الكويت،2 ديسمبر 2019(csrgulf): على غير المعتاد، لم تعد قضايا وضع حقوق العمالة والبدون والمرأة تتصدر انتقادات التقارير الدولية الدورية حول واقع الحقوق والحريات في الكويت. اذ حازت منذ سنوات قليلة تحديات حرية التعبير ووضع المغردين بصفة خاصة أولويات قلق المنظمات الدولية التي ترصد مسار مكتسبات حقوق الانسان في البلاد.
ففي حين اعترفت عدد المنظمات بتحسن أداء الحكومة والبرلمان في مجال تعزيز قوانين المشاركة السياسية منذ 2006، وصولا الى دعم جهود المحاسبة ومحاربة الفساد، الا ان تطبيقات قانون الجرائم الالكترونية وتوصيفه العائم لجرائم التعبير وسجن المغردين يزيد من القيود على حرية الراي. وقد باتت مصدر قلق رئيسي في اغلب التقارير الدولية والاممية عن الكويت. وهو ما يؤثر سلبيا على المدى القريب والمتوسط على صورة الكويت في المحافل الدولية كديمقراطية ناشئة.
وحسب رصد لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث لأحدث تقارير المنظمات الدولية المهتمة بمجال حقوق الانسان، فقد انخفض رصيد الكويت في حقوق الانسان في مجالات الحريات العامة والحريات السياسية والحريات المدنية مقارنة برصيدها في 2012 حسب بيانات منظمة “فريدم هاوس” الامريكية في 2019. وعزت المنظمة ذلك الى قيود على حرية التعبير وسجن مجموعة من شخصيات المعارضة وعدد المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي[1]. وباتت هذه القضية تشكل مصدر القلق الأولي حول مستقبل الحريات في الكويت.
واعتبرت عدد من المنظمات كـ”هيومن رايتس ووتش” أن السلطات الكويتية تواصل في استخدام بعض الإجراءات والتشريعات لتقييد حرية التعبير ومحاكمة المغردين والتضييق على المعارضة السياسية[2].
واستنت السلطات الكويتية حسب المنظمة إلى عدة قوانين كقانون العقوبات، وقانون المطبوعات والنشر، وقانون الجرائم الالكترونية وإساءة استخدام الاتصالات الهاتفية، وقانون التجمعات العامة، وقانون الوحدة الوطنية لملاحقة ناشطين وسياسيين ومدونين على تويتر، أو فيسبوك، أو وسائل إعلام اجتماعية أخرى.
ولا تزال الدعاوى القضائية المتعلقة بقضايا التعبير مستمرة في المحاكم الكويتية. وهو ما يؤكد على الحاجة حسب “هيومن رايتش ووتش” إلى مزيد من التعديل للقوانين والتي بعضها تعتبر مبهمة لا توفر الحماية الكافية للتعبير. وتم انتقاد التعديل في عام 2016، على قانون الانتخابات الذي زادي قيود الترشح للمناصب أو التصويت في الانتخابات. ومن المرجح أن يمنع القانون بعض أعضاء المعارضة في البرلمان من التنافس أو التصويت في الانتخابات المقبلة.
وتتضمن انتقادات المنظمات قانون الجرائم الإلكترونية، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2016، والذي فرض قيودًا بعيدة المدى على حرية التعبير على الإنترنت، مثل أحكام بالسجن وغرامات. وقد رصدت تقارير دولية في السنوات الأخيرة زيادة التضييق على حرية التعبير والتجمع[3]. الى ذلك عبرت وثيقة لعدد المنظمات الدولية عن وجود مصادر قلق متعلقة بالبيئة التي يعمل فيها نشطاء المجتمع المدني والمدافعون عن حقوق الإنسان في دولة الكويت، وخاصة من يناقشون التهديدات التي تواجه ممارسة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع[4].
وفيما أشادت المنظمات بدستور الكويت الذي ينص على حرية التعبير، بما في ذلك الصحافة، الا انها لا تخفي قلقها حول رصد احتمالات لانتهاكات لهذه الحقوق. وبررت ذلك بزيادة عدد قضايا محاكمة المغردين بسبب التعبير عن آرائهم، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتعتبر ان القانون يمنح سلطات غير محددة الصلاحية لتعليق خدمات الاتصال للأفراد لأسباب تتعلق بالأمن القومي. فبموجب القانون الحالي للجرائم الالكترونية، هناك مجال واسع في تفسير ما يشكل جريمة عند التعبير او الراي السياسي، ويمكن أن يواجه النشطاء عقوبة قد تصل إلى سبع سنوات في كل تهمة من الجرائم[5].
وقد زاد مؤشر قلق منظمة العفو الدولية التي تلاحظ استمرار تقييد الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، بالنظر الى استمرار سجن عدد من نشطاء الراي ومنتقدي الحكومة. وفي مرتبة ثانية عبرت عن قلقها حول وضعية البدون. وفي مرتبة ثالثة استمر اهتمامها بوضع العمال المهاجرين ومحدودية تمتعهم بالحماية الكافية من الاستغلال والإيذاء.[6]
اشادة بتحسن محدود لأداء الحكومة في تحسين بيئة الحريات
أثنت لجنة مجلس حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في تقريها بالخطوات المتخذة لوضع التشريعات والكيانات والسياسات والبرامج لدعم حقوق الافراد وخاصة المعوقين والعمال الوافدين. وعلى الرغم من الإصلاحات الأخيرة، لا يتمتع العمال المهاجرون بالحماية القانونية الكافية، ويظلون عرضة للإيذاء والسخرة والترحيل بسبب مخالفات بسيطة[7].
وبرز إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في عام 2018، كجهد مشجع للبدء في تعزيز ورصد تنفيذ الاتفاقية وغيرها من المعاهدات الدولية. وقد تم إنشاء مكتب لحقوق الإنسان تحت رئاسة مجلس الوزراء للعمل على قضايا حقوق الإنسان. وتتعلق التحديات الرئيسية بحقوق الإنسان بالحريات السياسية والمدنية، مثل حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والقيود المفروضة على مساحة المعارضة السياسية.[8]
كما أشادت عدد من المنظمات بخطوات الحكومة في بعض الحالات لمحاكمة ومعاقبة المسؤولين الذين ارتكبوا انتهاكات، سواء في أجهزة الأمن أو في أي مكان آخر في الحكومة. إلا أن الإفلات من العقاب يمثل مشكلة في قضايا الفساد[9].
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
[1] أنظر تحديث تقرير فريدم هاوس حول الحقوق والحريات في الكويت 2019، https://freedomhouse.org/report/freedom-world/2019/kuwait
[2] أنظر تحديث تقرير الحقوق والحريات في الكويت، هيومن رايتس ووتش 2019، https://www.hrw.org/world-report/2019/country-chapters/kuwait
[3] Freedom House, Freedom in the World 2018 – Kuwait, 1 August 2018, available at: https://www.refworld.org/docid/5b7bcc71a.html [accessed 30 November 2019]
[4] The State of Kuwait Submission to the UN Universal Periodic Review 21 st Session of the UPR Working Group Submitted 15 June 2014 Submission by CIVICUS: World Alliance for Citizen Participation, NGO in General Consultative Status with ECOSOC And Gulf Center for Human Rights (GCHR)
[5] نظر تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع الحقوق والحريات في الكويت، 2018، https://kw.usembassy.gov/wp-content/uploads/sites/157/2018HRR.pdf
[6] أنظر تحديث وضع حقوق الانسان في رصد منظمة العفو الدولية عن الكويت، https://www.amnesty.org/en/countries/middle-east-and-north-africa/kuwait/
[7] أنظر تحديث تقرير الحقوق والحريات في الكويت، هيومن رايتس ووتش 2019، https://www.hrw.org/world-report/2019/country-chapters/kuwait
[8] EU ANNUAL REPORT ON HUMAN RIGHTS AND DEMOCRACY IN THE WORLD 2018 COUNTRY UPDATES, https://eeas.europa.eu/sites/eeas/files/eu_country_updates_on_human_rights_and_democracy_in_the_world_2018.pdf
[9]أنظر تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع الحقوق والحريات في الكويت، 2018، https://kw.usembassy.gov/wp-content/uploads/sites/157/2018HRR.pdf