الكويت، 20 يوليو 2022 (csrgulf): من المتوقع أن يستمر انتخاب معارضة قوية عبر أيديولوجيا تهيمن على المجلس متمثلة في تحدي السلطة.
لكن خطاب جزء من المعارضة يظلّ متمسكاً بترويج أهداف وطموحات شعبوية وإطلاق وعود بتغيير جذري يهدف لزيادة تحقيق العدالة الاجتماعية ومزيد من الحقوق والحريات والشفافية. ورغم تأثيرات دور المعارضة في تحسين الأداء الحكومي، الا أن نسبة من وعود جزء من المعارضة قائمة فقط على رفض برامج السلطة وانتقادها دون تقديم حلول واقعية بديلة.
وضمن سلسة تقارير عن مدركات الفساد في الكويت، خلص تقرير المركز أنه في ظل هيمنة فكرة تحدي السلطة، استطاعت بعض عناصر المعارضة الدفع باستقالات متكررة للحكومات بمبررات مختلفة أغلبها شبهات ومزاعم فساد في الجسم الحكومي. لكن فكرة تحدي السلطة قد لا تكفي لضمان بناء مستقبل مزدهر وتشريك مزيد من عناصر المعارضة في صنع القرار من أجل تفادي عدم الاستقرار السياسي.
فواقعية برامج الإصلاح التي تتبناها المعارضة وتغيير ثقافة المواطنة برمتها (من مواطن مستهلك للثروة الى مواطن منتج) قد تكون محل اختبار في حال منح عناصر من المعارضة حقائب حكومية. حيث قد يكون منعرجا مهما في تقييم قدرة المعارضة على التغيير والانتقال من مرحلة الرفض الى مرحلة الاقتراح والتنفيذ.
فلطالما ركز خطاب المعارضة السياسية داخل المجلس وخارجه على شعارات حماية مصلحة المواطن ورفض المساس بامتيازات حياة الرفاه التي يحظى بها الفرد الكويتي في ظل حقه الدستوري في الامتيازات الممنوحة من الدولة. وميز شعار الرفض للعمل الحكومي أغلب تدخلات المعارضة في تاريخ مشاركاتها في مجلس الأمة.
علاوة على ذلك، ظلت المعارضة السياسية لا تتردد في ممانعتها واعتراضها ورفضها لبرامج اصلاح جوهرية للاقتصاد الكويتي كالخصخصة وإصلاح الوظيفة وتنويع الأنشطة وتحفيز عمل الكويتيين في القطاع الخاص، وذلك بمبرر عدم تحميل كلفة الإصلاح للمواطن.
وبذلك تساهم بعض التيارات السياسية المعارضة خاصة الشعبوية بشكل من الأشكال وعن غير قصد أحياناً في تأخير استكمال الإصلاح الشامل وعدم خلق ثروة غير نفطية فضلاً عن تكريس بواعث استمرار بيئة مناسبة للفساد الصغير. اذ أن محاربة الفساد لا تقتصر فقط على الفساد الكبير في الدوائر الحكومية بل تشمل أيضاً بواعثه ودوافعه السلوكية والثقافية في المجتمع.
على صعيد آخر، يعتبر تعديل الخطاب السياسي وتركيزه على منح شرعية لإصلاحات جوهرية هو الدعامة المثالية لنهضة الكويت في المستقبل على أساس التزام الحكومة والمجتمع بالقانون الذي يبقى الضمانة الوحيدة لتقلص الفساد الشامل بشكل نهائي. ولطالما ترسخ في وعي المواطن أن ضمانة تقلص الفساد الحكومي هو تواجد معارضة فاعلة داخل البرلمان.
في المقابل يتم غض النظر عن المحسوبية والواسطة المتغلغلة في المجتمع والتي يتم الاعتماد عليها في الحصول على ميزات على مستوى التوظيف والحصول على منح على سبيل المثال. يتم تعريف الواسطة على أنها مجموعة من الشبكات الشخصية المتجذرة بعمق في المجتمع قائمة على الأسرة أو الروابط التي يتم فيها استخدام النفوذ والتأثير لإنجاز معاملات او الحصول على خدمات او ميزات كالتوظيف في أي منصب، بغض النظر عن المؤهلات، وهي ممارسة يستخدمها الأشخاص للحفاظ على مصالحهم[1].
دور العلاقات العائلية والقبلية الذي يضمن وصول بعض النواب الى المجلس التشريعي يرسل أحياناً رسائل طمأنة للمواطن بإمكانية التدخل من أجل ضمان ميزات أو الإفلات من العقاب. اذ أن الاحساس بإمكانية الإفلات من العقاب[2] هو من بين معرقلات جهود مكافحة الفساد.
2022 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] Abrar Abdulsalam Al-Enzi,The Influence of Wasta on Employees and Organisations in Kuwait, A Doctoral Thesis Submitted in Partial Fulfilment of the Requirements for the Award of Doctor of Philosophy of Loughborough University, 2017, file:///C:/Users/IMED/Downloads/Thesis-2017-AlEnzi.pdf
[2] KUWAIT 2019 HUMAN RIGHTS REPORT, US report, 2019, https://www.state.gov/wp-content/uploads/2020/02/KUWAIT-2019-HUMAN-RIGHTS-REPORT.pdf