الكويت، 6 سبتمبر 2021 (csrgulf): حلّت الكويت كأكثر الدول الخليجية تبعية للسوق الأمريكية وتسجيلا لعجز تجاري تفاقم مع الولايات المتحدة في 2021[1] رغم تحسن أسعار النفط. في المقابل تصدرت السعودية، فسلطنة عمان تليها البحرين فقطر قائمة الدول الخليجية التي تسابقت من أجل خفض عجزها التجاري مع الولايات المتحدة مستفيدة بعضها من تداعيات جائحة كورونا وأيضا من عودة انتعاشة الطلب على النفط الى جانب تنوع صادراتها وتقلص وارداتها من السوق الأمريكية بانفتاحها على أسواق أخرى، في المقابل ظلت الامارات مسجلة لعجز متفاقم رغم الضغط عليه نحو انخفاض محدود في 2021.
وحسب دراسة المركز (csrgulf) لمؤشر التبعية الخليجية للسوق الأمريكية في 2021، حلّت الكويت في المرتبة الأولى خليجياً، ثم الامارات في المرتبة الثانية، فقطر في المرتبة الثالثة، فالسعودية في المرتبة الرابعة، وجاءت البحرين في المرتبة الخامسة، فسلطنة عمان في المرتبة الأخيرة. وهذا الترتيب متغير حسب تغير إحصائيات نمو الواردات والصادرات.
وفيما استفادت دول مجلس التعاون الخليجي من تبعات جائحة فيروس كورونا وعدلت من سياساتها التجارية وحققت بعضها اختراقات لأسواق جديدة، بقيت الكويت رهينة للسوق الأمريكية والصينية. وقد ينسجم ذلك مع سياسة البلاد الخارجية وترتيب الحلفاء الاستراتيجيين.
ورغم تراجع استيراد الولايات المتحدة للنفط الكويتي والخليجي عموما، بقيت أميركا ثاني أهم شريك تجاري للكويت بعد الصين[2]. ورغم انفتاحها على أسواق أخرى آسيوية وأفريقية، أبقت الكويت رهاناها على العلاقة التجارية والاستثمارية التفاضلية مع الولايات المتحدة كإحدى أدوات الديبلوماسية الاقتصادية من أجل تعزيز التعاون الاستراتيجي بين أميركا والكويت وخاصة على مستوى الأمن والدفاع والتنمية.
وبدافع الحفاظ على الشراكة التفاضلية مع الولايات المتحدة، رغم تراجع استيراد أميركا للنفط الكويتي والخليجي عموماً فضلا عن محدودية تنوع صادرات البلاد، يستمر تسجيل الكويت لعجز تجاري ضخم مع السوق الأمريكية بخلاف دول خليجية أخرى.
ومنذ 2012، اتخذ مسار الواردات الأميركية من النفط الخليجي نحو المنحى التراجعي غير المنتظم، حيث بقي متذبذبا في متوسط 1.5 مليون برميل يوميا لغاية 2018[3] الى ان انخفض الى نحو 770 ألف برميل مرة واحدة في 2020[4].
وبلغ العجز التجاري بين الكويت والولايات المتحدة نحو 1.5 مليار دولار في 2020 بعد ان كان 1.7 مليار دولار في 2019، واستمر العجز التجاري في النمو في 2021 ليكون عند 1.4 مليار دولار الى غاية شهر يوليو الماضي[5] فقط مع توقعات بتوسع رقعة هذا العجز مع نهاية العام الجاري متخطيا على الأرجح 2 مليار دولار.
وتصدرت الكويت الدول الخليجية في تفاقم حجم العجز في 2021، حيث بلغت صادرات الكويت لغاية يوليو 2021 نحو 440 مليون دولار في تراجع تاريخي مقارنة مع 1.4 مليار دولار للفترة نفسها في 2018[6]. أي بتراجع بنحو مليار دولار، وقد تكون لتداعيات الجائحة دور كبير مع تراجع صادرات الكويت النفطية الى الولايات المتحدة.
وحسب إحصاء مؤشرات التبادل التجاري أصبحت الكويت من حيث نسبة الواردات مقابل الصادرات الأكثر تبعية للسوق الأمريكية خليجيا تليها الامارات، فقطر، ثم السعودية، فبالبحرين وأخيرا عمان.
وبذلك تصدرت الكويت دول الخليج في التبعية للسوق الأمريكية حيث استوردت الى غاية يوليو 2021 نحو 1.825 مليار دولار، بينما بلغت قيمة صادراتها الى الولايات المتحدة نحو 440 مليون دولار فقط في انخفاض تاريخي. وبذلك تجاوزت نسبة ورادات الكويت من الولايات المتحدة أربعة أضعاف صادراتها. وتلت الكويت، الامارات بنسبة واردات من الولايات المتحدة بلغت ثلاثة اضعاف صادرتها الى غاية يوليو 2021.
مثل تحسن أسعار النفط وتنوع الصادرات وتقلص الواردات فرصة لدول خليجية لخفض العجز التجاري المتنامي مع الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة ما عدى الكويت. وفي حين بلغ حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون نحو 74.4 مليار دولار في 2019، اتخذ نمو التجارة بين الولايات المتحدة ودول الخليج مسارا منخفضا بين 2020 و2021 خلال فترة ظهور الجائحة. وحاولت بعض دول الخليج خفض حجم عجزها مع الولايات المتحدة خاصة هذا العام.
وقد عادت السعودية لتسجل فائض تجاري مع الولايات المتحدة بسبب زيادة أسعار النفط وتقلص الواردات السعودية من السوق الأمريكية وبلغ حجم الفائض لغاية يوليو 2021 نحو 267 مليون دولار[7] بعد كان السعودية سجلت على التوالي عجزا في 2020 بنحو 2.1 مليار دولار و1.1 مليار دولار في 2019 مدفوعة بتراجع أسعار النفط بالأساس.
وكانت قد هوت الواردات الأمريكية من السعودية بشكل كبير بين 2018 و[8]2020 حيث انخفضت من 24.065 مليار دولار في 2018 الى 8.99 مليار دولار في 2020 وهذا بدفع من انخفاض استيراد الولايات المتحدة للنفط من الخليج بما في ذلك السعودية التي تعتبر أكبر مصدر للنفط خليجياً لأميركا. وبذلك خسرت السعودية نحو أكثر من 15 مليار دولار في معاملاتها التجارية مع اميركا في عامين فقط. في المقابل تراجعت واردات السعودية من الولايات المتحدة من نحو 13.6 مليار دولار في 2018 الى نحو 11.1 مليار دولار في 2020 وقدر حجم انخفاض الواردات بنحو 2.5 مليار دولار. رغم ذلك أصبح الميزان التجاري لصالح الولايات المتحدة في حين سجلت السعودية عجزا تجاريا قدر بنحو 2.1 مليار دولار في 2020 في التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
وتعتبر عمان بعد السعودية الثانية خليجياً من حوّلت في 2021 عجزها التجاري مع الولايات المتحدة الى فائض بنحو 179 مليون دولار الى غاية يوليو 2021[9]. حيث كانت تسجل عجزا في 2020 عند 315 مليون دولار بعد أن كان عند نحو 791 مليون دولار في 2018. ويعزى انخفاض العجز التجاري العماني بسبب زيادة لجوء عمان الى أسواق تنافسية أخرى للاستيراد.
وتتجه البحرين هذا العام الى تقليص عجز ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة عند حدوده الدنيا منذ سنوات الذي انخفض عند 10 مليون دولار فقط عند شهر يوليو 2021، متراجعاً عن 285 مليون دولار في 2020 و356 مليون دولار في 2019[10].
قطر الأكثر تبعية للسوق الامريكية في 2019 حيث بلغ حجم وارداتها من الولايات المتحدة أكثر من أربعة أضعاف صادراتها وبلغ عجزها التجاري نحو 4.8 مليار دولار[11] تتجه بدورها لتقليص حجم العجز هذا العام. وكان عجز ميزانها التجاري تراجع في 2020 الى 2.2 مليار دولار والى 275 مليون دولار خلال الأشهر السبعة من 2021، وهو ما يعتبر أقل عجز تاريخي تسجله قطر في تجارتها مع الولايات المتحدة.
وقد صنف حجم عجز الميزان التجاري بين قطر والولايات المتحدة في 2019 من حيث النسبة الأكبر خليجياً. حيث بلغ عام 2019 نحو 4.8 مليار دولار لكنه انخفض الى 2.2 مليار دولار في 2020 بسبب تداعيات الاغلاق وتعطل التجارة العالمية التي فرضتها جائحة كورونا. وكانت قطر في 2019 تستورد من الولايات المتحدة 5 أضعاف ما تصدره الى السوق الأمريكية. وراهنت قطر على استمرار الولايات المتحدة كأهم شريك اقتصادي لها. وتبدو الدوافع كثيرة بينها دوافع الحفاظ على التعاون الأمني والدفاعي بين الدوحة وواشنطن وهو ما ظهر علناً في التصريحات القطرية الأمريكية المتبادلة خاصة في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
ونجحت دول قليلة خليجياً مثل الامارات في زيادة نسبة صادراتها نحو السوق الأمريكية بفضل تنوع قطاعاتها التصديرية، حيث تمثل القطاعات غير النفطية 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة. رغم ذلك تتصدر الامارات دول الخليج من حيث حجم عجز الميزان التجاري المتفاقم مع الولايات المتحدة. حيث أنه رغم خفض الامارات العجز التجاري مع أميركا بين 2019 و2020[12]، الا أن قيمة العجز بقيت ضخمة وقدرت بنحو 11.7 مليار دولار في 2020 لصالح الولايات المتحدة ونحو15.6 مليار دولار في 2019. ويعتبر حجم التجارة بين الولايات المتحدة والامارات الأكثر نموا وحركية خاصة بالنسبة لتنوع السلع التجاري خارج منتوجات النفط التي تمثل أساس التبادل التجاري بين بقية دول الخليج والسوق الأمريكية.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] United states Census Bureau, Trade in Goods with kuwait, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5130.html
[2] World BAnk, kuwait trade, 2019, https://wits.worldbank.org/countrysnapshot/en/KWT
[3] US energy Information Administration, Oil and petroleum products explained Oil imports and exports, 2021, https://www.eia.gov/energyexplained/oil-and-petroleum-products/imports-and-exports.php
[4] US energy Information Administration, Oil and petroleum products explained Oil imports and exports, 2021, https://www.eia.gov/energyexplained/oil-and-petroleum-products/imports-and-exports.php
[5] United states Census Bureau,Trade in Goods with kuwait, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5130.html
[6] United states Census Bureau, Trade in Goods with kuwait, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5130.html
[7] United Census Bureau, Trade in Goods with Saudi Arabia, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5170.html
[8] United Census Bureau, Trade in Goods with Saudi Arabia, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5170.html
[9] United states Census Bureau,Trade in Goods with Oman, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5230.html
[10] United states Census Bureau,Trade in Goods with Bahrain, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5250.html
[11] United Census Bureau, Trade in Goods with Qatar, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5180.html
[12] United Census Bureau, Trade in Goods with United Arab Emirates, 2021, https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c5200.html