-
الكويت تأخرت الى مرتبة الثالثة خليجياً في البحث العلمي
-
الامارات الأولى خليجياً في البحث العلمي على مستوى نمو عدد الباحثين
-
تأخر دور الابتكار في تعزيز التنمية في دول الخليج بسبب أزمة بحث علمي
الكويت، 16 أكتوبر 2019(csrgulf): تواجه الكويت تحديات تدني الكفاءة التعليمية والقدرة على الابداع خاصة للموظفين الإداريين والقياديين في القطاع العام والخاص بسبب محدودية تشجيع الخريجين على البحث العلمي والتدريب بعد الحصول على الشهادات الجامعية.
وعلى الرغم من توجه مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص نحو تنمية مواردها البشرية الا أنها مسار تحسن الكفاءة وتعزيز الخبرات المرتبط خاصة بالاستثمار في البحث والتدريب ما يزال بطيئا. ولا يقتصر الامر على الموظفين بل على الخريجين الجامعات الجدد.
وقد رصد تقرير لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF) زيادة فترة انقطاع خريجي التعليم عن تحديث معارفهم والاقبال على مراكز الأبحاث أو التدريب، وهو ما يحد من تنمية قدرات بعضهم التعليمية ويقلّص من محفزات الابداع في تخصصاتهم، وما قد يمثل تحد أكبر هو محدودية الاضافة المرجوة من بعضهم ممن يصلون الى مراكز قيادية في الدولة أو القطاع الخاص. اذ قد تكون اسهامات بعض القياديين لتنمية الإدارة محدودة.
وعلى عكس دول متقدمة وناشئة دعمت تعزز الكفاءة في مؤسساتها بتحفيز الاقبال على البحث العلمي والاستمرار فيه حتى بعد الحصول على الشهادة الجامعية والوظيفة، شهد عدد المقبلين على البحث العلمي والعاملين في مراكز التطوير والدراسات تراجعاً ملحوظاً في دول أخرى هي ناشئة أيضاً على غرار الكويت. وقد فسرت منظمة “اليونيسكو” في أحدث تقاريرها بعنوان “نحو عام 2030” عن البحث العلمي أن القطاع شهد تطورا واهتماماً خاصة لدى الاقتصادات الناشئة الباحثة عن التنمية خصوصا في القارة الآسيوية.
في الكويت، بسبب محدودية الاهتمام بتطوير القدرات من خلال البحث العلمي تأخر ترتيب البلاد في المؤشرات العالمية التالية خلال عامي 2017-2018، اذ حلت في المرتبة 102 عالميا على مستوى مؤشر القدرة على الابتكار، 97 عالميا على مستوى جودة مؤسسات البحث العلمي، 116 عالميا على مستوى إنفاق الشركات على البحث والتطوير، 108 عالميا على مستوى التعاون بين الجامعات وقطاع الصناعة في مجال البحث والتطوير.(1)
على الرغم مما تتمتع به دول الخليج من وفرة مالية كبيرة مثل الكويت، وفي الوقت الذي تنفق فيه أرقاما فلكية على الاستهلاك في مجال الأمن الغذائي والتكنولوجي، نرى مثل هذه الدول “الغنية” في مراتب متأخرة في مجالات البحث العلمي والتدريب والأنظمة التعليمية.
وتكشف دراسة وضعية التعليم في الكويت والخليج أن هناك أزمة عميقة في قطاعات البحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا ليس خليجياً فقط بل عربياً. وقد أضعفت أزمة البحث العلمي دور هذه القطاعات الحيوية في المساهمة في ايجاد حلول عجزت عن ايجادها الحكومات لمواجهة تحديات عديدة تحدق بالوطن العربي بأسره وأهمها التنمية الاقتصادية، والطاقة المتجددة، وتغير المناخ، والأمن الغذائي والمياه، والصحة.
وتمثلت الأزمة العميقة في استمرار محدودية نمو عدد المقبلين على البحث والتطوير خاصة بعد التوظيف يضاف الى ذلك النسبة المتدنية لفئة الباحثين المتخصصين والمبتكرين والمخترعين العرب مقارنة مع المستوى المطلوب في العالم. وفي مقابل عدد الباحثين والعلماء العرب المحدود زاد في المقابل عدد الباحثين في الدول الغربية وحتى في اسرائيل التي تعتبر من بين أكبر الحاضنات للباحثين في العالم قياسا للسكان مقتربا من نحو 100 ألف باحث أو أكثر. وعلى صعيد آخر، تراجعت انتاجية ودور قطاع البحث العلمي والابتكار في الدول الخليجية والعربية ما أثّر سلباً على انتقال اقتصادات هذه الدول نحو اقتصادات التنمية والمعرفة.
وتعرّف منظمة “اليونيسكو” الباحثين العاملين في البحث والتطوير أنهم من المقبلين على البحث والتطوير أو المهنيين الذين يقومون بإجراء البحوث وتحسين أو تطوير المفاهيم والنظريات وأدوات تقنيات النماذج والبرمجيات.
تراجع في البحث العلمي في الكويت
والامارات الأولى خليجياً وعربياً
في الكويت تراجع عدد الباحثين حسب آخر احصائيات متوفرة على قاعدة بيانات البنك الدولي و”اليونيسكو” من 197 باحث على كل مليون نسمة في عام 1997 الى 128 باحث على كل مليون نسمة في 2012 ليعود للارتفاع في عام 2014 الى نحو 605 باحث نشط ليعاود الانخفاض مجددا الى 385 باحث في 2015 وبذلك تأتي الكويت في المرتبة الثالثة خليجياً على مستوى عدد الباحثين.
أما بالنسبة للموظفين العاملين في القطاع البحثي أو المتعاونين أو المقبلين على مراكز البحث للتطوير الذاتي والمعرفي والمهني وليس الباحثين النشطين الرسميين فقد ارتفع عددهم في الكويت حسب “اليونيسكو” في 2015 الى نحو1081 على كل مليون نسمة. لكن هذا العدد لا يعكس العدد الحقيقي للملتزمين بالبحث والتطوير والذي تراجع عددهم الى 385 باحث على كل مليون نسمة.
ويبلغ عدد الباحثين في الكويت في المجالات المختلفة وفي مقدمتها العلوم نحو 1150 باحث نشط أو أكثر كرقم تقديري متوقع اليوم بالقياس لإجمالي سكان الكويت. ويمثل عدد الباحثين في الكويتيين 5 في المئة من العدد الاجمالي التقديري للباحثين في الامارات والذي قد يناهز نحو 24 ألف باحث.
وشهد عدد الباحثين في الامارات قفزة كبيرة. اذ رصدت احصائيات اليونيسكو نحو 2400 باحث على كل مليون نسمة في الامارات عام 2015. وبذلك تأتي الامارات في المرتبة الأولى عربيا وخليجيا في عدد الباحثين على كل مليون نسمة. وفي المرتبة الثانية حلت قطر بنحو 603 باحث على كل مليون نسمة في عام 2015. وأتت البحرين في المرتبة الرابعة بنحو 369 باحث على كل مليون نسمة في 2014. وحلت السعودية في المرتبة الخامسة خليجيا بعد أن قفز عدد الباحثين من 41 على كل مليون نسمة في 2008 الى 230 في عام 2013 حسب آخر الارقام المتوفرة في أحدث أبحاث جامعة القسيم السعودية، ونحو 1180 موظف على كل مليون نسمة يعملون في قطاع البحث بدون شرط ان يكون باحثين. وأتت سلطنة عمان في المرتبة الأخيرة بنحو 216 باحث عماني على كل مليون نسمة كآخر احصاء تقديري لعام 2015.
وتعتبر الكويت الأكثر سلبية خليجياً في عدد الباحثين المنخفض سنوياً مقارنة بعدد الباحثين قبل 20 سنة. حيث أن نسبة الباحثين مقارنة مع اجمالي السكان في انحدار مستمر. في مقابل استقرار او ارتفاع عدد الباحثين في باقي الدول الخليجية. وهو ما يطرح نقاط استفهام كثيرة حول مدى توفر الدعم الحكومي والاجراءات التشريعية المشجعة لتعزيز دور البحث العلمي في التنمية. وكذلك مدى توفر البنية التحتية المحفزة لعمل الباحثين في مجالات مختلفة.
وعلى صعيد آخر، زادت في السنوات الأخيرة نسبة ابتعاث الطلبة الكويتيين والخليجيين الى الخارج ونسبة كبيرة منهم من الطلبة المتفوقين يستمرون في مواصلة تعليمهم وأبحاثهم في الدول الأجنبية لعدم وجود آليات ومحفزات بحث متقدمة مع نقص توافر مراكز بحث متطورة يعملون فيها مثل تلك التي في أوروبا وأميركا. فالبحث يعتمد على توفير تكنولوجيات جيدة ومعارف متطورة وتأطير خاص ودعم كبير.
وأسهمت الكويت على سبيل المثال من خلال مؤسسة التقدم العلمي في رفع مستوى البحث وتشجيع التطوير الا انه ما يزال عدد الباحثين الكويتيين محدودا كما أن انتاج المراكز البحثية الكويتية في مختلف المجالات ضعيف مقارنة مع مستوى الانتاج العلمي للدراسات والأبحاث والاكتشافات في مراكز عالمية.
إنفاق خليجي وعربي متواضع على البحث العلمي والتطوير
يبلغ معدل الانفاق العالمي على البحث العلمي وتطوير التعليم في الدول المتقدمة حسب تقارير البنك الدولي بين 2 الى 3 في المئة من ميزانيات الدول. وتعد ميزانية البحث العلمي في أميركا 2.6 في المئة من الدخل القومي وفي الهند 0.9 في المئة وتتراوح في كوريا وماليزيا وسنغافورة بين 5.2 في المئة و3 في المئة.
الكويت على سبيل المثال تبدو ميزانيتها للإنفاق على تطوير التعليم والبحث العلمي الأفقر بين ميزانيات دول الخليج الأخرى وحتى مقارنة مع دول اقليمية مثل إيران وتركيا. اذ تبلغ نسبة الانفاق على البحث العلمي في الكويت بين 0.11 الى 0.15 في المئة من اجمالي الناتج القومي الكويتي حسب بيانات البنك الدولي بين 2009 الى 2011، بينما بلغ انفاق قطر على البحث العلمي وتطوير المعاهد والجامعات البحثية وفي مجال العلوم نحو 2.8 في المئة من الناتج القطري القومي، وسجلت نسبة الانفاق على البحث العلمي في الامارات بدورها ارتفاعا بين 0.6 الى 1 في المئة لتطوير الجامعات الحكومية وتعزيز مراكز ومعاهد البحث العلمي التي تهدف الى تعزيز كفاءة الخريجيين، اما في السعودية فإن نسبة الانفاق على البحث العلمي في نمو مستمر بعد إرساء المدينة الجامعية العالمية للملك عبد الله بن عبد العزيز في 2006، وقد زاد الانفاق السعودي على تطوير مجال البحث العلمي الى 0.25 في المئة من اجمالي ناتجها القومي ومرشح للزيادة في ظل الميزانية الجديدة.
وحسب موقع وزارة التعليم السعودية وضعت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، هدفا محوريا يدعم التعاون بين الجامعة والجامعات العالمية العريقة ومراكز الأبحاث. وقد عمت المشاريع الجامعية مناطق السعودية بأكملها بالإضافة الى وجود 649 جهة بحثية في المملكة. ففي مجال التعليم العام سيستمر العمل في تنفيذ مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم وسيبلغ حجم التطوير 9 مليارات ريال وستتكفل شركة لتطوير التعليم تدعى «تطوير التعليم القابضة» لإقامة المشاريع المناسبة لتحسين واصلاح منظومة التعليم ومؤسساته.
وتعكف الهيئة الوطنية للبحث العلمي في دولة الإمارات على إعداد استراتيجية لتطوير البحثِ العلمي في مختلف مجالات العلوم الطبية والشؤون الصحية، ووفقا للتقرير الذي نشرته صحيفة «فانكوفر صن» الكندية، فإن حجم الإنفاق القطري على التعليم والبحث العلمي والقطاعات البحثية المختلفة بلغ 3.5 مليار دولار في الوقت الحالي.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث “CSRGULF”
المصدر: قسم التصنيف والاحصاء قي مركز CSRGULF اعتمادا على بيانات (اليونيسكو)
(1) – Klaus Schwab, The Global Competitiveness Report 2017–2018, World Economic Forum, p 171, http://www3.weforum.org/docs/GCR2017-2018/05FullReport/TheGlobalCompetitivenessReport2017%E2%80%932018.pdf