-
جيل كامل من البدون يواجهون التهميش والعزلة
-
حسم قضية البدون يبقى رهن الإرادة السياسية
-
نحو 32 ألف من البدون يواجهون مصيرا مقلقا
-
عدم حل قضية البدون قد يترتب عنه حزام سكاني ملغوم بالمشكلات المزمنة
-
10 في المئة فقط من اجمالي البدون عدلوا اوضاعهم
-
زيادة اقبال بعض البدون على طلبات اللجوء واغلبها رفضت
-
البدون خزان بشري قد تهدره الكويت في رؤيتها التنموية
-
تأخير حسم ملف البدون يضر بسمعة الكويت دوليا
-
محدودية التعليم تشي بزيادة نسبة الامية وقلة المهارات بين البدون
الكويت 21 يوليو 2019(csrgulf): نتيجــة الإهمــال الحكــومي لحسم قضية البدون وعدم وضوح رؤيــة مســتقبلية لمخــاطر هــذا الإهمـال وتأخير حل المشـكلة، يتزايـد عدد فئـة عديمي وغير محددي الجنسية الموثقين وغير الموثقين وفـق مصادر مختلفة على عكس احصائيات حكومية تفيد بانخفاض عددهم. في حين لم يتم تعديل أوضاع الا نحو 10 في المئة فقط من تعداد البدون المسجلين في الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية مقارنة بإحصاء تعداد المسجلين في عام 1992.
وحسب دراسة لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)، يواجه نحو أكثر من 32 ألفا على أقل تقدير من (البدون غير الموثقين) بصفة خاصة، فيما قد يقفز عددهم الى أكثر من ذلك مستقبلا، مصيرا مقلقاً في السنوات المقبلة. حيث أنه من المرجح بسبب زيادة مؤشرات البطالة في البلاد ومحدودية الدعم والتوظيف أن تزيد نسبة الفقر بين فئة البدون توازياً مع خطر تدني المستوى التعليمي للأجيال الجدد من هذه الفئة غير الموثقة بصفة خاصة.
وفي ظل تشبث غالبيتهم بالبقاء في الكويت، تزيد احتمالات ارتفاع معدلات الكثافة السكانية للبدون في مناطق قد تشكل على المدى المتوسط حزاماً سكانياً قد يحتوي مشكلات مزمنة وقد تتسلل أخطارها مع مرور الزمن لتهدد مستقبل أجيال الكويت في حال استمر تهميش هذه الفئة. وقد تتحول كلفة معالجة أوضاع هذه الفئة على المدى المتوسط الى عبء متنامي تتحمله الدولة خصوصا على المستوى الاجتماعي في حال بقيت مستويات ادماج هذه الفئة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية محدودة.
وعلاوة على ذلك قد تواجه الكويت خطرا مستقبلياً تصطدم به اليوم بعض الدول المتقدمة كفرنسا التي أهملت معالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية الى أن انفجرت مشكلات كبيرة في السنوات الماضية تأتى أغلبها من حزام سكاني يحيط بباريس تضخم عبر سنوات بالمقيمين غير الشرعيين المهمشين.
وفي حين عدل نحو 13 ألف من البدون أوضاعهم وحمل بعضهم جوازات بلدان أخرى كما صرح بذلك الجهاز سابقا، هناك ألاف تعتبرهم الحكومة من (مدعي البدون) ظلوا لا يحملون هوية أو جواز سفر وظروف اقامتهم أشبه بالعزلة عن العالم الخارجي بسبب قيود السفر عليهم، وهم اما أصبحوا كفلاء لأنفسهم أو يعيشون على الهامش بصورة غير قانونية.
هذه الفئة وأبنائها من الجيل الجديد بصفة خاصة تواجه مصيرا مجهولاً، وبعض افراد البدون بات يقبل على طلبات اللجوء أغلبها تم رفضها، وحتى من نجح في اللجوء الى الخارج فأغلبهم يعيشون أوضاعاً مؤسفة حسب بعض التقارير الدولية المتخصصة.
ومع اقتراب تدقيق الجهاز المركزي لـ 100 في المئة من المسجلين من البدون، لا يبدو أن وضعية المؤهلين للجنسية ستحسم سريعاً حتى في حال إقرار قانون التجنيس الذي لم يفعل بعد أو مشروع قانون الحقوق المدنية للبدون. فالمشكلة المتفاقمة على امتداد العقدين الماضيين كما تصفها منظمات دولية لا تكمن في الإجراءات بقدر كونها مرتبطة بإرادة سياسية من السلطات. لكن في حال تم إقرار هذين القانونين فقد يكونا بمثابة الخطوة الأولى الجادة والعملية نحو حل جذري واضح المعالم لقضية طال أمدها.
وكان عدد البدون قد انخفض ما بعد الغزو من 246 ألف الى 120 ألف في عام 1992[1]. لكن الغريب في الامر أنه خلال 27 عاماً الماضية، لم يتغير تعداد اجمالي البدون في الوثائق أو الاحصائيات الرسمية التي على الأرجح لم تأخذ في عين الاعتبار النمو الديمغرافي لهذه الفئة وإحصاء عدد أجيال البدون الجدد. وفي حين أعلن رسمياً في عام 2014 عن عدد البدون الموثقين والذي انخفض الى 111 الفا حسب وزارة الداخلية[2] والى 109 ألاف حسب الجهاز المركزي[3]، بدأ الجهاز يفصح منذ ذلك الحين سنوياً عن تحديث حجم انخفاض البدون الموثقين بعد التقدم في عمليات التقصي عن أصولهم، وناهز متوسط حجم الانخفاض نحو 5750 شخصاً يشطبون سنوياً من سجل البدون الموثقين الى أن وصل عدد البدون الموثقين الى 88 ألفا في 2019، ومرشح أن يستمر هذا العدد في التراجع. لكن الانخفاض المستمر قد لا يعكس حقيقة الزيادة الديمغرافية للبدون الناجمة عن حالات الزواج المستمرة لهذه الفئة منذ نحو 27 عاماً. وهذا ما قد يكشف أن إحصاء اجمالي البدون في الكويت الموثقين وغير الموثقين قد يكون غير دقيق أو أكبر بكثير من الإحصاء المعلن.
كما تختلف إحصاءات الحكومة بشكل مستمر لفئة البدون عن بقية الاحصائيات الدولية وأبرزها الأرقام التقديرية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي تعترف في آخر تحديث لها بوجود 92 ألف من البدون الموثقين[4] وصنفت وضع بعضهم بالمقلق، لكن لا يحتاج أغلبهم حسب المنظمة ضرورة حماية دولية في ظل رعاية الدولة لبعضهم. لكن تمت الإشارة الى محدودية تسوية وضعيتهم حتى نهاية 2018.
ويعرّف تقرير سابق لمركز دراسات مجلس الأمة الكويتي أن الغالبية العظمى من البدون يعملون في السلك العسكري أي الشرطة أو الجيش، فضلاً عن القطاع الخاص كالشركات الخاصة الصغيرة أو يمارسون بيع السيارات المستعملة أو تربية وتجارة الأغنام، أو العمل بأسواق الخضار أو الأسواق وما شابه ذلك من الأعمال[5].
وفي 2016 اعتبرت الحكومة أن 34 ألف فقط من البدون مؤهلين للحصول على الجنسية الكويتية، وهو ما يتوافق عمومًا مع أولئك الذين يحملون وثائق التعداد لعام 1965. ومع ذلك، فحتى أولئك الذين يحق لهم الحصول على الجنسية، من خلال اعتراف الحكومة، لم يتم تجنيسهم، ناهيك عن الآخرين الذين لا يمتلكون المستندات المطلوبة[6]. لكن بواعث القلق تتزايد خصوصا حول وضعية الجيل الجديد من البدون غير الكويتيين، الذين قد يكونون ضحية المزايدات والتجاذبات وأخطاء سلفهم.
وحسب أحدث تصريحات صحفية لرئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية صالح الفضالة في فبراير من العام الجاري، فان “الممتنع عن مراجعة الجهاز المركزي أو وزارة الداخلية، فلا يوثق من ضمن البدون، والمسجلون حالياً في الجهاز المركزي يبلغ عددهم 88 ألف فرد، وانخفاض العدد لهذا الرقم يعود لجهود البحث والتدقيق واكتشاف الجنسيات الحقيقية لعدد من البدون”. وحسب الفضالة فان “اصدار وثيقة السفر لمن يرد تعديل وضعه القانوني في بلده الأصلي متاح للبدون الموثقين”. وأقر الفضالة “بحصيلة معالجة أوضاع أكثر من 13 ألف من البدون وتحديد جنسياتهم الأصلية بوثيقة تخص الأب أو الجد، وبعضهم حصل على إقامة، ومنهم من طلب مهلة لتوفيق إقامته في الدولة”. وهذا يعني أن الافا آخرين من البدون غير الموثقين بصفة خاصة لم يتوفقوا في الحصول على إقامة قانونية بالبلاد أو وثيقة سفر، ما يجعلهم مقيمين غير شرعيين في نظر السلطات، وغير مرحب بهم في دول أخرى، ويعاملون كـ(مجولي الهوية) بسبب عدم امتلاكهم لوثائق رسمية تعريفية، ما يجعل اقامتهم في البلاد تعادل وضع الإقامة الجبرية لمحدودية الخيارات المتاحة لهم.
ويعاني أغلب البدون من أزمة اعتراف مزدوجة بحقوقهم الأساسية سواء في الكويت أو في أي دولة يريد بعضهم الانتقال اليها من أجل العمل أو الهجرة أو حتى اللجوء. حيث يعاني عدد كبير منهم حول العالم والذين سافروا بطرق أغلبها غير شرعية إشكاليات عدم اعتراف الدول التي يلجئون اليها بحقهم سواء في اللجوء أو حتى في العمل، وتصنف أغلب الدول المستضيفة للبدون غالبيتهم بالمقيمين غير الشرعيين. وقد ذكرت تقارير دولية سابقة أن عددا من البدون لا يحملون أوراق ثبوتية يضطرون الى السفر عبر دول الجوار ويحصلون على وثائق سفر أغلبها بطرق غير شرعية أو مزورة أو من خلال شراء جوازات من دول بعضها أفريقية من اجل تقديم طلبات لجوء.
وعلى صعيد آخر، قد يجعل نقص التعليم وجودته لدى جزء من فئة البدون غير مؤهلة مستقبلاً لتحسين ظروف عيشها والتعويل على نفسها بشكل جيد، وهو ما قد يضطر الحكومة لزيادة تقديم مساعدات انسانية للبدون بموجب التزاماتها كمركز للعمل الانساني.
وتجدر الإشارة الى أن متوسط الجامعيين البدون الذي يزاولون دراسات جامعية بكليات كويتية يعتبر محدود جدا، ما يعكس ضعف المستوى التعليمي للبدون والذي قد لا يكون محفزا لتحسين جودة حياة بعضهم او الحصول على فرص أكثر للسفر الى الخارج من أجل التعلم أوالعمل والإقامة. لذلك فان الحرص على زيادة تسهيل التحاق البدون بمؤسسات التعليم يبدو أمرا حيوياً للغاية من أجل الحيلولة دون أن يتحول الكثير من أجيال البدون الجدد الى افراد غير فاعلين قد يشكل بعضهم تحد أمني كردة فعل على التهميش. لذلك فان حل مشكلة البدون اليوم يعد أمر ملحاً خصوصا على مستوى زيادة دعم ادماجهم تدريجيا في عملية التنمية الكويتية لتعزيز انتمائهم الى البلاد، وأيضا تمكينهم من السفر لتوفير خيارات أكثر لعدد منهم للسفر على سبيل المثال من أجل تحسين ظروف عيشهم.
تأخير حل القضية يضر بسمعة الكويت دولياً
ظلت قضية البدون الثغرة الكبيرة التي تتسلل منها انتقادات الى الكويت والتي توجهها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. اذ تعتبر المنظمات الدولية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” فئة البدون بأنهم ضمن صنف (الأقليات) وليس ضمن فئة غير محددي الجنسية او المقيمين بصورة غير قانونية.
وحسب مفوضية اللاجئين تمثل قضية بدون الكويت من أكثر القضايا الإنسانية التي تثير قلق المنظمات الدولية، وبدأ مؤشرات هذا القلق منذ منتصف التسعينات حيث أشار تقرير سابق للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين[7] الى قلق المجتمع الدولي حول الوضعية الانسانية لفئة غير محددي الجنسية ووصفهم ضمن الأقليات التي تعاني مشاكل الاندماج في المجتمع، وحذر من تداعيات عدم حسم هذه المشكلة والتي تفاقمت الى اليوم. ويبدو أنه منذ 2011، تباطأت بشكل كبير وتيرة تجنيس البدون فيما شهدت شبة توقف في السنوات التي تلت 2013، في ظل انتظار اعتماد قانون التجنيس الذي تأخر تطبيقه الى اليوم. مع اعتقاد بعض التقارير المحلية وعدد من نواب مجلس الأمة وجود شبهات محسوبية او تزوير في تجنيس بعض البدون في السنوات السابقة حيث تفجرت قضية تزوير الجناسي.
وحسب تقرير الخارجية الامريكية عن حقوق الانسان[8] فان عملية تجنيس البدون ليست شفافة، والقرارات تبدو تعسفية. وحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يمكن تقسيم السكان البدون إلى 8 ألاف شخص لديهم مطالبات واضحة ومشروعة للحصول على الجنسية، و35 ألف شخص يمكن أن يكونوا مؤهلين، والباقي لديهم مطالبات ضئيلة أو معدومة بموجب القوانين الحالية.
وقد أفادت بعض المنظمات غير الحكومية الدولية أن الحكومة لم تمنح بشكل موحد بعض الخدمات والإعانات الحكومية للبدون غير الموثقين بصفة خاصة، بما في ذلك التعليم والتوظيف والرعاية الطبية وإصدار الوثائق المدنية، مثل شهادات الميلاد والزواج والوفاة. وعلى صعيد آخر، نظرًا لأن الحكومة تتعامل معهم كمهاجرين غير شرعيين، يبقى البدون لا يتمتعون بحقوق الملكية. كما يؤدي نقص أوراق الهوية في بعض الأحيان إلى تقييد وصول البدون إلى الرعاية الطبية العامة. علاوة على ذلك، زاد التمييز بين البدون الموثقين وغير الموثقين وعدد منهم يتعرض لقيود امنية أكبر ويواجهن خطر التضيق والملاحقات الأمنية.
ورغم بعض المزايا الخاصة للبدون لتشجيعهم على الكشف عن جنسيتهم الحقيقية، لم يتمكن الكثير من البدون وفق عدد من تصريحات لنشطاء البدون والمسؤولين الحكوميين، من تقديم وثائق تثبت احقيتهم الكافية للتأهل للحصول على الجنسية. وتزعم الحكومة أن الغالبية العظمى من البدون أخفوا جنسياتهم “الحقيقية” ولم يكونوا في الواقع عديمي الجنسية.
وحسب رؤية سابقة قدمها عدد من الخبراء والمختصين بالمجلس الأعلى للتخطـيط والتنميـة وثقتها دراسة سابقة لمركز دراسات مجلس الأمة، فـإن حـل مشكلة البدون تكمن في الإسراع في تعديل الحــالات المســتوفية للشــروط، ومتكاملــة الوثــائق والمســتندات الثبوتية اللازمة التي تؤكد أحقيتها، وسلامة أوضاعها، بما لا يترك مبررا للمزيد من التأجيل، في إشارة الى ضآلة الأرقام الخاصة بالبدون الذين تم تعديل أوضاعهم وهي لا تبشر بانفراج هذه المشكلة بأي درجة أو حتى باتجاهها إلى طريق الحل، فالبدون لايزالون يشكلون حوالي ١٠ في المئة من إجمالي عدد الكويتيين وهم بالتأكيد يمثلون أحد عناصر عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي المحتمل[9].
ويبدو وفق عدد من المنظمات الدولية أن الكويت لا تعالج بطرق حاسمة مشكلة البدون الموثقين وغير الموثقين، اذ تفتقر الغالبية العظمى منهم إلى أبسط الحقوق المدنية، مثل الحصول على شهادات الميلاد وإرسال أطفالهم إلى المدرسة. ولا تعترف حكومة الكويت بأن كل البدون هم عديمي الجنسية بموجب القانون الدولي، وتصر على أنه حتى الأجيال الجديدة منهم يمكنهم أن يكتسبون جنسيات أخرى، في حين أن هذا ليس سهلاً لأن قوانين الجنسية في البلدان المجاورة خصوصا تمنح الجنسية لأبناء المواطنين ولكن ليس بشكل صريح لأحفادهم، ونظرا ليأس بعض البدون غير الموثقين من إمكانية التجنيس يضطر عدد منهم الى الهجرة إلى كندا والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى، وكذلك أستراليا ونيوزيلندا، ومع ذلك، يواجه البدون العديد من الصعوبات والعقبات التي تحول دون التمتع بالحقوق في هذه البلدان[10].
الامتيازات الحكومية المقدمة للبدون الموثقين
يتمتع البدون الموثقين في الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية بالخدمات والتسهيلات التي تقدمها الدولة لفئة المقيمين بصورة غير قانونية والتي شملها القانون (409/2011) وفي مقدمتها مجانية العلاج والتعليم وتنظيم إصدار شهادات الميلاد والوفاة والزواج والطلاق إضافة إلى استخراج رخص القيادة. هذه الفئة معفية من كل الرسوم الصحية كما انها تمنح بطاقة تموينية اسوة بالمواطنين الكويتيين. وقد عدلت الحكومة القانون الحالي للخدمة العسكرية للسماح لأبناء الجنود الذين خدموا في الجيش لمدة 30 عامًا وأبناء الجنود الذين قتلوا أو فقدوا في العمل ليكونوا مؤهلين للانضمام إلى الجيش. وحسب لجنة البرلمان للداخلية والدفاع، فإن أكثر من 25 ألف من البدون ينتظرون التجنيد[11]. وكانت الحكومة سمحت للبدون بالعمل في بعض المناصب الحكومية، كما هو مذكور في مرسوم 2011، بما في ذلك في الجيش.
محدودية التعليم تشي بزيادة نسبة الامية وقلة المهارات وعزلتهم عن مسارات تنمية البلاد
نظرا لضعف جودة تعليمهم وظروف التهميش، وعيشهم لظروف غير متساوية مع بقية سكان الكويت، واهتزاز ثقتهم، فان أجيال البدون في المستقبل قد لا تستطيع حكومة الكويت الاستفادة من استثمار قدراتهم في تعزيز خطتها التنموية، علاوة على أن الجيل الجديد والمستقبلي للبدون الموثقين وغير الموثقين قد يجد صعوبات في الاندماج في المجتمع في المستقبل بسبب التهميش ومحدودية التعليم، وبالتالي قد يكون دور بعض أفراد البدون في تنمية المجتمع محدودا في المستقبل ما قد يزيد من عزلتهم، وهو ما قد يخلف آثارا مجتمعية سلبية قد تهدد السلم المجتمعي وتؤثر سلباً على نهضة الكويت الاقتصادية وموقعها الريادي الدولي في العمل الإنساني.
وتوفر وزارة التعليم للصندوق الخيري التعليمي مبلغًا يدفعه بعض الأطفال البدون للالتحاق بالمدارس الخاصة، ولكن يجب أن يندرج الأطفال ضمن فئة من الفئات السبع للتأهل للحصول على منحة تعليمية. خلال العام الدراسي 2013-14، دفعت المؤسسة الخيرية الرسوم المدرسية لحوالي 15 ألف طفل من البدون. وخلال العام الدراسي 2014-15، تم توفير 150 مقعدا لأبناء البدون في جامعة الكويت[12].
وعلى صعيد آخر، يؤدي عدم امتلاك نسبة من البدون للهوية إلى عدم حصول بعض أطفالهم على حق التعليم، ما يضطر بعضهم للعمل كباعة متجولين للمساعدة في إعالة أسرهم. كما أن العديد من الأطفال البدون الذين التحقوا بالمدرسة التحقوا مؤسسات خاصة دون المستوى لأن المواطنين وحدهم قد يذهبون إلى المدارس العامة[13].
القيود على سفر البدون تزيد من عزلتهم داخلياً وخارجياً
يفتقر العديد من البدون إلى بطاقات هوية، مما يمنعهم من الحصول على وثائق السفر. وعلى عكس الرأي السائد في الكويت القائل أن قيمة الحصول على الجنسية الكويتية (النفسية منها والمالية على وجه الخصوص) هي درجة تجعل أي شخص من البدون الذين من المحتمل أن يحصل على إمكانية الحصول على الجنسية الكويتية من غير المحتمل أن يتخلى عن ذلك بمحاولة التماس اللجوء في مكان آخر، يقبل عدد منهم على الانتقال الى دول مجاورة من أجل طلب اللجوء في بلدان ثالثة أهمها نحو أوروبا وامريكا وأستراليا[14].
وقد دفع بعض البدون غير الموثقين أموالاً للحصول على جوازات سفر أفغانية أو باكستانية، على ما يبدو بشكل غير قانوني. في حين فر البعض إلى دول الجوار واستخدموا جوازات سفرهم المكتسبة حديثًا للسفر لطلب اللجوء في كندا أو أستراليا أو نيوزيلندا أو الولايات المتحدة[15]. وقد تم تعديل قواعد الهجرة في أبريل 2013 في بريطانيا على سبيل المثال لتشمل أحكامًا للأشخاص عديمي الجنسية تمكنهم من تقديم طلب للحصول على إذن تقديري للبقاء في المملكة المتحدة. لكن اغلب طلبات لجوء البدون رفضت في بريطانيا.[16]
وقد ارتفع عدد طالبي اللجوء من الكويت من 959 طلب لجوء في 2017 الى نحو 1223 طلب لجوء من الكويت في عام 2018، وتعتقد بعض التقارير ان عددا منهم من فئة البدون والغالبية من جنسيات أخرى تعود بصفة خاصة لدول تشهد نزاعات في المنطقة. وقد حصل 1236 على لجوء من الكويت الى دول اجنبية أهمها بريطانيا والولايات المتحدة[17] واغلبهم من المقيمين السوريين والعراقيين وجنسيات أخرى بدافع البحث عن وجهة أخرى للإقامة بعد ارتفاع تكلفة المعيشة في الكويت.
وقد واجه البدون مشاكل أو قيود على السفر إلى الخارج. حيث قيدت السلطات قدرة بعض البدون على السفر إلى الخارج من خلال عدم إصدار وثائق السفر، على الرغم من أنها سمحت لبعض البدون بالسفر إلى الخارج لتلقي العلاج الطبي والتعليم، وزيارة المملكة العربية السعودية للحج. لكن لم تصدر وزارة الداخلية جوازات سفر “المادة 17” (وثائق السفر المؤقتة التي لا تمنح الجنسية) للبدون إلا لأسباب إنسانية منذ عام 2014[18].
وتستقبل الدول الأوروبية والجهات الفاعلة في مجال الاستجابة لطلبات اللاجئين بشكل متزايد طلبات لجوء من الأشخاص عديمي الجنسية. لكن حقيقة أن طالب اللجوء بحجة انه عديم الجنسية لا يمكن أن يكون سببا حاسمًا لمطالبته بالحماية الدولية واللجوء حسب بعض الدول مستقبلي اللاجئين[19].
وحسب بعض الدراسات[20]، منع العديد من البدون من حق اللجوء في عدة دول أوروبية مثل السويد. اذ لم يتمكن أي من البدون الذين قدموا إلى السويد من الانتفاع بحق اللجوء. فالذين ليس لديهم أسباب قاهرة لمغادرة الكويت ويشكون فقط من التمييز لا تعتبر السويد مثل هذه الدواعي كافية لمنحهم اللجوء. وتضيف أن بعض البدون الكويتيين الذين لجئوا الى السويد بطرق مختلفة يعيشون ظروف مؤسفة فأغلبهم فقراء ويعتبرون مهاجرين غير شرعيين[21].
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
[1] تختلف الأرقام حسب مصادرها فأعداد البدون – كانت وربما لا تزال – تعتبرها أجهزة الدولة مسألة وتتطلب السرية. رمزي سلامة، انظر بحث إدارة الدراسات والبحوث في مجلس الامة، البدون في الكويت: قضية لم تحسم بعد، ابريل 2014، http://www.kna.kw/research/elbdoon/01.pdf
[2] أنظر تصريح وزير الداخلية السابق الشيخ محمد الخالد الصباح، في رده على سؤال برلماني للنائب عدنان عبدالصمد حول قضية البدون مصرحا ان إجمالي عدد المقيمين بصورة غير قانونية بالبلاد والمسجلين في الجهاز المركزي بلغ نحو 111.493 ألف، موثق في دراسة لمجلس الأمة في 2014، http://www.kna.kw/research/elbdoon/01.pdf
[3] أنظر تصريح صالح الفضالة رئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في 2014
[4] أنظر تحديث احصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حول البدون لنهاية عام 2018، http://popstats.unhcr.org/en/overview
[5] رمزي سلامة، انظر بحث إدارة الدراسات والبحوث في مجلس الامة، البدون في الكويت: قضية لم تحسم بعد، ابريل 2014، http://www.kna.kw/research/elbdoon/01.pdf
[6] Minority Rights Group International (MRG) an international human rights organisation, bidoon report, december 2017, https://minorityrights.org/minorities/bidoon/
[7] UNHCR, The State of The World’s Refugees. A humanitarian Agenda, 1997, https://www.unhcr.org/3eb7ba7d4.pdf
[8] US Embassy in Kuwait, Country Reports on Human Rights Practices for 2017 United States Department of State • Bureau of Democracy, Human Rights and Labor, https://kw.usembassy.gov/wp-content/uploads/sites/157/Human-Rights-Report-Kuwait-2017.pdf
[9] رمزي سلامة، انظر بحث إدارة الدراسات والبحوث في مجلس الامة، البدون في الكويت: قضية لم تحسم بعد، ابريل 2014، http://www.kna.kw/research/elbdoon/01.pdf
[10] NASSER AL-ANEZY, CHAIR AND DIRECTOR OF THE KUWAITI COMMUNITY ASSOCIATION & KATIA BIANCHINI, MAX PLANCK INSTITUTE FOR RELIGIOUS STUDIES AND ETHNIC DIVERSITY, Problems Faced by the Bidoons in the UK, European Network on Statelessness, https://www.statelessness.eu/blog/problems-faced-bidoons-uk
[11] US. Department of State, 2018 Country Reports on Human Rights Practices: Kuwait, MARCH 13, 2019, https://www.state.gov/reports/2018-country-reports-on-human-rights-practices/kuwait/
[12] UK COI, Country Information and Guidance Kuwait: Bidoons Version 2.0 , July 2016, https://assets.publishing.service.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/566157/CIG_-_Kuwait_-_Bidoons.pdf
[13] US Embassy in Kuwait, Country Reports on Human Rights Practices for 2017 United States Department of State • Bureau of Democracy, Human Rights and Labor, https://kw.usembassy.gov/wp-content/uploads/sites/157/Human-Rights-Report-Kuwait-2017.pdf
[14] UK COI, Country Information and Guidance Kuwait: Bidoons Version 2.0 , July 2016, https://assets.publishing.service.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/566157/CIG_-_Kuwait_-_Bidoons.pdf
[15] Human Rights Watch, THE BEDOONS OF KUWAIT, “Citizens without Citizenship”, 1995, https://www.hrw.org/reports/1995/Kuwait.htm
[16] Danielle Cohen, Undocumented Kuwaiti Bidoon and the Stateless Provisions, Danielle Cohen immigration solicitors, November 28, 2013, https://www.daniellecohenimmigration.com/undocumented-kuwaiti-bidoon-and-the-stateless-provisions/
[17] أنظر قاعدة بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 2018، http://popstats.unhcr.org/en/persons_of_concern
[18] US Embassy in Kuwait, Country Reports on Human Rights Practices for 2017 United States Department of State • Bureau of Democracy, Human Rights and Labor, https://kw.usembassy.gov/wp-content/uploads/sites/157/Human-Rights-Report-Kuwait-2017.pdf
[19] Interview: Overlooked Challenges – Tackling Statelessness in Europe’s Refugee Response, 24th May 2019 | News, https://www.ecre.org/interview-overlooked-challenges-tackling-statelessness-in-europes-refugee-response/
[20] Amanda Widborg, Statelessness and the ability to receive a residence permit based on impediments to enforcement, Lund University WPMM43, Department of Political Science, Tutor: Moira Nelson, 2018, http://lup.lub.lu.se/luur/download?func=downloadFile&recordOId=8940334&fileOId=8940335
[21] Amanda Widborg, Statelessness and the ability to receive a residence permit based on impediments to enforcement, Lund University WPMM43, Department of Political Science, Tutor: Moira Nelson, 2018, http://lup.lub.lu.se/luur/download?func=downloadFile&recordOId=8940334&fileOId=8940335