– تركيبة سكان الكويت باتت تشكل كلفة بيئية ضخمة
– غياب الميترو فاقم مصادر التلوث
– الافراط في استخدام السيارات وعدم وجود توجه حكومي لتقليص الاعتماد عليها زاد من تدهور جودة البيئة
– محدودية اعتماد المباني على حلول الطاقة الشمسية لاستهلاك الكهرباء
الكويت، 23 أغسطس 2021(csrgulf): يتعدى معدل الكثافة السكانية في بعض مدن الكويت بشكل كبير المعدلات العالمية. ويهدد سوء التوزيع الجغرافي للكثافة السكانية بيئة البلاد المنهكة حيث تتعرض لارتفاع معدلات الاجهاد والتدهور. وقد يصبح تخفيف كثافة التركز السكاني في ضواحي العاصمة خاصة خيارا اضطرارياً من أجل السيطرة على ارتفاع نسبة انبعاثات الغازات الملوثة التي تضاعفها تضاعف معدلات استهلاك السيارات وخدمات التكييف والتدفئة خلال العقدين الأخيرين. وتنخفض جودة الهواء سنويا بشكل مقلق حيث تعتبر غير صحية بالنسبة لمن يعانون من الحساسية المفرطة تجاه التلوث[1].
ويكشف الجزء الرابع من دراسة لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) في سبعة أجزاء حول “زيادة انكشاف الكويت على مخاطر الاحتباس الحراري: المخاطر والتحديات” أن زيادة نسبة السكان السبب الرئيسي وراء الارتفاع السنوي لزيادة نسب استهلاك الطاقة، ويسبب هذا الاستهلاك المتزايد في رفع مستويات حجم انبعاثات الغازات الدفيئة في الكويت[2] ما يحتم مراجعة فورية لخلل التركيبة الديمغرافية وتوزيع الكثافة السكانية غير المنسجمة مع جغرافيا الكويت الصغيرة وموارد الطاقة المحدودة، ويعزى هذا التحليل لرصد زيادة نمو نسبة غير الكويتيين المتسارعة خلال العقد الماضي والذي برر زيادة طلب استهلاك الطاقة وإنتاج انبعاثات الغازات الدفيئة المتسبب الرئيس في زيادة حدة تداعيات الاحتباس الحراري على الكويت.
وشهدت البلاد خلال العقود الماضية نموًا سكانيًا كبيرا بسبب تضخم عدد الوافدين الى البلاد توازيا مع التطور الاقتصادي وارتفاع مستوى الدخل. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في عدد المركبات. وفقًا لتحليل السياسات الذي تم إجراؤه، تبرز بقوة توصيات عاجلة لتقليل العدد المتزايد من المركبات بشكل خاص. وتشمل التوصيات تسريع تنفيذ مشاريع النقل الجماعي عالية الكفاءة. علاوة على ذلك، يوصى بشدة باستخدام حملات التوعية للمواطنين[3].
وقد تبين أن تأخير الحكومة لتنفيذ مشروع ميترو الكويت أدى الى تفاقم المشكلة البيئية التي يتسبب فيها الاعتماد المفرط على النقل الخاص الملوث للهواء. وكان من المتوقع أن يدخل المشروع مرحلة التنفيذ بنهاية عام 2010، بينما كان من المتوقع الانتهاء من المشروع بحلول عام 2016[4]، لكن المشروع تأخر لأسباب فنية وبيروقراطية بالأساس.
الاكتظاظ السكاني وزيادة استهلاك السيارات فوق المعدلات العالمية
تعاني البلاد من قلة المساحات المخصصة للمشاريع السكانية، وندرة الأراضي المخصصة للسكن الخاص، ما رآكم مشكلة مزمنة تتمثل في أزمة إيجاد المواطن لسكن في وقت وجيز، وهو ما يدفع بالكثير من الكويتيين الى الاقبال على السكن التجاري، ظرفية فاقمت نسبة ارتفاع التركز السكاني في بعض المدن. فضلا عن ذلك، فان غياب بنية تحتية متطورة للنقل الجماعي المقتصد للطاقة كنقل السكك الحديد (الميترو) والقيود غير الصارمة على نسبة امتلاك السيارات حسب الفرد، عوامل أسهمت في تضخم اسطول المركبات بشكل لا تستوعبه بعض مدن البلاد المكتظة ما يؤدي الى تفاقم إشكالية مرورية والتسبب في نمو معدلات انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون.
يمثل غياب شبكة مواصلات حديثة ومتطورة صديقة للبيئة أكبر عامل للازدحام المروري وانبعاثات ملوثات عوادم السيارات خاصة في المناطق السكنية المكتظة بالعمالة الأجنبية، حيث نمت نسبة غير الكويتيين من اجمالي السكان (4.4 ملايين نسمة) الى 70 في المئة[5] بعد ان كانت عند 58 في المئة[6] في 1995.
مع محدودية التنوع الجغرافي واستنزاف الموارد الطبيعية والمناخ القاسي تصبح الكويت تتحمل أكثر من طاقتها الاستيعابية للسكان والتي أصبحت دافعا في ارتفاع تضرر جودة البيئة سنوياً. وقد تضاعف معدل الكثافة السكانية حسب عدد الافراد بالنسبة للكيلومتر مربع الواحد من 115 ساكن للكيلومتر المربع الواحد لنحو 233 ساكن في 2018[7] في حين ان المعدل العالمي لكثافة السكان النموذجية للكيلومتر المربع الواحد يبلغ نحو 58 ساكن فقط[8]. في حين هذه النسبة قد تقفز في بعض مدن العالم الى أكثر من 2500 ساكن للكيلومتر المربع الواحد كسنغافورة مثلا بسبب البناء العمودي لكن هناك حلول لتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة في مثل هذا المدن بتركيز استخدام النقل الجماعي والطاقة الصديقة للبيئة.
يستخدم سكان الكويت سنوياً متوسط نحو 100 ألف سيارة جديدة ويبلغ اجمالي أسطول السيارات المستخدمة في الكويت الى حدود 2017 نحو 2.1 مليون سيارة[9]. في حين لا توجد خطة لخفض الزيادة السنوية في المركبات التي تبلغ نسبة 9٪ حيث تبرز أهمية وضع استراتيجية سياسية لتقليل الانبعاثات الكربونية لوسائل النقل فضلا عن دورها في التسبب في أزمة مرورية ضخمة في البلاد. وتبدو هناك حاجة ماسة لمراجعة قوانين رخص القيادة وسقف امتلاك السيارات للفرد الواحد.
وقد زاد عدد المركبات في الكويت بنسبة 162٪ بين عامي 2005 و2014، ونمى أسطول السيارات المستخدمة في الكويت بمتوسط سيارة لكل مقيمين اثنين في الكويت. وكانت دراسة مؤشرات التنمية العالمية في 2006 أوصت أنه بمتوسط سيارة لكل ثلاثة سكان قد تصبح الكويت أفضل مما هي عليه اليوم.
ويتصدر النقل البري بين أهم المصادر الرئيسية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الكويت بنسبة 19٪. والى جانب ذلك تعتبر محطات توليد الكهرباء ومحطات تحلية المياه والمصافي النفطية ومصانع البتروكيماويات والنقل البري المسؤولة عن تركيز ملوثات الهواء وانبعاثات الغازات الدفيئة. وحيث أن تعداد السكان يزيد سنويا بنسبة 3.4 في المئة والسيارات تزداد تدريجياً بنسبة 9٪ فان جودة الهواء تتأثر بانبعاثات النقل البري وزيادة استهلاك الوقود[10].
وتوازيا مع زيادة تحول الكويت لوجهة هجرة عمالية، نمت وتيرة مشاريع الإسكان التجاري، ومثل تضخم عدد هذه المباني عاملا سلبيا ملتهما مساحات خضراء وتميزت مواصفات جزء كبير من المباني بكونه عديم صديق للبيئة حيث رغم توافر حلول الطاقة الشمية فان هناك نسبة قليلة من المباني التي تعتمد على الطاقة المتجددة لاستهلاك الكهرباء. حيث رغم دورها ونجاعتها، بقي استخدام الطاقة الشامية ووضع الالواح على أسطح المباني والمنازل محدودا. ويمكن استنتاج نقص كبير في الاقبال على الحلول الصديقة للبيئة وتشاركها بين السكان.
وبشكل عام فان التهام مشاريع الإسكان لمساحات طائلة من الأراضي دون الالتزام بتخصيص مساحات خضراء كافية في الأحياء والمجمعات السكنية أسهم في زيادة نسبة نصيب الفرد في انبعاثات الغازات الدفيئة.
التوصيات:
الكويت هي واحدة من أكثر البلدان تحضرا في العالم حيث يعيش أكثر من 98 ٪ من سكانها في المدن. وان يهيمن البترول على اقتصاد البلاد، فان التنويع الاقتصادي هو المفتاح لاستدامة الاقتصاد الكويتي وسيعتمد على النمو المتزايد في القطاعات غير النفطية. تجعل الظروف المناخية القاسية الزراعة من أسوأ القطاعات أداءً، مما يؤدي إلى اعتماد شديد على الواردات الغذائية. الموارد المائية شحيحة والمياه الجوفية تنخفض بسرعة بسبب الإفراط في استخراجها[11].
وتقترح بعض الدراسات تعميم تجارب ناجحة للتقليص من انبعاثات الغازات الدفيئة خاصة في المدن الكبرى ذات التركز السكاني الكبير كتشجيع النقل الجماعي الذي يجدر ان يصيح في الكويت أولوية قصوى وليس خيارا، وهو ما يدفع لتسريع مد شبكة ميترو بالطاقة الكهربائية في العاصمة وضواحيها يقلص من الازدحام المروري ومن الغازات السامة المنبعثة عن الدخان الناجم عن احتراق وقود السيارات. الى ذلك، تبرز أهمية جدوى حلول زيادة ربط مشاريع انارة الطرقات بالطاقة الشمسية.
على مستوى التوعية تبرز أهمية زيادة ادراج مواد مرتبطة بالثقافة والوعي البيئي في مناهج التعليم بالمدارس والجامعات بشكل إجباري وليس خياري حتى يتم رفع الوعي والسلوك البيئي لأجيال الغد.
أما على مستوى السياسات الديمغرافية تزيد أهمية فرضة تقليص أكبر لنسبة العمالة الوافدة غير الماهرة والتي ثبت أنها تمثل عبئاً سكانياً ضاغطاً على البيئة وكلفتها مرتفعة جدا خاصة على مستوى استنزاف المساحات المحدودة المفروض أن تتحول من مدن سكانية للعمال الى مساحات خضراء. كما ان كلفتها البيئية باتت مرتفعة جدا.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)
المراجع:
[1]Air quality in Kuwait City, LIVE AQI INDEX Unhealthy For Sensitive Groups, https://www.iqair.com/kuwait/al-asimah/kuwait-city
[2] Fahad Radhi Alharbi, Denes Csala, Gulf Cooperation Council Countries’ Climate Change Mitigation Challenges and Exploration of Solar and Wind Energy Resource Potential, Challenges and Exploration of Solar and Wind Energy Resource Potential, Appllied Sciences. 2021, 11, 2648. https://doi.org/10.3390/app11062648, Academic Editor: Luisa F. Cabeza, file:///C:/Users/IMED/Downloads/applsci-11-02648-v3.pdf
[3] Nawaf Aldaihani, Raslan Alenezi, ESTIMATION OF CO2 EMISSIONS OF THE VEHICLES TRANSPORT SECTOR IN THE STATE OF KUWAIT, Acta Chemica Malaysia (ACMY), 2017
College of Technological Studies, Public Authority for Applied Education and Training,
Chemical Engineering Department, College of Technological Studies, Public Authority for Applied Education and Training, DOI : https://doi.org/10.26480/acmy.01.2017.08.12
[4] Kuwait Metro System, Kuwait City, railway-technology, https://www.railway-technology.com/projects/kuwaitmetrosystem/
[5] Kuwait Population 2021, https://worldpopulationreview.com/countries/kuwait-population
[6] Population Of Kuwait, official kuwait government online, https://e.gov.kw/sites/kgoenglish/Pages/Visitors/AboutKuwait/KuwaitAtaGlanePopulation.aspx
[7] Koweït – Densité de la population, https://knoema.fr/atlas/Kowe%c3%aft/Densit%c3%a9-de-la-population
[8] Hannah Ritchie, Which countries are most densely populated?, September 06, 2019,
https://ourworldindata.org/most-densely-populated-countries
[9] Nawaf H. Aldaihani, Hamad B. Matar, Khalefah A. Alhumaidah and Nayef Z. Al-Mutairi, Carbon Footprint of the Kuwaiti Public Road Transport Industry, Original Research Paper, American Journal of applied sciences, 2020, https://thescipub.com/pdf/ajassp.2020.240.245.pdf
[10] Nawaf H. Aldaihani, Hamad B. Matar, Khalefah A. Alhumaidah and Nayef Z. Al-Mutairi, Carbon Footprint of the Kuwaiti Public Road Transport Industry, Original Research Paper, American Journal of applied sciences, 2020, https://thescipub.com/pdf/ajassp.2020.240.245.pdf
[11] World bank group, country report, 2021, https://climateknowledgeportal.worldbank.org/country/kuwait