الكويت، 7 مارس 2021 (csrgulf): قد تدفع قرارات الحكومة المرتجلة والانفعالية وعدم الالتزام بالإصلاح العادل ومحاولة تهميش المعارضة المواطن الكويتي ليواجه مصيرا مجهولاً بحلول 2030 وخاصة المنتمين للطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل والتي تعوّل على مركزية الدولة كمانح للخدمات والتوظيف وضامن لحياة الرفاه.
ولأول مرة في تاريخ الكويت المعاصر، وبسبب محدودية إنجاز الحكومات المتعاقبة لخطط تنموية مستشرفة لعصر ما بعد النفط، تجتمع أغلب التوصيات الدولية على تحذير الكويت من مآلات مجهولة لعشوائية مساراتها الإنمائية وحثها في المقابل على بداية تقليص فوري لكلفة دورها في المجتمع والاقتصاد لتجنب عجز متفاقم للديون. الا أن ارتدادات هذه الاحتمالات قد تكون كارثية على الطبقة المتوسطة.
وفي حين كشفت تداعيات جائحة فيروس كورونا فشل الحكومة في الاستجابة للأزمات الطارئة وضعف تنمية القطاع الخاص الهش الذي تراهن عليه خطط التنمية المستقبلية لخلق ثروات غير نفطية جديدة وفرص وظيفية، يواجه نحو أكثر من ربع مليون كويتي بنهاية العقد الحالي مشكلات في الحصول على الوظائف أو الخدمات مع مخاطر تراجع الدعم وفرض تقشف على التوظيف والأجور في القطاع العام تمهيدا لاحتمال الدخول في مرحلة ضريبية جديدة بنهاية هذا العقد تزامناً مع بداية نهاية ذروة الطلب العالمي على النفط.
وضمن اصدار لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث حمل عنوان “آفاق الصراع بين الحكومة والمعارضة وآثاره على مصلحة المواطن الكويتي في المستقبل” ينشر على أجزاء ضمن سلسة تقارير دورية، تحذر دراسة المركز (csrgulf) في جزئها الأول بالاعتماد على تحليل مؤشرات مختلفة، فقد أهدرت الحكومات الكويتية أكثر من عقدين في الصراع المستمر مع المعارضة السياسية حول النفوذ دون تحييد العمل على انجاز تنموي يقلص من الاعتماد على النفط. كما راكم هذا الصراع من جهة الاعتماد المفرط للدولة على النفط، ومن جهة أخرى تعويل المواطن على القطاع العام كمصدر لدخل السواد الأعظم من الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل. ولا يواجه المواطن على المدى القريب الى حدود 2025 مخاطر التقشف الاجباري، الا أن الشريحة الهشة من المواطنين والمتمسكة بسلوك الاسراف في الاستهلاك ومقاومة التقشف قد تواجه ضغوطاً في الحصول على التمويل، حيث يدفع احتمال تعثر تعافي انتعاشة الاستثمار في القطاع الخاص وزيادة ضغوط التقشف على القطاع العام في ارتدادات سلبية على نمو دخل الفرد الكويتي خلال السنوات المقبلة والذي يتخذ منحاً متذبذبا نحو الانخفاض[1].
ومالم تستغل الحكومة الفرصة الأخيرة لها خلال العقد الجاري قبل بداية نهاية ذروة الطلب على النفط وذلك من أجل تحفيز الإيرادات غير النفطية، فإنها قد تواجه تصادماً حتمياً مع المجتمع بدافع تآكل الموارد واحتمال الاضطرار لمراجعة منظومة الريع وتراجع دور الدولة المحوري في الاقتصاد والمجتمع، وقد تخسر بذلك الطبقة المتوسطة اغلب مصادر دخلها وينحدر الجزء الأكبر منها الى طبقة محدودي الدخل.
وبدافع تذبذب دورها في التنمية وخلق الثروة، تراجعت نسبة الطبقة المتوسطة في الكويت بنحو 7 في المئة فأكثر منذ الثمانينات حيث كانت تمثل في 1981 نحو 40 في المئة من الشعب[2] لتنخفض حسب أحدث تقديرات تعود الى 2010 الى 33 في المئة[3] وعلى الأرجح أن تواجه هذه الطبقة وتيرة تراجع أكبر في المدى القريب.
وقد زادت نسبة مخاطر تآكل الطبقة المتوسطة مستقبلاً لتتوسع بذلك طبقة محدودي الدخل في البلاد، حيث قد يتعرض دخل الأفراد ومدخراتهم الى زيادة الضغوط بسبب تداخل السياسة والتنمية وارتدادات صراع الحكومة والمعارضة وأزمة استشراف وإدارة فضلاً عن رفض اصلاح جذري الى جانب محدودية التكيف مع المستجدات واستنزاف متوقع لقدرات الدولة على المدى المتوسط في استمرارها المصدر الوحيد لحياه الرفاه للمواطنين.
وتتحمل الحكومة الجزء الأكبر من خطأ الاستشراف والتخطيط والإصلاح الوهمي الذي جعل آفاق ازدهار الكويت ضبابية. وتضيع الكويت وقتا ثميناً في الصراعات السياسية الدائرة بين الحكومة ومجلس الأمة على حساب محدودية استشراف التحديات وتحفيز تنويع الاستثمارات وتحسين جودة الكفاءات الوطنية بهدف زيادة خلق فرص عمل تنافسية للشباب في المستقبل، حيث قد لا يستوعب لا القطاع العام أو الخاص في واقعه المتأزم حالياً زيادة طلبات التوظيف خلال العقد الجاري، وهو ما قد ينذر بتأثر دخل الفرد.
ومالم يتم تنفيذ حلول جذرية اليوم فقد تزيد مخاطر زيادة وتيرة الصراعات السياسية وتأثيرها على خلق توترات اجتماعية في المستقبل يدفع لها تراكم القضايا المؤجلة والتي قد تكون كلفتها أكبر بكثير من قدرة الدولة على استيعابها مع بداية نهاية الذروة النفط المتوقعة في العقد الرابع بعد الألفية.
ولا تتشارك الحكومة والنخب السياسية خاصة من كتلة المعارضة حقيقة التحديات المستقبلية، ويدور الخلاف حول مبدأ محدودية الشفافية في العلاقة بين الحكومة والمعارضة الذي أثبتت عدم فعاليتها بدورها في التعامل مع مشكلات مثل سوء الإدارة الحكومية والفساد وانعدام الشفافية الاقتصادية[4].
وقد يخلق تأجيل الإصلاح الذي يشمل منظومة الريع والانفاق أو التسرع في تطبيقه على حد سواء تصدع التوازنات بين المواطنين والدولة والتي قد تقود الى مراجعة العقد الاجتماعي وتعديل الدستور الكويتي.
دور الدولة في مرحلة ما بعد كورونا مهدد بالتراجع، وعدم استعداد المواطن أو المعارضة لاستيعاب ذلك
تعتمد الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل بنحو 90 في المئة[5] على الدولة كمصدر لجل الخدمات بما في ذلك التوظيف والدعم في السكن والتعليم والمعيشة والعلاج والطاقة. وهذه المنح المقدمة بأشكال مختلفة في هذه المجالات الحيوية بالنسبة للمواطن تعتبر أكثر المجالات المستهدفة بترشيد الانفاق على المدى المتوسط بإجماع أغلب الدراسات والتوقعات الدولية.
وبشكل عام تعوّل أكثر من 60 في المئة[6] من الأسر الكويتية على الدولة في تخطيط حياتها وتحمّل كلفة معيشتها وامتيازات الرفاه، ويعتبر أي احتمال بتقليص أي نوع من الدعوم بمثابة الصدمة التي ستكون ارتداداتها ضخمة دون الاستعداد المسبق لها وإيجاد بديل آمن وعادل. كما تمثل أي خطط تقشف تبدأ بخدمات المواطن تهديدا لرفاه حياة النسبة الأكبر من المجتمع الكويتي المعتمدة على منظومة الريع والتي لا يمكن في مدة وجيزة أن تتخلى نظرياً عن خصائص الحياة التي اعتادت عليها أجيال متعاقبة بفضل ثروة النفط.
في المقابل، قد يكون الانتقال الى مرحلة تقليص دور الدولة تدريجياً في حياة الكويتيين خياراً آمناً ولكن لا مفر منه وان تنكر جدواه المعارضة، وهو السبب نفسه الذي يمثل جوهر التصادم مع الحكومة اليوم ومستقبلاً. يمكن اختزال أساس هذا التصادم للاختلاف حول أولويات الاستعداد لمرحلة ما بعد وباء كورونا على المدى المتوسط بعد نحو عشر سنوات. اذ سرّع الوباء من نسبة التكيف العالمي مع خصائص عالم جديد لن يكون للنفط الحظ الأوفر فيه. وهذا ما لم يقتنع به أغلب الكويتيين الذين اعتادوا منذ عقود على الاستفادة من توزيع منح الثروة النفطية التي تسيطر عليها الدولة والتي توفر الجزء الأكبر من إيرادات الحكومة والأفراد.
قطاع خاص متعثر،،، وتقلص جاذبيته كمصدر آمن للتوظيف وتنويع الايرادات
بفضل المتغيرات المتسارعة التي دفعت لها الجائحة فان موعد ذروة الطلب على النفط تقدم عن موعده المحتمل بنحو 10 سنوات[7]، حيث لم يبقى للكويت على الأرجح سواء فرصة عقد واحد من أجل استثمار العوائد النفطية والفوائض المرجح عودة تسجيلها بأفق 2024 في تمويل مرحلة الانتقال السريع والمنظم الى عصر ما بعد النفط القائم على بدائل التكنولوجيا وهيمنة تصاعد كهربة قطاعات عديدة وأهمها النقل والاعتماد تدريجيا على بريق الطاقة الشمسية وهو مصدر بديل آمن قد يكون محل استثمار نظيف للكويت بفضل مناخها الحار. رغم هذه الحقائق تستمر خطة الحكومة في توجيه أكثر من 500 مليار دولار[8] لاستكمال زيادة انتاج النفط ومشتقاته، في ظل اهمال تنمية حقيقية لقدرة القطاع الخاص على تنويع إيرادات البلاد.
والى جانب ضغوط ترشيد فاتورة الأجور في قطاع العام تزيد مخاطر تقلص الفرص الوظيفية في المستقبل مع تراجع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي وتداعياته المستقبلية على محدودية قدرته على التوظيف. حيث يشهد القطاع الخاص أزمة هيكلية حقيقية[9]. حيث أثرت مدركات الفساد ونقص التشريعات او محدودية تطبيقها في محدودية نجاح تجربة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص. اذ تتطلب بيئة الأعمال المعقدة في الكويت المرونة والصبر والمثابرة، حيث يواجه العديد من المستثمرين تحديات في على مستوى الإدارة والتمويل وشبكة التوزيع والافتقار إلى الشفافية في صنع القرار[10].
بشكل عام، في مرحلة ما بعد كورونا قد تصبح الكويت مجبرة على زيادة ربط إيراداتها أكثر بالاقتصاد العالمي وقدرتها التنافسية على التنويع والابتكار وجذب الاستثمار أكثر من ارتباطها بالصناعة النفطية. المسار نحو هذه المرحلة متعثر بسبب خلاف إصلاح الاقتصاد بين الحكومة والمعارضة والذي يضعف تأخر تحققه من تنافسية الكويت خليجياً على جذب الاستثمارات[11] وهو ما يعيق نجاح خطة تنويع مصادر دخل البلاد.
شبح بطالة في الأفق
يدخل نحو23 ألف مواطن كويتي إلى سوق العمل سنوياً، وما يقرب من 80 ٪ من هؤلاء يدخلون القطاع العام بدافع الأمن الوظيفي[12]. ولا تتكيف مهارات الكويتيين دائمًا مع احتياجات القطاع الخاص، فغالبًا ما يفتقد المواطنون المهارات الأساسية اللازمة بسبب أزمة جودة التعليم وانعكاساتها على هامشية التخصص[13]. ومثل بقية أغلب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، تشهد الكويت عدم تجانس كبير في سوق العمل عبر الأجناس والفئات العمرية التي ترتفع فيها معدلات البطالة بين الشباب (15- 24سنة)[14].
وتناهز نسبة حجم القوى العاملة الكويتية في القطاع العام نحو أكثر من 75 في المئة وبلغ عددهم نحو أكثر من 302 ألف مواطن أقل من نصفهم يحملون شهادات جامعية وتشكل الاناث النسبة الأكبر منهم[15]. وتزيد مخاوف من تجميد التوظيف في القطاع الحكومي بسبب زيادة كلفة الرواتب، حيث شكلت الرواتب الحكومية 41٪ من إجمالي الإنفاق الحكومي في 2018/2019، وهي أعلى بكثير من المعيار الدولي البالغ 20-30٪ وأكثر من ضعف الإنفاق الاستثماري للبلاد. وتعتبر نسبة فاتورة أجور الحكومة الكويتية من الناتج المحلي الإجمالي أكبر بمقدار 1.5 مرة من فاتورة أجور دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.[16]
وتعوّل الحكومة على تجميد التوظيف تدريجياً في القطاع العام وتشجيع طالبي العمل الكويتيين على الاقبال على القطاع الخاص عبر طرح احتمالات تعزيز الشراكة بين القطاعين وتحفيز مؤشرات الأمن الوظيفي في القطاع الخاص لمساواة امتيازات الوظيفية التي يقدمها بتلك التي يضمنها القطاع العام، لكن التوجه لتطبيق ذلك وتنفيذه يبدو بطيئاً في ظل تعثر بعض المؤسسات الخاصة، وقد يكون أبطأ بعد جائحة كورونا. وقد تكون مهمة الحكومة أصعب في المدى القريب في اقناع زيادة توجه الكويتيين الى القطاع الخاص بعد الخسائر التي تكبدت شركات صغيرة ومتوسطة بسبب إجراءات الاغلاق ومحدودية التكيف مع الأزمة وصرامة شروط التحفيز ضمة خطة دعم المتضررين.
وفي ظل توجه اضطراري لتخفيف أعباء الانفاق الحكومي على الأجور والتوظيف، مقابل تعثر نمو القطاع الخاص التي تأمل الحكومة بزيادة قدرته على تنويع الاقتصاد واستيعاب الموظفين، فقد يجد ألاف الكويتيين أنفسهم على المدى المتوسط مجبرين إما على انتظار طويل للتوظيف في القطاع الحكومي أو الخاص، أو البقاء في مرحلة بطالة مؤقتة، أو الهجرة الى أسواق أكثر تنافسية في الدول المتقدمة وخاصة الدول التي تمثل أهم وجهات البعثات الدراسية للطلبة.
عام 2020، من المرجح أن يؤدي إدخال ضريبة القيمة المضافة والارتداد المتواضع في أسعار النفط إلى تقليل ضغوط الميزانية، اعتمادًا على رغبة الحكومة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة في ظل اقتصاد ضعيف التنوع. وترجح التوقعات أن نسبة التضخم قد ترتفع من 1.1 في المئة في 2019 الى 2.5 في المئة بضغط من الاختلالات المالية[17]. وهو ما قد يؤثر الى حد ما على القدرة الشرائية خاصة بالنسبة للأسر من محدودي الدخل.
رؤية الكويت الجديدة متعثرة
تعيق مسارات الأزمة السياسية تنوع الاقتصاد الكويتي وتهدد نجاح الخطط الخمسية وتحقق رؤية الكويت في 2035 التي تشهد بعض التعثر والتأخر في تقدم المشاريع[18] التي تتضمنها خاصة في مجال تطوير التكنولوجيا وربط الاقتصاد بالمعرفة بهدف تحويل الكويت إلى دولة رائدة إقليمياً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار. وتؤثر محدودية القدرات البحثية الصحية على سبيل المثال بشكل كبير على تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض وعلاجها، وبشكل عام على رفاهية المواطن في المستقبل[19].
وبدافع من انخفاض أسعار النفط العالمية، قد تطلق الحكومة محاولتها الثالثة لطرح استراتيجية وطنية طويلة الأجل قد تحمل بعض التعديلات على “رؤية الكويت الجديدة 2035”. كما هو الحال مع الخطط السابقة، من المحتمل أن تستمر رؤية الإصلاح الحكومية الجديدة في تحويل الكويت إلى مركز تجاري إقليمي يعزز التنويع الاقتصادي ويقلل من اعتماد الدولة على النفط. لكن يبقى توفير مصادر تمويلية كافية هو التحدي قريب المدى، حيث أن كلفة الخروج من أزمة جائحة كورونا حتى نهايتها قد تثقل كاهل الدولة وتضغط بشكل كبير على الانفاق الموجه لاستكمال طفرة البناء التي شهدت أوجها منذ إطلاق رؤية الكويت الجديدة في 2017.
ومن المفارقات، أن تنفيذ خطة هذه الرؤية استفاد بشكل كبير من تعافي أسعار النفط العالمية منذ عام 2017. لكن مع عودة تذبذب الأسعار بسبب الوباء وعدم اليقين حول توقيت التعافي، فان مشاريع الطاقة والإسكان والبنية التحتية ومشاريع أخرى ذات قدرة توظيف عالية قد تتعثر وتيرة إنجازها. كما تبقى محفزات تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر محدودة. ومع إقرار مسار لتقليص أعباء الانفاق وتعزيز فرص توظيف الكويتيين في القطاع الخاص وتقليص نسبة العمالة الوافدة، تتصاعد خشية الحكومة مجددا من مواجهة معارضة حتمية في مجلس الأمة لخطط مؤجلة قد يكون حان وقتها حسب توصيات مؤسسات دولية لخفض حجم الدعم وإصلاح القطاع العام خاصة على مستوى التوظيف والأجور.
وعلى صعيد متصل، تمثل مشاريع الخصخصة وترشيد الانفاق في القطاع الحكومي أبرز ملامح الإصلاح التي توصي بها فورا بيوت الخبرة العالمية والبعثات الدولية للمنظمات المالية كصندوق النقد والبنك الدولي وجلها توصيات تواجه رفضاً قاطعاً من المعارضة السياسية والنقابات العمالية. رغم ذلك قد تواصل الحكومة في تنفيذ خطة أعلنت عنها سابقاً تهدف الى خصخصة 40 من الأصول الحكومية على مدى 20-30 سنة مقبلة[20]، مما يمنح القطاع الخاص حصة أكبر بكثير في اقتصاد الكويت.
الاضطرار الى مثل هذه الخطوات الاصلاحية قد تزيد من حساسية العلاقة الدقيقة بين الحكومة ومجلس الأمة والحكومة وتجعل التوافق أكثر صعوبة، حيث قد يتم الاحتكام الى الشارع والمواطن. ومن المرجح أن تستمر قضايا الفساد وانعدام الشفافية والاتهامات بسوء إدارة الأموال العامة في اثارة المناقشات البرلمانية، والخلاف حولها سيزيد من احتمالات تحول العلاقة بين الحكومة والمجلس الى علاقة تصادمية عدائية قد تؤدي إلى حل مجلس الأمة[21].
رفاهية المواطن على المحك
في حين تسعى المعارضة الكويتية الى فرض ارادة التغيير الشعبي الهادفة لتحسين مستوى العيش وضمان مستقبل الأجيال القادمة، لا تؤيد أصوات المعارضة المنقسمة في المقابل تغييرا هيكلياً للنظم والسياسات الاقتصادية المعتمدة على منظومة الريع، منظومة تتمسك بها المعارضة بينما تسعى الحكومة لتعديلها واصلاحها بشكل اضطراري بناء على توصيات مختلفة تحث على اعتماد اقتصاد الإنتاج والخدمات والتطوير والابتكار والمبادرة الحرة وتحث المواطنين على زيادة المساهمة التدريجية في الناتج المحلي الإجمالي. هذا التغيير الهيكلي توصي به أغلب التقارير الدولية، الا أنه يعتبر ضمن رؤية المعارضة اصلاحاً يهدد حياة الرفاه بالنسبة لنسبة كبيرة من المواطنين المعتمدين على الدولة. وفي حين تحث توصيات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتقليص دور الدولة في الاقتصاد كإصلاح عاجل مقابل دعم القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة، يرفض ممثلو المعارضة أي مساس بمخصصات الدعم ونسبة التوظيف في القطاع العام والامتيازات الوظيفية. وهو ما يمثل تضاربا كلياً في اتجاهات الاصلاح ونقطة الخلاف الجوهرية التي قد تمثل الدافع الأساسي للتصادم المستقبلي بين السلطتين.
وقاومت المعارضة أكثر الإصلاحات التي كان بعضها جملة من توصيات صندوق النقد الدولي لمواجهة تحديات المستقبل وفي علاقة خاصة بملف الرواتب والدعم[22]. وتعول النسبة الكبيرة من الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل في الكويت على العمل في القطاع الحكومي كمصدر دخل وحيد للأسرة اذ يستوعب أكثر من 80 في المئة من الكويتيين العاملين. في الوقت نفسه لم تقدم المعارضة أية حلول واقعية بديلة بل كانت قوة صد بقدر ما كانت قوة اقتراح.
ويعتمد جزء كبير من الكويتيين على الوظيفة الحكومية كمصدر دخل وحيد، فضلاً عن الامتيازات التي توفرها الدولة، وهو يضمن بذلك الحد الأدنى من الرفاه في دولة معروفة أنها غنية بالنفط والموارد الطاقية، الا أن هذه الامتيازات قد تنسحب من المواطن تدريجياً خلال عشر سنوات المقبلة إذا تسارعت التحولات الطاقية العالمية الكبرى لصالح مسار لا يخدم ارتفاع سعر النفط مقابل صعود بدائل له بوتيرة أسهمت تداعيات جائحة كورنا في تسارعها. وبسبب ذلك يواجه نحو ربع الكويتيين، مع حلول عام 2040، تحديات الاقتراب من خط دائرة الفقر، وذلك إذا استمر الصراع السياسي بين المعارضة والحكومة المتوارث منذ سنوات في تعطيل وتأخير انجاز خطط التنمية وتنويع الاقتصاد ورفع تحديات المستقبل.
وفي حين يتقدم هدف ترشيد الانفاق على بقية الأهداف في الكويت لمواجهة الركود الذي خلفته أضخم جائحة إنسانية معاصرة، تبرز حاجة ملحة للتوافق على ترشيد العلاقة بين الحكومة وكتلة المعارضة في مجلس الأمة. اذ ان استمرار النهج الحكومي أو مسار المعارضة دون تغيير سيؤدي الى تصادم مزمن يضع الكويت وأجيالها في المستقبل في وضع تنموي محرج. حيث باتت مراجعة أهداف العمل السياسي وربطها بتحقيق التنمية طلبا ملحاً.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)
الهوامش:
[1] H. Plecher, Gross domestic product (GDP) growth rate in Kuwait 2025, Dec 9, 2020, Statista, https://www.statista.com/statistics/438849/gross-domestic-product-gdp-growth-rate-in-kuwait/
[2] Sulayman Al-Qudsi, Income distribution in Kuwait, Kuwait Institute for Scientific Research, June 1981, file:///C:/Users/IMED/Downloads/IncomeDistributioninKuwait.pdf[3] المصدر: التقارير الإحصائية والمسوحات للأجهزة الإحصائية المركزية بدول مجلس التعاون الخليجي، الطبقة الوسطى الخليجية حسب مقياس نصيب الفرد من الدخل القومي، 2010، https://studies.aljazeera.net/ar/reports/2013/07/201372272619767829.html
[4] Shafeeq Ghabra, _At the Crossroads of Change or Political Stagnation, May 20, 2014, https://www.mei.edu/publications/kuwait-crossroads-change-or-political-stagnation[5] تقديرات csrgulf بناء على دراسة مصادر مختلفة
[6] تقديرات csrgulf بناء على دراسة مصادر مختلفة
[7] Rystad Energy report, Analyst revises long-term oil demand forecast, The COVID-19 pandemic and the acceleration of the energy transition will expedite peak oil demand to 2028, according to Rystad Energy, Nov 2nd, 2020, https://www.offshore-mag.com/production/article/14186589/analyst-revises-longterm-oil-demand-forecast
[8] Reuters Staff, UPDATE 1-Kuwait Petroleum to spend over $500 bln by 2040 as it lifts oil capacity, 2018, https://www.reuters.com/article/kuwait-oil-idUSL8N1PQ3PX
[9] Antonio Carvalho, Jeff Youssef, Joel Ghosn, Lara Talih,KUWAIT IN TRANSITION:TOWARDS A POST-OIL ECONOMY, https://www.ticg.com.kw/content/dam/oliver-wyman/ME/ticg/publications/TICG_PoV_Kuwait_In_Transition.pdf
[10] kuwait, market challenges, 2019, https://www.trade.gov/knowledge-product/kuwait-market-challenges
[11] Union of Investment Companies June 2019 – Issue No.6, https://www.unioninvest.org/userfiles/booksdocEn/10UIC-The-Investor-Issue-6-English.pdf
[12] Antonio Carvalho, Jeff Youssef, Nicolas Dunais, INCREASING PRIVATE SECTOR, EMPLOYMENT OF NATIONALS IN THE GCC LABOUR POLICY OPTIONS TO THE RESCUE, TICG, 2017, https://www.ticg.com.kw/content/dam/oliver-wyman/ME/ticg/publications/Increasing-Private-Sector-Employment-Of-Nationals-In-The-GCC.pdf
[13] Antonio Carvalho, Jeff Youssef, Nicolas Dunais, INCREASING PRIVATE SECTOR, EMPLOYMENT OF NATIONALS IN THE GCC LABOUR POLICY OPTIONS TO THE RESCUE, TICG, 2017, https://www.ticg.com.kw/content/dam/oliver-wyman/ME/ticg/publications/Increasing-Private-Sector-Employment-Of-Nationals-In-The-GCC.pdf
[14] World Bank, 2020, http://pubdocs.worldbank.org/en/170761603047335867/8-mpo-am20-kuwait-kwt-kcm.pdf
[15] الادارة المركزية للإحصاء، دولة الكويت، نظام معلومات سوق العمل العاملين بالقـــطاع الحكـــومي وفقا للحالــة (2018)، فبراير 2019، file:///C:/Users/IMED/Downloads/Employment_Statistic_in_Government_Sector_(Kuwaiti___Non-Kuwaiti)_30_6_2018.pdf
[16] Steffen Hertog, Reforming Wealth Distribution in Kuwait: Estimating Costs and Impacts, Middle East Center, Kuwait Programme (KFAS), July 2020, https://eprints.lse.ac.uk/105564/2/Reforming_Wealth_Distribution_in_Kuwait_New.pdf
[17] The economic context of Kuwait Economic Indicators, Nordea, 2020, https://www.nordeatrade.com/dk/explore-new market/kuwait/economical-context
[18] Oxford Business group, Long-term development plans and a rebounding economy in Kuwait drive major construction projects, 2019, https://oxfordbusinessgroup.com/overview/back-action-long-term-development-plans-and-rebounding-economy-drive-major-infrastructure-projects
[19] Ahmad Salman, Saja A. Fakhraldeen, Sungsoo Chun, Kazi Jamil, Janvier Gasana, Adel Al-Hunayan, Enhancing Research and Development in the Health Sciences as a Strategy to Establish a Knowledge-Based Economy in the State of Kuwait: A Call for Action, healthcare, 2020, file:///C:/Users/IMED/Downloads/healthcare-08-00264%20(1).pdf
[20] Oxford Business Group, Privatisation part of Kuwait’s plan to create new economic model with reduced reliance on oil and gas revenue, 2019, https://oxfordbusinessgroup.com/analysis/strategic-sales-privatisation-part-national-plan-create-new-economic-model-reduced-reliance-oil-and
[21] BTI Kuwait Country Report 2020, https://www.bti-project.org/en/reports/country-report-KWT-2020.html#pos3
[22] IMF Country Report No. 19/95, KUWAIT, 2019 ARTICLE IV CONSULTATION—PRESS RELEASE; STAFF REPORT; AND STATEMENT BY THE EXECUTIVE DIRECTOR FOR KUWAIT, file:///C:/Users/IMED/Downloads/1KWTEA2019001.pdf