25 فبراير 2022 (csrgulf): أكثر من 20 زعيماً ورئيس دولة التقاهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ بداية العام وكان أبرزهم الزعيم الصيني. في الأثناء، تكثفت وتيرة الاستقبالات الرسمية لبوتين في الكريملن حتى في ظل ذروة الصراع مع أوكرانيا. استقبالات بوتيرة غير المسبوقة يعتقد البعض أنها كانت تمهد لأمر ما.
وحسب تحليل مقتضب للمركز، فانه في حين اختلفت التوقعات حول أسباب كثافة زيارات القادة لموسكو، لا تستبعد تقارير أن بوتين يبحث تحفيز الدول الصديقة لروسيا تعميق تعاون دفاعي مشترك ودعم نشأة تحالف مصالح قد يتبلور على أساس نظام عالمي بديل يتأسس على أنقاض فشل النظام الحالي في تقليص وطأة تداعيات الجائحة العالمية على مؤشرات الفقر والبطالة المرتفعة، علماً أن انعكاسات الوباء الاستراتيجية والتي أضرت خاصة بدول أوروبا والولايات المتحدة والدول المرتبطة بها من المفروض أن تفرز اختلالات في النظام العالمي الحالي حيث هناك توقعات قوية بموجة اضطرابات تجوب العالم بسبب بطء تعافي الاقتصاد العالمي من وطأة قيود الوباء وتردي الأوضاع المعيشية. وتحمل عديد المنظمات الشعبية في العالم السياسات الرأسمالية وفشل منظومة العولمة التي تقودها القوى الغربية في انقاذ الكوكب من تداعيات الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي فاقمتها الجائحة.
بعض الدول التي قد تواجه اضطرابات سياسية يبدو أنها قد تلجأ لقوى جديدة لا تشترط الديمقراطية كمعيار للمساعدة، ومن هنا تحذر منظمات دولية من مغبة صعود الأنظمة الشمولية في مرحلة ما بعد الجائحة والتي قد تكون بدعم من قوى تصنيفها الولايات المتحدة في محور الشرق وتقصد الصين وروسيا.
وتحرص كل من روسيا والصين على توسيع قوتها الاقتصادية والعسكرية ودعم توسع نفوذها وكسب حلفاء جدد على أساس مصالح مشتركة لا يمكن أن يحققها الغرب لعدد من الدول التي تعاني مشكلات اقتصادية أو تلك التي تصنف بالأنظمة غير الديمقراطية الناشئة أو الشمولية أو العسكرية أو التي تتبنى الديمقراطية الشعبية ذات الميل للاشتراكية. الترويج لتحالف المصالح الذي يقوده الشرق بدل الغرب قد يحي مخاوف تراجع الديمقراطيات في المدى القريب.
وبلغ متوسط استقبالات بوتين نحو رئيسين كل أسبوع. آخر القادة كان رئيس الوزراء الباكستاني، وقبله الآذاري والبرازيلي ورؤساء عدد من دول الجوار الروسي وعدد من دول متوافقة مع السياسة الروسية، فضلاً عن لقاءات المسؤولين الروس مع عدد من كبار المسؤولين في دول العالم خاصة الصين وأوروبا ودول العالم العربي للتنسيق حول تعزيز التعاون الدفاعي. أبرز لقاءات المسؤولين العسكريين الروس كانت تلك جمعتهم بكل من قادة سوريا والسودان. وتحرص روسيا على زيادة نفوذها في السودان عبر دعمها لقادة الانقلاب، حيث زار وفد بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة موسكو لبحث ملف إنشاء قاعدة بحرية. وسبق هذا اللقاء تقاربا روسيا ليبيا ومحادثات حول احتمالات تعزيز التواجد العسكري الروسي في ليبيا والمغرب العربي والاستفادة من العلاقة المتقدمة الروسية الجزائرية في مجال التعاون الدفاعي، وهو ما يمهد لزيادة النفوذ الروسي في المغرب العربي وشمال افريقيا عموماً.
ممثلو الدول التي تجمعها مع روسيا علاقات مصالح يسعى بوتين لإقناعهم برفع مستويات التعاون المشترك وصولاً لتحالف افتراضي يحقق مكاسب مشتركة. بالنسبة لهذه الدول تستفيد من الدعم الروسي العسكري والاقتصادي من اجل تثبيت أنظمتها، اما استفادة روسيا فهي تحقيق تحالف افتراضي يتحقق بوتيرة سريعة والهدف الوصول الى توسيع نفوذ الاتحاد الروسي وتشكّل قطب ينافس القطب الغربي. ويسوق بوتين لهذا الحلف على انه تحالف مصالح ينتصر للدول الهشة او الشعوب المضطهدة بسبب قواعد النظام العالمي الغربي غير العادلة، حيث لطالما يصفه بوتين سياسات الدول الغربية بالظالمة خاصة للفئات المستضعفة.
ويروج بوتين لنفسه بأنه نصير الضعفاء ويقدم لهم دعم روسيا في تحقيق السيادة والثورة بمنأى عن املاءات وشورط الغرب. لكن ممثلو الدول الذين التقاهم بوتين أغلبهم يقودون أنظمة شمولية أو استبدادية، وهذا ما يدعو للقلق حول زيادة تراجع الأنظمة الديمقراطية في حال حققت روسيا نصرا في عمليتها العسكرية في أوكرانيا والتي قد تنتهي كما يرجح المسؤولين الأمريكيين بإسقاط موسكو لنظام ديمقراطي موالي للغرب وتنصيب نظام جديد حليف لها وأكثر شمولية.
2022© مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF