- الكويت بالنسبة لواشنطن محورية في مكافحة الإرهاب واستقرار العراق
- هل تشتري الكويت الحماية الأمريكية؟
الكويت، 2 أكتوبر 2021 (csrgulf): لا تنوي القوات الأمريكية مغادرة الكويت نهائيا قبل عام 2030 لكن بتواجد هو الأقل منذ حرب العراق وتحرير الكويت. فعلى الرغم من أن الكويت تبقى بالنسبة لواشنطن محورية في مكافحة الإرهاب واستقرار العراق، قلّصت الولايات المتحدة أكبر عدد ممكن من قواتها الدائمة في قواعدها في الكويت.
وفي حين تراجع حجم القوات الأمريكية الدائمة بقواعدها بالكويت، زادت مشتريات الحكومة الكويتية من الأسلحة والعتاد العسكري الأمريكي بشكل كبير منذ 2017. وتعتبر الكويت من بين أهم زبائن السوق الأمريكية للسلاح، حيث قد تضاعفت قيمة صفقة واحدة في 2020 نحو ثلاثة أضعاف من أجل الابقاء على الشراكة التفاضلية بين البلدين. فضلاً عن تقارير ترجح فرضية زيادة مشاركة الكويت ودول خليجية أخرى في تحمل نفقات القواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة.
وحسب إحصاء تقديري لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) فقد صُنفت الكويت كأكثر دول الخليج تسجيلاً لعمليات تقليص عدد القوات الأمريكية على امتداد العشر سنوات الماضية، حيث كانت تناهز نحو 60 ألفا في 2008[1] ثم انخفضت الى 15500 في 2014[2] فنحو 13445 في 2016[3]، ليهوي عدد القوات الدائمة في 2019 الى نحو 2058[4] ويتراجع أكثر في 2021 الى نحو 1360 ضابط عسكري دائم لغاية شهر يونيو[5] الماضي وذلك دون احتساب أفراد الجيش المرسلة في مهام مؤقتة. يذكر أن منصة الجيش الأمريكي بدأت منذ 2017 تُحصي تحديث القوات الأمريكية الدائمة المرسلة للخارج مع عدم احتساب عدد القوات المؤقتة.
وتراهن الولايات المتحدة على ديمومة التعاون الدفاعي مع الكويت لكن بتوافقات جديدة بدأت تنجلي معالمها خلال ادارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حيث تقضي التفاهمات بزيادة تحميل حلفاء أميركا في الخليج بصفة خاصة أعباء الوجود العسكري الأمريكي على أراضيها.
وعلى الأرجح أن تتجنب ترتيبات القواعد العسكرية الأمريكية في دول الخليج خاصة الصغيرة منها كالكويت معظم تعقيدات التمويل، حيث تشارك بعض هذه الدول في تكاليف هذه القواعد. حصة كبيرة من تكاليف القواعد داخل دول مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر مغطاة من قبل الحكومات المضيفة وذلك على الرغم من مقدار السرية حول هذه المسألة[6].
وفي حين تخطط وزارة الدفاع الأمريكية للإبقاء على أقل عدد ممكن من القوات الدائمة بقواعدها في الكويت، تظل البلاد مركزا محورياً لتنسيق وتوزيع القوات الأمريكية في المنطقة. ويستمر بذلك حفاظ الولايات المتحدة على منظومة الدفاعات الصاروخية “باتريوت” المنتشرة في الكويت في ظل المظلة الدفاعية، حيث لا تراهن واشنطن بخسارة حليف استراتيجي كالكويت.
1400 جندي بصفة دائمة والباقي مؤقتون
تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 10 ألاف جندي أمريكي بقواعدها بالكويت بينهم نحو 1400 دائمين والباقي يشكلون قوة مؤقتة يتم توزيعها على مناطق النزاع في المنطقة، ويزيد هذا العدد أو ينقص حسب المتغيرات والمخاطر[7]. وتمثل الكويت نقطة هامة في خارطة انتشار الجيش الأمريكي بالشرق الأوسط، أولاً من أجل دعم قدرة الجيش الكويتي ودفاعاته ضد أي تهديدات محتملة، وثانياً لأن الكويت ظلّت منصة للقوات الأمريكية والدولية لتنسيق عملياتها في الشرق الأوسط سواء لمحاربة التنظيمات المتطرفة أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة في المنطقة، أو من أجل القيام بمهام محدودة كالتعامل مع أحداث طارئة في مناطق توتر كإيران، والعراق وسوريا وأفغانستان. وتراهن الولايات المتحدة على الأهمية الاستراتيجية لقواعدها العسكرية في الكويت بالنظر لكونها الأقرب لمراكز التوتر في منطقة الخليج وفي مقدمتها إيران والعراق.
وتعتبر الإدارة الأمريكية، في آخر تحديث لها لتقييم الأصدقاء والأعداء، الكويت حليفاً رئيسياً من خارج منظمة حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، حيث كانت البلاد بمثابة قاعدة لأكثر من 20 ألف جندي أمريكي خلال حرب العراق[8]. وعلى الرغم من انسحاب القوات الأمريكية من العراق، ظلّت الكويت (إلى جانب قطر) مركزًا إقليميًا مهمًا حيث تنسق القواعد الأمريكية هناك الدعم اللوجستي والتدريبي. تنشر الولايات المتحدة أيضًا أنظمة دفاع صاروخي في البلاد وتساعد في تدريب الجيش الكويتي[9].
وفي مقابل زيادة برامج التدريب لتأهيل القدرات العسكرية الكويتية المحلية، قلّصت وزارة الدفاع الأمريكية بشكل مستمر عدد قواتها الدائمة بالكويت في ظل انسحاب تدريجي. لكن تبقى فرضية بطء وتيرة الانسحاب واردة من القاعدة الأميركية في الكويت[10] بسبب عدم اليقين حول مصير الاستقرار في العراق واليمن في مرحلة ما بعد الجائحة وعودة طالبان للحكم مع مخاوف حقيقية من إمكانية فقدان واشنطن للسيطرة على الأوضاع وتحقيق إيران لانتصار معنوي في هذه البلدين.
المظلة الدفاعية الأمريكية مستمرة بمشاركة كويتية وخليجية في التمويل
في حين تؤكد مؤشرات كثيرة، على خلفية الدروس المستفادة من الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان، على بطء وتيرة سحب الولايات المتحدة مستقبلا لبطاريات باتريوت من دول الخليج والكويت بصفة خاصة، الا أن هناك غموض وتضارب لمعلومات حول حقيقة نوايا البيت الأبيض في انهاء المظلة الدفاعية بالخليج والتي تمثلها بطاريات باتريوت وثاد المنتشرة في المنطقة ضد التهديدات الإيرانية. ففي صيف هذا العام قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن البنتاغون يسعى لسحب بعض الأسراب المقاتلة ونحو ثماني بطاريات “باتريوت” من العراق والكويت والأردن والمملكة العربية السعودية ودول أخرى[11]. الا أن هذا السحب قد لا يخدم أهداف واشنطن في المنطقة وقد يجعل الإدارة الأمريكية تخسر حلفائها بالنظر لاستمرار التهديدات المحدقة. وبذلك هناك توقعات تشير الى أنه قد لا يتم نزع المظلة الدفاعية لكن قد يتم زيادة اشراك دول الخليج في تحمل نفقاتها.
كما ترجح تقارير أمريكية أنه لا توجد توجهات واضحة لوزارة الدفاع الأمريكية لسحب شاكل لمنظومة باتريوت الا بعد تركيز منصات دفاعات جديدة بديلة في هذه الدول تبيعها الولايات المتحدة لحلفائها الخليجيين بالدرجة الأولى وذلك من أجل تقليص النفقات أولاً، وثانياً بهدف تمكين دول الخليج من قدرات دفاعية ذاتية أكبر مع دعم أمريكي وتحقيق هذه الدول نوع ما من القدرات الكافية لردع التهديدات.
تضخم صفقة أسلحة أمريكية للكويت 3 أضعاف في 7 أشهر
في مايو 2020 العام الماضي، حصلت وزارة الخارجية الأمريكية على موافقة على صفقة بثلاث حزم لتحديث أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت الكويتية، بكلفة تقديرية بلغت 1.425 مليار دولار شملت 425 مليون دولار مساعدة فنية، و200 مليون دولار لبرنامج الصيانة، و800 مليون دولار ثمن 84 صاروخ باتريوت متقدم[12]. الا أن وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية أخطرت أنها ليست مبيعات نهائية حيث دخلت الكويت بعد ذلك في مفاوضات حول الحزمة والتكاليف. بعد نحو 7 أشهر فقط من المفاوضات تضاعفت قيمة الصفقة التي تم تعديلها من 1.4 مليار الى 4.2 مليار دولار حسب بيان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي أكدت موافقة وزارة الخارجية الأمريكية على بيع محتمل للكويت لقطع غيار لنظام صواريخ باتريوت مع إضافة طائرات هليكوبتر من طراز أباتشي في صفقتين منفصلتين تصل قيمتهما إلى 4.2 مليار دولار.[13]
وبذلك اتضح تضخم قيمة مشتريات الكويت من الأسلحة الأمريكية في فترة وجيزة، وتفسّر بعض التقارير ذلك بحرص الكويت على إبقاء تعاون عسكري تفاضلي مع الولايات المتحدة والإبقاء على المظلّة الدفاعية الأمريكية. وهو ما يمكن أن يندرج ضمن مبدأ تمويل الحماية الذي ميّز سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه دول الخليج. ولطالما كانت الكويت زبونًا موثوقًا به للعتاد العسكري الأمريكي، حيث حظيت بالموافقة على 13 صفقة مبيعات عسكرية منذ بداية 2017، بتكلفة تقديرية تبلغ 13.9 مليار دولار[14]، وهو ما مكن الإدارة الأمريكية من الاستفادة بتدفق مالي ضخم من الكويت ودول خليجية لتعزيز جدوى الانتشار العسكري الأمريكي في القواعد الخليجية. وينسجم التوجه الأمريكي لتقليص نفقات الوجود العسكري في قواعدها الخارجية مع رؤية إدارة الرئيس جو بايدن خاصة فيما يتعلق بمسألة تعديل خطة انتشار الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط[15] لكن مع تقليص تكلفة التواجد الأمريكي الى الحد الأدنى. فضمان استمرارية التعاون الدفاعي الأمريكي مع الكويت يقتضي استمرارية تعاون مشترك في تغطية نفقات الوجود العسكري الأمريكي المكلف[16]. لكن رغم الحرص المعلن من واشنطن على اشراك دول الخليج في المظلة الدفاعية والأمنية، لا يبدو أن واشنطن قد تتخلى عن الاستثمار في تطوير أنظمتها الدفاعية في المنطقة خاصة بالنظر لجدية التهديدات الصاروخية الإيرانية.
فبعد الهجمات الصاروخية التي أطلقتها إيران وطالت قواعد أمريكية في العراق على خلفية مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في يناير 2020، وبعد الفوضى التي خلّفها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في أغسطس 2021، تزيد التكهنات بأن لا تتسرع واشنطن في سحب شامل لمنصات باتريوت من دول خليجية كالكويت لحين استكمال صفقات بيع أنظمة دفاعية متطورة لبعض دول الخليج بشكل عام.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث Csrgulf
المراجع:
[1] Official US military platform, DoD Personnel, Workforce Reports & Publications, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[2] Official US military platform, DoD Personnel, Workforce Reports & Publications, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[3] Official US military platform, DoD Personnel, Workforce Reports & Publications, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[4] Official US military platform, DoD Personnel, Workforce Reports & Publications, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[5] Official US military platform, DoD Personnel, Workforce Reports & Publications, https://dwp.dmdc.osd.mil/dwp/app/dod-data-reports/workforce-reports
[6] F. Gregory Gause III, Should We Stay or Should We Go? The United States and the Middle East, Global Politics and Strategy, Volume 61, 2019 – Issue 5, Pages 7-24 | Published online: 17 Sep 2019, https://doi.org/10.1080/00396338.2019.1662114
[7] US Military Bases in Kuwait, https://militarybases.com/overseas/kuwait/
[8] Congessional research service, U.S. Role in the World: Background and Issues for Congress, January 19, 2021, https://sgp.fas.org/crs/row/R44891.pdf
[9] Congessional research service, U.S. Role in the World: Background and Issues for Congress, January 19, 2021, https://sgp.fas.org/crs/row/R44891.pdf
[10] Steven Simon, Robert E Wilhelm, Richard Sokolsky,What to Do With U.S. Forces in the Persian Gulf As the United States leaves Afghanistan, the question of troops in the Middle East to support the Afghan mission looms large, foreign policy, april 2021, https://foreignpolicy.com/2021/04/16/troops-afghanistan-persian-gulf-withdrawal-biden/
[11] Stephen Losey, US to Pull Some Patriot Missile Batteries, Fighter Squadrons Out of Middle East, 21 jun 2021, https://www.military.com/daily-news/2021/06/21/us-pull-some-patriot-missile-batteries-fighter-squadrons-out-of-middle-east.html
[12] Aaron Mehta, Kuwait wants to spend over $1.4 billion on Patriot upgrades, 28 May 2020, https://www.defensenews.com/global/mideast-africa/2020/05/28/kuwait-wants-to-spend-over-14-billion-on-patriot-upgrades/
[13] Mike Stone, U.S. State Department approves $4.2 billion in potential arms sales to Kuwait – Pentagon, Reuters, December 29 2020, https://www.reuters.com/article/usa-kuwait-arms-int-idUSKBN2931ZY
[14] Aaron Mehta, Kuwait wants to spend over $1.4 billion on Patriot upgrades, 28 May 2020, https://www.defensenews.com/global/mideast-africa/2020/05/28/kuwait-wants-to-spend-over-14-billion-on-patriot-upgrades/
[15] Natasha Bertrand and Lara Seligman, Biden deprioritizes the Middle East, Mohammad Yaghi, What Drives President Biden’s Middle
East Policies? And what are their Impacts on the Gulf States?, Policy Report No. 22 – May 2021, https://www.kas.de/documents/286298/8668222/Policy+Report+No+22+What+Drives+President+Biden%E2%80%99s+Middle+East+Policies.pdf/98bac5dc-abc0-a108-18ef-32ff9f156873?version=1.1&t=1621864193248
[16] F. Gregory Gause III, Should We Stay or Should We Go? The United States and the Middle East, Global Politics and Strategy, Volume 61, 2019 – Issue 5, Pages 7-24 | Published online: 17 Sep 2019, https://doi.org/10.1080/00396338.2019.1662114