الكويت، 22 ديسمبر 2019 (csrgulf): هاجر على امتداد القرن الأخير نحو أكثر من نصف مليون عربي الى إسرائيل وفلسطين، بينهم نحو 370 ألف استقروا في الكيان الإسرائيلي المُحتل من جنسيات عربية مختلفة ومن مناطق متعددة في العالم العربي من المغرب العربي والشرق الأوسط والخليج. لكن ليس هناك أي دليل على مدى ولاء المهاجرين العرب الى الكيان الاسرائيلي قديما او حديثا للدولة العبرية.
وحسب رصد لتعداد تطور عدد المهاجرين الى إسرائيل وفلسطين قام به مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) اعتمادا على قاعدة الإحصاء للمعهد الدولي للهجرة[1]، فان حركة الهجرة العربية الى الدولة العبرية وان تباطأت بشكل كبير، الا أنها ما تزال قائمة ولو بشكل غير مباشر أو سري، حيث تستمر المفوضية السامية لشؤون المهاجرين[2] ترصد طلبات لجوء أو هجرة من دول عربية الى إسرائيل. في المقابل نشطت طلبات الهجرة من دول أفريقية بشكل كبير في ربع القرن الأخير نحو الوجهة الإسرائيلية خاصة من أجل تحسين ظروف العيش بالنسبة لليهود الأفارقة أو من أجل فرصة عمل بالنسبة لغيرهم.
ويشهد طلب اللجوء والهجرة من الدول العربية نمو غير مسبوق منذ فترة الاستقلال التي عرفتها اغلب الدول العربية في الخمسينات. اذ برر نمو الطلب على الهجرة واللجوء زيادة تردي الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتهميش فضلاً عن بروز دافع التعرض للاضطهاد بسبب الحريات أو الميولات الجنسية والأفكار العقائدية.
وبتحليل نتائج استطلاع راي قامت به في وقت سابق مؤسسة بحثية واحصائية أمريكية (Pew)عن تطور الهجرة من الشرق الأوسط وعلاقتها بالاعتقاد والدين[3]، اتضح جلياً زيادة نسبة غير المعتقدين للديانات في الشرق الأوسط، ويمثل ذلك عند بعض مقدمي طلبات اللجوء مبررا قوياً للحصول على موافقة على اللجوء الى دول بينها إسرائيل.
وحرصاُ على التفاعل اليومي مع المهاجرين من الدول العربية الى إسرائيل، وفرت لهم الدولة العبرية طرقا مختلفة للاندماج في المجتمع الإسرائيلي من خلال تأمين مدرسين من أصول عربية وخبراء باللغة العبرية، وكذلك تقديم المعلومات حول إسرائيل واليهودية وتاريخ اليهود[4].
ولم يكن اعلان الشاب المراهق الكويتي تغييره معتقده ونيته الهجرة الى إسرائيل الحالة الأولي من نوعها في العالم العربي حيث سبقه لذلك شاب تونسي تعرض للاضطهاد قبل عامين بسبب تمزيق موظف لشهادته العلمية، ما دفعه الى إعلانه عبر فيديوهات متعددة تمجيده لإسرائيل ورغبته في اللجوء اليها[5].
وليس ببعيد عن هذه الفترة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن هجرة أكثر من 400 شخص[6] من المغرب صوب إسرائيل. وعلى الرغم من وجود طلب عدد ولو قليل من العرب من يريدون الهجرة بقصد العمل في إسرائيل، الا أن السلطات الإسرائيلية تفرض قيودا صارمة[7] على قبول طلبات الهجرة خاصة من العالم العربي مخافة التجسس والتأثير على التركيبة السكانية على الأرجح في ظل سياسات لتحديد نمو عدد الإسرائيليين من أصول عربية.
ولم تحدد احصائيات المعهد الدولي للهجرة والتي تم دراستها ما إذا كان ديانة المهاجرين من جل العالم العربي الى إسرائيل اليهودية او الإسلام او غيرها. لكن الإحصاء كان غرضه تقدير موجات هجرة العرب الى الدولة العبرية. وتجدر الإشارة الى أن عددا من المراجع الإحصائية ووثائق الخارجية الإسرائيلية ترجح أن نسبة كبيرة من المهاجرين العرب الذي يقارب عددهم المليون الى إسرائيل يعتنقون الديانة اليهودية[8] او اعتنقوها. لكن هذا الرقم قد يهم فقط اليهود المهاجرين العرب قبيل السبعينات. اذ ان وصف المعهد الدولي للهجرة لنحو 370 ألف مهاجر عربي الى إسرائيل بأنهم يقيمون في الدولة العبرية بصفة مهاجر وقتي او متحصل على إقامة دائمة جنسية إسرائيلية. مع الإشارة الى أن المهاجرين الذين دخلوا الى الدولة العبرية من بلدان العالم العربي ليس كلهم يهوداً، فبعضهم يقيم فيها من أجل العمل او زيارة وقتية للاستثمار والتجارة والسياحة فقط.
وحسب إدارة السكان والهجرة في إسرائيل، فقد حققت نسبة زيارة العرب والمسلمين لدولة إسرائيل نمو بنحو 15 في المئة خلال العام الماضي، وبلغ عدد الزوار لأغراض مختلفة كالسياحة، نحو أكثر من 55 ألف عربي ومسلم[9] من دول لا تربطها بإسرائيل علاقات ديبلوماسية مباشرة.
وتعمل اسرائيل على استمالة بعض العرب اليها وخاصة الكفاءات النادرة. وانتدبت تل آبيب في السنوات الأخيرة مترجمين من دول عربية يعتنق أغلبهم الديانة اليهودية من اجل دعم الترويج لإسرائيل على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. كما يعمل مختصون من أصول عربية منتدبون من إسرائيل على تحسين لغة الخطاب الإسرائيلي المتوجه لشعوب منطقة الشرق الأوسط بالأساس وذلك في ظل حملة إسرائيلية لإظهار نفسها كحليف مستقبلي ضد إيران[10]. وبجانب ذلك تعمل على الترويج لها كوجهة للهجرة الانتقائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف. وهو ما قد يستهدف ملايين المستخدمين العرب لمواقع التواصل. اذ تبدو إسرائيل أكثر براغماتية مع العالم العربي بعد تحول المصالح الإقليمية، بما في ذلك الاهتمام المشترك حول نفوذ إيران المتنامي في الشرق الأوسط مع أمل اسرائيلي مبدئي يقضي أن إسرائيل يمكن أن تجد يومًا ما قبولًا بين خصومها الإقليميين.
ويمكن تفسير النمو السريع لموجات الهجرة العربية الى إسرائيل على امتدا القرن العشرين بعدة عوامل تاريخية. إحداها كانت سهولة الهجرة من الدول المجاورة والتي تشكل 37 في المائة من إجمالي الهجرة إلى إسرائيل قبل قيام الدولة العبرية. وما قبل تلك الفترة أو بعدها فان الوافدون العرب خاصة من معتنقي الديانة اليهودية هاجروا الى إسرائيل من أجل الاستفادة من مستوى المعيشة العالي الذي جعله اليهود ممكناً[11].
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
[1] أنظر تحديث قاعدة بيانات إحصاء عدد المهاجرين سنويا ووجهات الهجرة، المعهد الدولي للهجرة، https://www.migrationpolicy.org/programs/data-hub/charts/immigrant-and-emigrant-populations-country-origin-and-destination?width=1000&height=850&iframe=true
[2] أنظر بيانات المفوضية السامية لشؤون المهاجرين المتعلقة بالأفراد اللاجئين او طالبي اللجوء حسب بلد الإقامة و / أو المنشأ والمحدثة لآخر عام 2017، انظر جدول احصائيات المنظمة على موقعها الرسمي http://popstats.unhcr.org/en/persons_of_concern
[3] أنظر ملخص الدراسة على موقع Pew، https://www.pewforum.org/2017/04/05/the-changing-global-religious-landscape/
[4] Ruth Eglash, With no formal ties, Israel is using digital diplomacy to reach out to the Arab world, WashingtonPost, 2019, https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/with-no-formal-ties-israel-is-using-digital-diplomacy-to-reach-out-to-the-arab-world/2019/12/20/4c8bfeee-20f1-11ea-b034-de7dc2b5199b_story.html
[5] أنظر رابط فيديو على يوتيوب للشاب التونسي، 2018، https://www.youtube.com/watch?v=LXM5coo4okg
[6] أنظر الخبر على وكالات الانباء في نوفمبر 2019
[7] Esther Meir-Glitzenstein, Turning Points in the Historiography of Jewish Immigration from Arab Countries to Israel, JOURNAL ARTICLE, Israel Studies, Vol. 23, No. 3, Israel at 70; Vision & Reality (Fall 2018), pp. 114-122, Published by: Indiana University Press, https://www.jstor.org/stable/10.2979/israelstudies.23.3.15
[8] أنظر موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية، بيان عن الهجرة اليهود العرب الاضطرارية خلال القرن العشرين الى إسرائيل، https://mfa.gov.il/MFA/ForeignPolicy/Issues/Pages/Jewish-refugees-expelled-from-Arab-lands-and-from-Iran-29-November-2016.aspx
[9] RAPHAEL AHREN, 2018 saw record number of tourists visit Israel from Muslim countries, Times of Israel, May 2019, https://www.timesofisrael.com/2018-saw-record-number-of-tourists-visit-israel-from-muslim-countries/
[10] Ruth Eglash, With no formal ties, Israel is using digital diplomacy to reach out to the Arab world, WashingtonPost, 2019, https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/with-no-formal-ties-israel-is-using-digital-diplomacy-to-reach-out-to-the-arab-world/2019/12/20/4c8bfeee-20f1-11ea-b034-de7dc2b5199b_story.html
[11]أنظر قاعدة بيانات المكتبة اليهودية الافتراضية عن تاريخ الهجرة الى إسرائيل، https://www.jewishvirtuallibrary.org/the-arabs-in-palestine