الكويت، 11 سبتمبر 2021 (csrgulf): من غير الواضح إلى أي مدى، قد تشجع المساعدة الخارجية الأمريكية طالبان على قبول العناصر الأساسية في دستور أفغانستان وحكم ما بعد عام 2001. ينظر العديد من صانعي السياسة الأمريكيين إلى النظام الديمقراطي في أفغانستان، حتى مع عيوبه الكبيرة، على أنه نجاح للجهود الأمريكية والدولية. في حين تختلف وجهات النظر الرسمية حول موقف طالبان.
واستنادا على دراسة تقارير استخباراتية، تكشف خلاصة ورقة بحثية يصدرها المركز (csrgulf) حول آفاق المتغيرات في أفغانستان وتداعياتها الدولية الى أن رغبة طالبان في الحصول على المساعدات الخارجية والشرعية قد تلطف سلوكها بشكل هامشي بمرور الوقت على الأقل في البداية.[1]
تسلمت طالبان إدارة البلاد وهي في حالة ترد اقتصادي كبير، حيث تتذيل أفغانستان المراتب الأخيرة عالمياً في مؤشر التنمية (HDI) عند المرتبة 169 من أصل 189 بلدا في العالم[2]. وتعتمد الحكومة الأفغانية بشكل كبير على المساعدات الخارجية التي تمثل أكثر من 75 في المئة من الميزانية الوطنية بينما تغطي الإيرادات الحكومية بالكاد ربع النفقات العامة الأفغانية[3]. ومن بين أهم المانحين الدوليين لأفغانستان تتصدر الولايات المتحدة القائمة، حيث يتيح الكونغرس بعض الأموال لمجموعة من الأنشطة في أفغانستان، بما في ذلك برامج مكافحة الفساد، ودعم التعليم العالي، وحماية حقوق النساء والفتيات الأفغانيات. كما شدد المسؤولون الأمريكيون على حماية حقوق المرأة. وكانت طالبان قبل الإطاحة بها عام 2001، أغلقت مدارس الفتيات ومنعت النساء من العمل.
وكانت واشنطن جمدت أصولاً للحكومة الأفغانية بمليارات الدولارات وأوقفت الشحنات النقدية إلى البلاد في الوقت الذي استولت فيه طالبان على العاصمة في نهاية الأسبوع. يقول المسؤولون الأمريكيون إن النفوذ المالي قد يكون مفتاحًا للضغط على طالبان للالتزام باتفاقيات السلام الخاصة بها[4] التي تم التوصل لها بعد تسع جولات من المناقشات، حيث وقّع المفاوضون اتفاقية سلام في فبراير 2020 تتناول قضيتين رئيسيتين أبرزها وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الأجنبية (قوات حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة). الا أن التزام طالبان بهذه الاتفاقية بقي محل شكوك كثيرة حيث حذر خبراء من أن سحب القوات بسرعة كبيرة قد يزعزع الاستقرار[5]. الا أن الانسحاب حدث بعد أن ضمنت طالبان عدم استخدام أفغانستان من قبل أي من أعضائها أو الأفراد الآخرين أو الجماعات الإرهابية لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها. كما راهنت واشنطن على سياسية ابتزاز حركة طالبان بوقف المساعدات الدولية التي تناهز نحو 12 مليار دولار[6]، ولا يبدو أن طالبان تريد التضحية بهذه المساعدات على المدى القريب.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية طلبت ربيع هذا العام تخصيص نحو 250 مليون دولار من صناديق الدعم الاقتصادي من أجل فئة واسعة من المساعدات الاقتصادية والسياسية لأفغانستان. ودرس الكونغرس إعادة توجيه تمويل بنحو 3 مليارات دولار[7] كان قد أقره مجلس النواب ضمن مخصصات الدفاع لعام 2022 لصندوق قوات الأمن الأفغانية الذي يبدو أنه لم يعد موجودًا، وذلك لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتعلقة بأفغانستان.
على صعيد متصل، قد يتعثر تقديم العشرات من الدول المساعدة لأفغانستان حتى تنجلي المخاوف من حقيقة حكم حركة طالبان التي استولت على السلطة سريعاً. وتعتمد موازنة أفغانستان في جزء كبير منها على المساعدات الخارجية. حيث يتم تغطية 75 في المائة من النفقات العامة للحكومة من خلال منح من الشركاء الدوليين، وفقًا لتقرير البنك الدولي. وحذر التقرير من أن أفغانستان ستستمر في طلب مساعدات بمليارات الدولارات لسنوات قادمة. ويعتقد بعض الخبراء أنه يمكن استخدام المساعدات كوسيلة ضغط لإبقاء طالبان في المفاوضات مع الحكومة الأفغانية[8].
ورغم البدائل التي قد تعتمدها طالبان لزيادة توفير موارد مالية للميزانية كتجارة المخدرات، الا أن عوائدها لا يمكن أن تكفي لنجاح طالبان في تنفيذ برامجها الاقتصادية ونهضة البلاد كما يتطلع لذلك أنصارها فضلاً عن زيادة الرقابة الدولية المفروضة على أنشطة تهريب وانتاج المخدرات.
يقدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) أن اقتصاد الأفيون داخل أفغانستان يتراوح بين 1.2 مليار دولار و2.1 مليار دولار سنويًا وفي عام 2010، أصبحت أفغانستان أكبر منتج للحشيش في العالم. وأظهر تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية عام 2018 أن طالبان فرضت ضريبة بنسبة 10 في المائة في كل مرحلة من مراحل عملية إنتاج الأفيون، مما وفر 400 مليون دولار من الدخل اعتبارًا من عام 2011 فصاعدًا، ولكن يُعتقد أنها زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة وربما تصل إلى 1.5 مليار دولار[9].
وعلى الرغم من التهديدات التي تشكلها تجارة المخدرات غير المشروعة في أفغانستان والتي تشرف على جزء كبير منها حركة طالبان، أشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة ودول أخرى نادرًا ما تذكر علنًا الحاجة إلى معالجة مخاطر هذه التجارة التي يقدر حجم تدفقها من أفغانستان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بأكثر من 80 في المئة من إمدادات الأفيون والهيروين العالمية[10]. وهناك شكوك من استفادة الأميركيين من تجارة المخدرات في أفغانستان.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)
المراجع:
[1] Clayton Thomas, Afghanistan: Background and U.S. Policy: In Brief, Congressional research service, June 11, 2021, https://fas.org/sgp/crs/row/R45122.pdf
[2] Human Development Report 2020 The Next Frontier: Human Development and the Anthropocene Briefing note for countries on the 2020 Human Development Report, Afghanistan, 2020, http://hdr.undp.org/sites/default/files/Country-Profiles/AFG.pdf
[3] RAHIM FAIEZ, Afghans will need billions more in aid, as US looks to leave, AP, January 31, 2020, ashraf-ghani-ap-top-news-international-news-asia-pacific-afghanistan-
[4] Ian Talley and Kate Davidson in Washington and Benoit Faucon,Taliban Is Denied Aid Tagged for Afghanistan, but Taps Billion-Dollar Drug Trade, Aug. 18, 2021, https://www.wsj.com/articles/taliban-is-denied-foreign-aid-but-taps-billion-dollar-drug-trade-11629324383
[5] Lindsay Maizland, U.S.-Taliban Peace Deal: What to Know, March 2, 2020, https://www.cfr.org/backgrounder/us-taliban-peace-deal-agreement-afghanistan-war
[6] Foreign aid to Afghanistan could reach $12 billion over four years, some with conditions, Reuters, Nov 2020, https://www.reuters.com/article/afghanistan-diplomacy-aid-int-idUSKBN2842S2
[7] Rachel Oswald, Foreign aid for Afghanistan in flux after Taliban takeover, aug 2021, https://www.rollcall.com/2021/08/31/foreign-aid-for-afghanistan-in-flux-after-taliban-takeover/
[8] Lindsay Maizland, U.S.-Taliban Peace Deal: What to Know, March 2, 2020, https://www.cfr.org/backgrounder/us-taliban-peace-deal-agreement-afghanistan-war
[9] Elaine Shannon, Opinion: Now comes the Taliban narco-state, August 17, 2021, https://www.washingtonpost.com/opinions/2021/08/17/taliban-narco-state-afghanistan/
[10] Jonathan Landay, Profits and poppy: Afghanistan’s illegal drug trade a boon for Taliban, reuters, 16 august 2021, https://www.reuters.com/world/asia-pacific/profits-poppy-afghanistans-illegal-drug-trade-boon-taliban-2021-08-16/