14 مارس 2022 (csrgulf): مع التحاق مرتزقة من دول العالم للانضمام للحرب في أوكرانيا، فريق يقاتل الى جانب الاوكرانيين بدعوة من الغرب وآخر الى جانب الروس بدعوة من موسكو، تتصاعد المخاوف من زيادة استقطاب أكثر المجموعات الاجرامية والمتطرفة في العالم للتواجد في بلد نووي، في ظل رواج بروباغندا عالمية منقسمة تشجع على النفير الى الأراضي الأوكرانية فيما يشبه دعوة للمشاركة في حرب مقدسة تحت شعارات ومبررات مختلفة.
وحسب رصد إدارة المخاطر في مركز (csrgulf) يلوح في الأفق قلق إزاء تداعيات التحاق مجموعات متطرفة وتنظيمات إجرامية الى أوكرانيا واحتمالات تتسلل مافيا الاتجار النووي واستيلائها على تقنيات نووية واشعاعية من منشآت نووية أوكرانية بقصد التهريب وبيعها في السوق السوداء كخطوة متوقعة لا يتم استبعاد اقدام بعض التنظيمات الاجرامية عليها من أجل الاستثمار في الحرب والفوضى المندلعة وتحقيق فوائد مادية قصوى في منطقة تصنف بين أكثر المناطق الأوروبية التي تشهد استخدامات الطاقة النووية فيها انتشارا واسعاً. حيث ينشط تجار الحروب بشكل كبير في مثل هذه الظروف من أجل تحقيق مكاسب كبيرة.
ورغم تطمينات الروس وإعلان تواصلهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية[1] حول تأمين المنشآت النووية من أي ضرر او اختراق، تبقى هناك هواجس مقلقة من إمكانية تعرض بعض المواد والمعطيات النووية للسرقة في ظل حرب الكر والفر ومحدودية المعلومات حول هوية المسيطر على الأرض.
وباعتبار أن المواد النووية تعتبر الأكثر قيمة في السوق الدولية تبرز مخاوف من وجود مخاطر محتملة حول وجود سعي من تنظيمات إجراميه للحصول على مثل هذه المواد الخطيرة عبر سرقتها من اجل بيعها مشتغلين الارباك الأمني وظروف الحرب وعدم تامين الحدود والاستفادة من تدفق اللاجئين الامر الذي يسهل تهريب مثل هذه التقنيات والاسرار الخطيرة.
واعتبرت أوكرانيا منذ سنوات أكثر وجهة في العالم تتسابق اليها عصابات الاتجار النووي بقصد تجارة المواد النووية الخطرة[2]، يذكر ان أوكرانيا بين أكثر الدول الأوروبية احتضانا لأكبر محطات نووية ذات استخدامات للطاقة الكهربائية.
ومع وجود تقارير تحذر من تنازع روسي أوكراني حول السيطرة على بعض المنشآت النووية، تزايد المخاوف من إمكانية اختراق بعض التنظيمات الاجرامية لهذا المنشآت وسرقة بيانات او مواد نووية وعرض بيعها في السوق السوداء ما يثير المخاوف من وصول المتطرفين او دول لهذه التقنيات التي قد تساعد على تطوير أسلحة دمار شامل.
ومثلت سيطرة روسيا على كل من المحطتين النوويتين تشيرنوبيل وزابوريجيا الأكبر في أوروبا[3] انذارا خطيرا استدعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيادة التنسيق مع روسيا وأوكرانيا لتأمين هذه المنشآت ومنع تضررها أو اختراقها لمنع حدوث كارثة انسانية، حيث يمثل خطر التسرب الاشعاعي أو سرقة بيانات ومعدات نووية أكبر هاجس للوكالة.
وفقًا لبيانات مجموعة علوم وتكنولوجيا الدفاع(DSTO)الأسترالية تم اعتراض تهريب اليورانيوم المنخفض التخصيب في أكثر من مناسبة خلال العقد الماضي في منطقة البحر الأسود وتم اعادته لمنشئه الأصلي في أوكرانيا. خلال السنوات الماضية تم مصادرة اليورانيوم منخفض التخصيب في تركيا وأوكرانيا ورومانيا وجورجيا، مع الإشارة الى ان روسيا وكازاخستان وأوكرانيا بلدان المنشأ المحتملة. تشير أنماط التهريب إلى أن المواد النووية قد تم نقلها الى تركيا كوجهة مؤقتة لليورانيوم المهرّب من الجهوريات السابقة للاتحاد السوفياتي. تؤكد هذه الحوادث أن المجرمين استخدموا دول منطقة البحر الأسود كممرات تهريب[4].
خلال العقدين الماضيين تم تسجيل ما يقرب من نصف حوادث التهريب والاتجار النووي في روسيا. وسجلت أوكرانيا ثاني أكبر عدد حوادث تهريب المواد النووية في أوروبا، بينما احتلت تركيا المرتبة الثالثة، تليها جورجيا ورومانيا. سجلت السلطات الأوكرانية على سبيل المثال نحو 112 سرقة لمصادر إشعاعية و95 حالة تهريب أخرى في الفترة ما بين 1989-2012[5].
وهناك مخاوف من اقبال شرق اوسطيين على مناطق النزاع في أوكرانيا للقتال الى الجانب الروسي، وقد يمثل بعض هؤلاء عناصر إجرامية قد تبحث عن الاتجار النووي كونه اهم نشاط مربح خلال الحرب الدائرة، وهو ما يدعو السلطات عبر الحدود لزيادة تشديد المراقبة على الدخول والخروج خلال الفترة المقبلة مغبة محاولة تهريب اسرار نووية من أوكرانيا.
الإيرانيون أوالمتطرفون هل يهتمون بالأسرار النووية الأوكرانية؟
تظهر عدة تقارير أن عملاء المخابرات الإيرانية شاركوا بنشاط على امتداد العقود الماضية في عمليات شراء سرية للمواد والتكنولوجيا النووية. في عام 1993، ألقت الشرطة التركية القبض على العديد من المهربين مع ثلاثة من عملاء المخابرات الإيرانية بحوزتهم 2.5 كجم من اليورانيوم. وفي حالة أخرى ظهرت في عام 2000، ألقت شرطة كازاخستان القبض على ثلاثة مشتبه بهم وبحوزتهم 4 كيلوغرامات من كريات وقود اليورانيوم منخفض التخصيب كانت متجهة إلى إيران. تشير التقديرات الرسمية إلى أن إيران تبعد 5 إلى 10 سنوات عن امتلاك سلاح نووي وفقًا لتوقعات قدرتها على التخصيب بالطرد المركزي. ومع ذلك، يمكن لإيران تقصير هذا الإطار الزمني من خلال الحصول على اليورانيوم عالي التخصيب أو البلوتونيوم عبر قنوات السوق السوداء[6]. وفي حال تسريب تقنيات نووية غير آمنة في أوكرانيا لمثل هذه السوق فقد تنشط المخابرات الإيرانية من اجل الاهتمام بالحصول عليها مقابل أي ثمن.
على صعيد آخر، خلصت الدراسات الحكومية الغربية مرارًا وتكرارًا إلى أن الجماعات الإرهابية في العالم وفي الشرق الأوسط قد تبحث عن القدرة التقنية النووية والتي قد تشكل بها تهديدا مباشرا للأمن القومي الدولي. وبشكل أكثر تحديدا، فإن حقيقة محاولة تنظيم القاعدة الإرهابي أو تنظيم داعش لامتلاك مواد نووية تشير إلى مخاوف من انتشار نووي غير خاضع للرقابة من خلال السرقة والتهريب.
2022 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
الهوامش:
[1] IAEA chief holds ‘constructive’ talks with Russia’s Lavrov, world-nuclear-news, 10 March 2022, https://www.world-nuclear-news.org/Articles/IAEA-chief-in-Turkey-for-talks-on-Ukraine-nuclear
[2] Vitaly fedchenko and ian anthony, NUCLEAR SECURITY IN THE BLACK SEA REGION, Contested Spaces, National Capacities and Multinational Potential, SIPRI Policy Paper, December 2018, https://www.sipri.org/sites/default/files/2018-12/sipripp49_nuclear_security_black_sea.pdf
[3] Euronews, Europe’s biggest nuclear power plant targeted in a fire in Ukraine – but radiation is ‘normal, March 2022, https://www.euronews.com/green/2022/03/04/europe-s-biggest-nuclear-power-plant-targeted-in-a-fire-in-ukraine-but-radiation-is-normal
[4] lyudmila zaitseva and friedrich steinhäusler, NUCLEAR TRAFFICKING ISSUES IN THE BLACK SEA REGION, No. 39, EU Non-Proliferation Consortium, Non-Proliferation Papers, The European network of independent non-proliferation think tanks, April 2014, https://www.files.ethz.ch/isn/187240/April_2014_39.pdf
[5] lyudmila zaitseva and friedrich steinhäusler, NUCLEAR TRAFFICKING ISSUES IN THE BLACK SEA REGION, No. 39, EU Non-Proliferation Consortium, Non-Proliferation Papers, The European network of independent non-proliferation think tanks, April 2014, https://www.files.ethz.ch/isn/187240/April_2014_39.pdf
[6] Mahmut Cengiz, Various System Methodologies to Analyze Theft and Smuggling of Nuclear Material Cases, 2020, https://traccc.schar.gmu.edu/wp-content/uploads/2020/09/cengiz2.pdf