلاع الرأي هي الأعلى في لبنان (30.7٪) والسودان (28.3٪) والكويت (26.1٪) والأدنى في ليبيا (11.6٪) والجزائر (11.4٪) والعراق (10.4٪). ومع ذلك، كما هو موضح، لا تتجاوز أعلى نسبة 30.7 في المائة، وهذا في لبنان، وهو بلد له تاريخه المعقد مع إسرائيل ونسبة عالية من المسيحيين الذين لديهم، بشكل عام، وجهات نظر أكثر تصالحية تجاه إسرائيل فضلاً عن نسبة من المسلمين السنة في العينة[1]. لكن نتائج هذه الاحصائيات يبدو أنها غير دقيقة وتتعارض مع تقديرات أخرى لنسب المقاطعة الشعبية التي أظهرت أن الكويتيين الأكثر رفضا للتطبيع مع اسرائيل ككيان صهيوني.
على صعيد آخر، وان تعترف مراكز الفكر الصهيونية أن اتفاقيات أبراهام للتطبيع خطوة مهمة في صنع السلام في الشرق الأوسط، الا أنها تستبعد قبولها بشكل سلس في المجتمعات العربية، وخاصة أنها تأتي بعد عقود من الصراع وعدم وجود دولة فلسطينية مستقلة تعترف بها إسرائيل. و إزاء عدم الاعتراف الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني، لا يزال الرأي العام في الدول العربية يعارض بشدة الاعتراف بإسرائيل. وجدت استطلاعات الرأي التي أجراها مؤشر الرأي العربي في الكويت في 2019-2020 أن أقل من 10٪ من مواطني المملكة العربية السعودية والكويت وقطر سيدعمون اعتراف بلادهم الدبلوماسي بإسرائيل. وجد المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PSR) أن 86٪ من الفلسطينيين يعتقدون أن اتفاقيات ابراهام هي لصالح إسرائيل فقط[2].
في المقابل، تقرّ بعض المؤسسات الفكرية الصهيونية أن الآراء المتعلقة بالعلاقات التجارية والرياضية مع الإسرائيليين أصبحت أكثر تنوعًا عبر العالم العربي. فحسب دراساتها، يبدو أن هناك تحولًا كبيرًا ومستدامًا في الرأي العام داخل بعض دول الخليج بعد عامين من تطبيع بعض الدول الخليجية مع اسرائيل.
حسب احدى مؤسسات الفكر والبحث الصهيونية، عند إجراء الاستطلاع لأول مرة في تموز (يوليو) 2020 قبل اعلان اتفاقات ابراهام للسلام، رفض ما لا يقل عن 80 بالمائة من جميع سكان مصر والأردن والامارات والبحرين والسعودية على سبيل المثال فكرة تطبيع العلاقات التجارية والرياضية. على وجه التحديد عارض 50٪ من السعوديين و47٪ من الإماراتيين بشدة السماح باقتراح تطبيع العلاقات الرياضية والتجارية، فيما طغى الرفض والتحفظ بدرجات متباينة على مواقف بقية السعوديين والاماراتيين. لكن لاحقاً، قفز التأييد لاقتراح تطبيع العلاقات في أعقاب اتفاقات إبراهيم حسب الاستطلاع الصهيوني وظل مستقرًا فعليًا منذ نوفمبر 2020 باستثناء الكويت. حيث تقترب معدلات الرفض للسماح بعلاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين الى أكثر من النصف، أما في البحرين فتقدر بنحو 58٪، والسعودية 60٪، والإمارات 55٪. حسب المصدر نفسه، تشير استطلاعات الرأي السابقة في قطر في نوفمبر 2021 إلى أن سكانها منقسمون بشأن هذه المسألة. علاوة على ذلك، يتجه الدعم للانفتاح على علاقات طبيعية صعودًا بشكل تدريجي في بعض الحالات، حيث يرتفع تدريجياً في الإمارات العربية المتحدة بنحو 6 نقاط من يوليو 2021 إلى مارس 2022، اذ يدعم 43٪ من الإماراتيين فكرة السلام[3].
لكن بالنسبة للكويت يبدو أنها كحكومة وشعب صارمين في مقاطعة التعامل الرياضي والتجاري مع إسرائيل، حيث أن السلطات الكويتية تستمر في حظر دخول السفن التي تحمل بضائع من وإلى إسرائيل إلى المياه الإقليمية للكويت[4].
وحسب الاستطلاع الذي قامت مؤسسة صهيونية، تبقى نسبة معارضة السماح بعلاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين مرتفعة، حيث يعارض بشدة 94٪ من الكويتيين السماح بهذه العلاقات، و93٪ من اللبنانيين الذين شملهم الاستطلاع لم يوافقوا على الفكرة أيضاً. وعلى عكس معظم دول الخليج، لا يوافق الكثير من الكويتيين على السماح بمثل هذه الاتصالات وينظرون لرؤية اتفاقات إبراهيم بشكل سلبي[5].
ولعل خروج الكويتيين في أكثر من مناسبة للتعبير عن رفضهم التطبيع مع إسرائيل لهو دليل واضح عن مدى الرفض الشعبي العميق للتقارب مع إسرائيل أو قبولها كشريك مستقبلي دون حلول سلام عادل مع فلسطين وتحقيق الفلسطينيين لدولتهم.
هل تستغلّ إسرائيل مونديال قطر لترويج التطبيع مع العرب والخليجيين؟
بعد أن اتفقت إسرائيل مع الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا على السماح لجماهيرها بحضور فعّاليات المونديال في قطر في نوفمبر 2022 بعد سماح السلطات القطرية رغم إجراءات مقاطعة دخول الإسرائيليين، باستثناء دخول الجماهير الاسرائيلية مثلها مثل غيرها من جماهير العالم، حيث من المتوقع أن يثير تواجد الإسرائيليين في الدوحة حساسية أمنية كبيرة خاصة في ظل تواجد عربي كبير وخاصة بالنظر للجاليات الفلسطينية المقيمة بقطر. لكن قطر تعي جيدا هذه الحساسية وعلى الأرجح أن السلطات القطرية أخذت بعين الاعتبار خصوصية المشاركة الإسرائيلية في المونديال على أراضيها. لكن الجانب الإسرائيلي من المرجح أن يستغل هذه المشاركة في الترويج للتطبيع مع القطريين والخليجيين بصفة عامة، وقد يعمل على حملات للترويج للسلام وتحسين صورة التطبيع من خلال التظاهرة الرياضية الأضخم في العالم، حيث من المرجح انطلاق حملات إعلامية الكترونية وشعارات مختلفة تحفز على التعايش بين الإسرائيليين والعرب. لكن في المقابل ما من ضمانات لردود أفعال عكسية من العرب المشاركين في المونديال أو المقيمين بقطر، خاصة في ظل تكرر العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين وأيضا في ظل حساسية العلاقات بين إسرائيل وإيران ولبنان وسوريا.
يذكر أن إيران تشارك بمسابقات كاس العالم بقطر، ما يعني ترقب مشاركة جماهير ايرانية واسعة. وبمشاركة جماهير من إسرائيل، قد تكون هناك مخاطر أمنية عالية لتصادم بين الطرفين، يبدو أنها احتمالات تدركها قطر جيدا ومستعدة لها.
الاستثناء الكويتي في شدة مقاطعة إسرائيل: فهم الأسباب
تحافظ الكويت على موقفها المقاطع للعلاقات الطبيعية مع إسرائيل وتتمسك بموقف معلن مسبقاً عن كونها آخر دولة عربية قد تطبع مع إسرائيل وذلك تأكيدا على موقف الكويت من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتمسكها بحل إقامة دولة فلسطينية بحدود 1967.
اعترف بعض المفكرين والسياسيين الاسرائيليين بأن الكويت هي”الدولة الخليجية الوحيدة التي تعارض حتى التطبيع المنفصل مع إسرائيل”. في يناير 2019، كتب جورجيو كافيرو أن “الكويت أصبحت الدولة الخليجية الوحيدة في (مجلس التعاون الخليجي) التي ترفض رؤية العلاقات الدافئة مع إسرائيل”. حتى أن جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض السابق في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب قال لرويترز إن الكويت تتبنى وجهة نظر متطرفة للغاية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي حتى الآن لصالح الفلسطينيين”[6].
ترفض الكويت رفضًا تامًا توسيع العلاقات الثقافية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل. فحسب دراسات إسرائيلية، فان حجج التطبيع المتعلقة بتصورات التهديد المشترك المتمثل خاصة في إيران ليست كافية لاندفاع الكويت لعلاقات مع اسرائيل. حيث أن هذه التصورات متباينة لا تنظر لها الكويت كما تنظر لها باقي دول المنطقة واسرائيل. لذلك فقد عجز الإسرائيليون عن تفسير استثناء الكويت خاصة بالنظر إلى أنها كانت تاريخياً، وربما أكثر، الدول الخليجية عرضة للهجمات الارهابية والتخريب الإيراني. ما يجعل موقف الكويت في النهاية من التحالفات الأمنية والمصلحية فريدا من نوعه، وهو ما قد يفسّر تأثير دور مجلس الأمة والمجتمع المدني على السياسات العامة للكويت التي تحتفظ بتقاليدها الديمقراطية، وعلاقاتها التاريخية بالحركات السياسية الفلسطينية والالتزام بالمثل القومية الإسلامية والعربية.
الاستثناء الكويتي له تأثيران على دراسة السياسة الدولية في الشرق الأوسط. أولاً، تكشف الكويت أن الدول الصغيرة يمكن أن تمارس قوة فكرية كبيرة في المؤسسات الدولية. ثانيًا، تتحدى الكويت الادعاء الأخير بأن “الدول العربية فقدت الاهتمام بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية”[7].
رفض شعبي كويتي واسع لفكرة قبول التطبيع
عبّرت 41 جماعة ومنظمات مجتمع مدني، مثل نقابة المحامين ونقابة المعلمين والجمعية الاقتصادية الكويتية، عن انتقادها لاتفاقات ابراهام ودعت مجلس الأمة إلى “الإسراع بإصدار قانون يجرم التطبيع مع الصهاينة.” وتعترف مراكز الفكر الصهيونية أنه غير المرجح أن يغير أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، سياسة أخيه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في دعم الفلسطينيين[8].
في ظل هذه الظروف، لا يبدو أن الكويت مستعدة لاتخاذ قرار بشأن قضية التطبيع الحساسة للغاية، حيث من المحتمل أن يضع مثل هذا القرار الدولة تحت ضغط داخلي هائل، خاصة من الإسلاميين. ويبدو أن الكويت تستفيد من موقف جارتها الأكبر، المملكة العربية السعودية، التي ربطت حتى الآن التطبيع مع إسرائيل بالتقدم في عملية السلام وفقًا لمبادرة السلام العربية التي اقترحتها الرياض في عام 2002، والتي تمت الموافقة عليها باعتبارها الإطار العربي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الا أن معركة التطبيع في الكويت لم تنته بعد، حتى لو كانت الدولة الخليجية الأقل توقعًا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل[9].
ومن خلال اداناتها المتكررة لإسرائيل، تأكد الكويت التزامها بموقف المقاطعة. حيث أعلنت أنها ستبقي على “حظر شامل على أي منتج له أبعد الصلات بإسرائيل”، وفقا لتصريحات اعلامية من مسؤولين في ادارة الجمارك الكويتية. ورغم التلويح ببعض العقوبات استمرت مقاطعة الشركات الكويتية لإسرائيل حتى على مستوى نقل الركاب. في عام 2020، وافقت الخطوط الجوية الكويتية على دفع غرامة قدرها 700 ألف دولار لأنها رفضت في 14 مناسبة قبول ركاب يحملون جوازات سفر إسرائيلية على متن رحلات من نيويورك إلى لندن.
وبذلك، فعلى عكس شركائها في دول مجلس التعاون الخليجي، ظلت الكويت متمسكة بشدة بموقفها التقليدي الرافض للتطبيع مع إسرائيل. كانت القضية الفلسطينية قضية رئيسية في الكويت منذ أن أسّس ياسر عرفات حركة فتح هناك في عام 1959.
مساع إسرائيلية للتضليل وللتأثير على الرأي العام الدولي والخليجي حول قبول التطبيع
يفصل الاعلام الإسرائيلي بين مواقف الدولة الكويتية ومواقف شعبها ويعطي تبريرات لمقاطعة الكويت بانها مضطرة لذلك بسبب تأثير الجالية الفلسطينية في الكويت على مر التاريخ في تبني سياسات مقاطعة اسرائيل[10]. الا أن ذلك يهمش حقيقة المواقف الكويتيين الراسخة تجاه الدفاع عن القضية الفلسطينية بغض النظر عن وجود مقيمين فلسطينيين بالبلاد. حيث حافظ الكويتيون حكومة وشعباً على المواقف الداعمة للقضية منذ عقود دون تغيير.
على صعيد متصل، يروج الاعلام الاسرائيلي أن هناك تواجد تاريخي مؤثر لليهود في الخليج. حيث يزعم البعض أنه بالاعتماد على استطلاع اراء بعض اليهود في الكويت، فان الجمهور الكويتي ليس معاديا لإسرائيل، وليس لديه مشكلة مع اليهود”[11].
ويطرح الاعلام الإسرائيلي أسئلة كثيرة أبرزها: لماذا تتخذ الكويت مقاربة مختلفة تجاه إسرائيل مقارنة بجيرانها الخليجيين؟ ليختزل الإجابات كالتالي: المؤسسات الديمقراطية في الكويت، والروابط التاريخية مع فلسطين، والقيم العربية هي ثلاثة عوامل تدفع حكومة الكويت وشعبها إلى رفض التطبيع.
ويحاول الاعلام الإسرائيلي تضليل الراي العام الدولي من خلال نشر أو إعادة نشر معلومات مقتطفة من الاعلام الكويتي حول وجود يهود كويتيين وغيرهم كإعلاميين يدعمون تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث يسعى الاعلام الإسرائيلي لتزييف حقائق حول وجود قبول شعبي لإسرائيل في المنطقة من باب انها شريك أمنى يدعم ردع التهديدات الإيرانية. لكن السياسية الكويتية المحايدة تبدو انها أكبر رداع استراتيجي ضد أي مخاطر محدقة بالكويت، حيث ان حياد سياسة الكويت الخارجية منعها من دخول دائرة الاستقطاب والمحاور المضادة. فمواقفها المحايدة مكنتها من خلق مكانة توازن استراتيجي في منطقة استقرار هش، إذا تعتبر منصة نشر للسلام ومؤيدة للاستقرار على أساس الحوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها.
وفي ظل وجود العديد من الأحداث المتكررة الموثقة لحالات مقاطعة معلنة من الكويت والكويتيين لإسرائيل في جل المجالات، تسعى إسرائيل لتغيير وجهة الرأي العام الكويتي ضمن هدف الترويج الإيجابي للتطبيع في المنطقة، وهو ما يدعم مخاوف من إمكانية ارتفاع درجة مخاطر التجسس ومحاولات اختراق الراي العام الكويتي عبر منصات التواصل الاجتماعي او عبر التجسس المباشر.
إسرائيل تطمح لزيادة الضغط على الكويت لإنهاء مقاطعتها
بعد قمة الولايات المتحدة مع دول الشرق الأوسط في الرياض في يوليو الماضي، زادت الدعوات الإسرائيلية لممارسة الضغوط لاستكمال عملية التطبيع مع دول عربية جديدة. العين هذه المرة على دول مثل الكويت، حيث تشير تقارير الى أن الكويت بالنظر لحدة مقاطعتها للتعامل مع إسرائيل هناك رغبة إسرائيلية ملحة في خفض نسبة معاداة الكويتيين لفكرة تواجد إسرائيل في الخليج كشريك اقتصادي وأمني، الى ذلك هناك طموحات في فتح أسواق الكويت أمام البضائع الإسرائيلية.
كما أن هناك تطلعات إسرائيلية أن تمارس إدارة بايدن ضغوطاً على الكويت لقبول خفض مستوى المقاطعة الكويتية لإسرائيل، حيث تم الإشارة الى ورقة التواجد الأميركي ومبيعات الأسلحة الامريكية للكويت، اذ قد يمارس اللوبي اليهودي ضغوطا على الإدارة الامريكية لزيادة الضغط على الادرة الكويتية لخفض مستوى المقاطعة، توقعات تبقى في حيز تقديرات المواقف، لكن هناك استياء واضح من الادارة الإسرائيلية من حملات المقاطعة الشعبية التي يقودها الكويتيون ضد إسرائيل وجرائمها ضد الفلسطينيين.
في الأثناء، يسود اعتقاد لدى بعض المفكرين الإسرائيليين أن واشنطن يمكنها التأثير على سياسات المقاطعة التي تتبناها الكويت. حيث يرون أن استقرار الكويت معتمد على النوايا الحسنة الأمريكية. فحسب رأيهم تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ اقتصادي وعسكري في الكويت، اذ أنها واحدة من أكبر موردي السلع والخدمات للحكومة الكويتية، فضلاً عن واردات الأسلحة المتقدمة.
في العام الماضي، ناقش البلدان تعزيز العلاقات الثنائية والاستراتيجية. تطوير هذه العلاقات حسب النخب الإسرائيلية، يجب أن يصبح مستقبلاُ مشروطًا بإنهاء مقاطعة إسرائيل. اذ يعتقد البعض أنه يجب على الكونجرس أيضًا النظر في إلغاء مكانة الكويت كحليف من خارج الناتو[12].
يستغرب بعض الكتاب الإسرائيليين عدم توجيه الإدارة الأمريكية لانتقادات للدول المقاطعة والمعلنة مواصلة حربها الاقتصادية على إسرائيل. حيث يطالب البعض بالنظر إلى التزام وزير الخارجية الأمريكي المعلن بتوسيع اتفاقية ابراهام، بضرورة ممارسة البيت الأبيض والكونغرس لضغوط على الكويت بسبب مقاطعتها لإسرائيل[13].
2022 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] Lindsay Benstead, Can the Abraham Accords Succeed? Exploring Arab Support for Normalization with Israel, August 1, 2022, https://www.wilsoncenter.org/article/can-abraham-accords-succeed-exploring-arab-support-normalization-israel
[2] Lindsay Benstead, Can the Abraham Accords Succeed? Exploring Arab Support for Normalization with Israel, August 1, 2022, https://www.wilsoncenter.org/article/can-abraham-accords-succeed-exploring-arab-support-normalization-israel
[3] Dylan Kassin, David Pollock, Arab Public Opinion on Arab-Israeli Normalization and Abraham Accords, washingtoninstitute, Jul 15, 2022, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/arab-public-opinion-arab-israeli-normalization-and-abraham-accords
[4] TZVI JOFFRE, Kuwait bans entry of ships carrying goods to and from Israel, DECEMBER 5, 2021, https://www.jpost.com/arab-israeli-conflict/kuwait-bans-entry-of-ships-carrying-goods-to-and-from-israel-687858
[5] Dylan Kassin, David Pollock, Arab Public Opinion on Arab-Israeli Normalization and Abraham Accords, washingtoninstitute, Jul 15, 2022, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/arab-public-opinion-arab-israeli-normalization-and-abraham-accords
[6] Tyler B. Parker, Why Kuwait Rejects Normalization With Israel, August 18, 2020, fairobserver, https://www.fairobserver.com/region/middle_east_north_africa/tyler-parker-kuwait-news-israel-relations-uae-gulf-arab-news-international-media-news-79163/
[7] Tyler B. Parker, Why Kuwait Rejects Normalization With Israel, August 18, 2020, fairobserver, https://www.fairobserver.com/region/middle_east_north_africa/tyler-parker-kuwait-news-israel-relations-uae-gulf-arab-news-international-media-news-79163/
[8] Uzi Rabi, Israel and the Gulf: Future Prospects for Normalization, dayan, April 5, 2021, https://dayan.org/content/israel-and-gulf-future-prospects-normalization
[9] Uzi Rabi, Israel and the Gulf: Future Prospects for Normalization, dayan, April 5, 2021, https://dayan.org/content/israel-and-gulf-future-prospects-normalization
[10] Dan Lavie, Who will be next to normalize relations with Israel?, israelhayom, May 2022, https://www.israelhayom.com/2022/05/31/who-will-be-next-to-normalize-relations-with-israel/
[11] Dan Lavie, Who will be next to normalize relations with Israel?, israelhayom, May 2022, https://www.israelhayom.com/2022/05/31/who-will-be-next-to-normalize-relations-with-israel/
[12] MITCHELL BARD, Pressure Kuwait to end its boycott, jns, aug 2022, https://www.jns.org/opinion/pressure-kuwait-to-end-its-boycott/
[13] MITCHELL BARD, Pressure Kuwait to end its boycott, jns, aug 2022, https://www.jns.org/opinion/pressure-kuwait-to-end-its-boycott/