تبدو رؤية الكويت التنموية 2035 طموحة جدا وتهدف لتحسين بيئة الحياة والاعمال في الكويت مستقبلا. وباعتبار طبيعة المشاريع التي تضمنتها الرؤية تبرز تحديات حقيقية تهدد بيئة هذه المشاريع متمثلة في التغيرات المناخية المتسارعة والتي تتضح معالمها بوتيرة أسرع من توقعات المخططين للكويت الجديدة. وتعتبر الكويت من أكثر دول العالم مواجهة لأخطار تغير عوامل البيئة والمناخ اذ أن ترتيبها وفق أحدث رصد دولي لمخاطر المناخ صعد الى مرتبة 178 من 180 دولة في العالم[1]. ومن الملاحظ أن مخاطر التغيرات المناخية تهدد فعليا وبشكل جاد مستقبل الأمن الغذائي والتنموي، وهو يرقى لتنصيفه بخطر على الأمن القومي الكويتي. وفي مقابل ذلك لا تعتبر الاجراءات أو التشريعات الحالية كافية لاستيعاب تهديد التغير المناخي على مستقبل الكويت.
تعمل الكويت في إطار رؤية تنموية مستقبلية على بناء عدد من المشروعات للفترة 2020-2035، لكنها لم تضع متطلبات محددة لتخفيض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري. اذ تضاعفت مستويات الانبعاثات الغازية في الكويت خلال الفترة بين 1993 الى 2014 الى الضعفين من 100MT إلى اكثر من 200MT. وحسب البنك الدولي تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) عرضة بشكل خاص لتغير المناخ، وهي واحدة من أكثر مناطق العالم جفافًا وشحًا بالمياه الأمر الذي يزيد من القيود البيئية[1] لنماذج الاستثمار الحالي والمستقبلي.
وفي مقابل زيادة الوعي العالمي بظاهرة تغير المناخ تزايدت المخاوف في المنطقة بشأن الجفاف المتكرر بشكل متزايد ونقص إمدادات المياه التي تلوح في الأفق. وفي حين أن التكيف الفعال مع تغير المناخ سيعتمد في نهاية المطاف على التزام البلدان، تواصل الكويت من خلال المشاريع والتشريعات، بناء اقتصادها في سياق التنمية المستدامة. لذلك فهي تولي أهمية كبيرة لتنويع مصادر انتاج الطاقة من اجل تقليص الانبعاثات الغازية ومكافحة ظاهرة التغير المناخي.
وتواجه الكويت مجموعة واسعة من قضايا تغير المناخ بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر وندرة المياه والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي. منذ عام 1975، شهدت الكويت ارتفاعًا في درجة حرارة بنحو 1.5 درجة مئوية إلى 2 درجة مئوية، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي. في السنوات الأخيرة، حدث تغير حاد في أنماط سقوط الأمطار في الكويت، وهو ما قد يعزى إلى تأثيرات تغير المناخ. تاريخياً، كانت البلاد تعاني من وتيرة هطول أمطار ضعيفة سنوياً لتحل محلها اليوم نوبات مفاجئة من الأمطار وفترات جفاف طويلة.
بالإضافة إلى ذلك، حدثت زيادة ملحوظة في العواصف الترابية والرملية في العقود القليلة الماضية، وهي علامات ملحوظة على حدوث تغير في الظروف المناخية في الكويت ودول أخرى في غرب آسيا. خلال الأعوام القليلة الماضية شهدت الكويت أقسى فصل صيف منذ عام 1991، مع زيادة في كثافة وتواتر العواصف الترابية.
وعلى صعيد آخر، تجدر الاشارة الى الاخطار المحتملة على السواحل الكويتية. حيث يمتد خط الساحل الكويتي لأكثر من 500 كيلومتر، ويمثل اهمية كبيرة حيث أن معظم سكان البلاد والبنية التحتية والأنشطة الحيوية كخدمات السياحة والادارات تقع على طول الساحل. وقد توقعت بعض الدراسات أن ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن تغير المناخ حتى ولو متر واحد قد يكون له آثار مدمرة في شكل فيضان للبنية التحتية الحضرية المنخفضة، وغمر النظم الإيكولوجية الساحلية وتدهور نوعية المياه الجوفية والمناطق الزراعية. في الواقع ، شهدت الكويت غرق الجزر الصغيرة النائية في الماضي القريب بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر. ومثل هذه المخاطر تمثل تهديدا خصوصا لقطاع السياحة في المستقبل.
ظواهر بيئية غير مسبوقة تتطلب ان تكون اولويات الاصلاح
أصبحت طبيعة بيئة الكويت تسجل مؤشرات غير مسبوقة وعالمية في تسارع التغيرات المناخية لعل أهمها أن الكويت تصنف بقوة كأسخن مدن العالم مع زيادة درجات الحرارة المرتفعة صيفا، بجانب تصنيفها ضمن أكثر مدن العالم تلوثا على مستوى الهواء، وكما شهدت أيضا ظواهر غير مسبوقة من ناحية حدة تلوث الساحل البحري والمسطحات المائية بعد نفوق أطنان من الاسماك في ظاهرة فريدة استحقت الوقوف عندها. الى ذلك زادت حدة التصحر حيث تعتبر الكويت من اكثر دول العالم فقرا في التربة الخصبة ومخزون المياه الجوفية العذبة فضلا عن تواتر ظاهرة الهزات الارضية.
وباعتبار التغيرات المناخية على مستوى زيادة الحرارة والتصحر والعواصف الترابية فضلا عن تغيرات تعرض الكويت للهزات واحتمالات الامطار الحادة والفيضانات بسبب حدة تأثر الكويت بالاحتباس الحراري، فانه يجدر الاشارة الى أن جانب من هذه التغيرات تعود الى ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية التي تعاني منها بشكل متفاوت دول على هذا الكوكب بالإضافة الى عامل ثاني وهو التدخل الانساني والمتعلق بشكل التنمية الموجود في البلاد. اذ يتضح ان شكل النمو والاقتصاد الحالي بعيدا كل بعد عن الاقتصاد الصحي الحافظ للتوازن البيئي والصحي من خلال استمرار الاعتماد المفرط على الصناعات النفطية والبتروكيماوية فقط والمسببة لبواعث غازات اوكسيد الكربون ومخلفات تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الهواء والماء والتربة كما تؤثر على الانسان والثروة الزراعية والحيوانية.
وتعتبر منظمات كثيرة كالبنك الدولي نموذج التنمية في الكويت بعيدا عن نموذج الاقتصاد الأخضر المعتمد على الطاقات المتجددة والمحافظ على المساحات الخضراء ونقاء مصادر الطبيعية. ويتمثل التحدي المزدوج للحكومة والشركاء في التنمية في زيادة تعبئة الموارد الكافية على وجه السرعة لتقليل آثار تغير المناخ – لا سيما على الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفاً – وكذلك ادماج تغير المناخ في أجندة أولويات الإصلاح ضمن مقترحات التشريعات.
تأثر التغير المناخي على حياة اجيال المستقبل في الكويت
وفقا لأحدث تقييم للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ، من المتوقع أن يصبح المناخ أكثر حرارة وجفافا في معظم منطقة الشرق الأوسط. ومن المرجح ان تؤدي درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض معدل هطول الأمطار إلى زيادة حدوث حالات الجفاف ، وهو ما يحدث بالفعل في الكويت. الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى زيادة الضغط على موارد المياه الجوفية، التي يجري استخراجها في الوقت الحالي في معظم المناطق خارج إمكانات إعادة تكدس المياه الجوفية. وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تؤثر موجات الحرارة، وزيادة “تأثير الجزر الحارة”، وندرة المياه، وانخفاض جودة المياه، وتدهور نوعية الهواء على الصحة العامة، وبشكل أعم يؤدي إلى ظروف معيشية صعبة.
وتتنبأ الدراسات العالمية بارتفاع مستويات البحار من حوالي 0.1 إلى 0.3 متر بحلول عام 2050، ومن حوالي 0.1 إلى 0.9 متر بحلول عام 2100. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، من المتوقع أن تكون التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية أعلى نسبياً مقارنة ببقية دول العالم. اذ ان المناطق الساحلية المنخفضة في عدد من الدول بينها الكويت تعتبر في خطر.
ويعتبر أصحاب الدخل المحدود والفقراء الأكثر عرضة لمخاطر المناخ مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والزيادة في درجة الحرارة وهطول الأمطار غير المنتظمة، وكثيراً ما يحدث ذلك على شكل أحداث جوية أكثر تواتراً وتكراراً مثل العواصف والفيضانات والجفاف. ولأن محدودي الدخل أكثر تعرضاً وحساسية لمثل هذه التأثيرات ولديهم قدرة أقل على التكيف، فإنهم أكثر عرضة لتغير المناخ.
أثر تغير المناخ على التنمية
الخطوات التي قامت بها الدولة حتى الآن لمواجهة تحديات ارتفاع معدلات البطالة والتكامل مع الاقتصاد العالمي يمكن أن تتعرض للخطر بسبب تغير المناخ. وقد تضيع الإيرادات والعمالة نتيجة زيادة حالات الجفاف، والفيضانات في المناطق الحضرية والساحلية. وقد تؤدي التغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار إلى إلحاق الضرر بالقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية مثل السياحة أو غيرها التي تتمتع بإمكانات النمو مثل الزراعة ذات القيمة المضافة العالية. ومن المرجح أن يؤدي تضافر هذه التأثيرات إلى إبطاء عملية الإصلاح الاقتصادي.
كما يطرح تغير المناخ العديد من التحديات على المدن في المنطقة التي تمثل محاورا للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. حيث يمكن أن يؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر على 43 مدينة وميناء منهم 24 في الشرق الأوسط بينها الكويت و19 مدينة وميناء في شمال أفريقيا.
الاستثمار في البنية التحتية
بعد الامطار الغزيرة التي تعرضت لها الكويت في نوفمبر الماضي اتضح جليا مدى الضرورة القصوى لتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ من خلال مطلب زيادة حجم الاستثمار في البنية الأساسية المخطط لها في القطاعات الرئيسية مثل تحسين نوعية الطرق وتطوير مسالك تصريف مياه الامطار والصرف الصحي وتأمين امدادات الموارد المائية والتنمية الحضرية، الأمر الذي سيتطلب بدوره تعبئة موارد إضافية من الحكومة والقطاع الخاص.
كيف سيؤثر تغير المناخ على أزمة المياه؟
تمثل إدارة الموارد المائية تحديًا كبيرًا للكويت حيث يعد نصيب الفرد من المياه الطبيعية من بين أدنى المعدلات على مستوى العالم. ويبلغ معدل استهلاك الفرد من المياه في الكويت حوالي 450 لتراً يومياً، في حين أن متوسط نصيب الفرد من المياه الطبيعية أقل من 100 لتر يومياً وهو ما يتناقص باطراد.
ومع عدم وجود أنهار أو بحيرات دائمة، تعتمد الكويت بشدة على المياه المحلاة والمياه الجوفية لتلبية الاحتياجات المائية لقطاعاتها المحلية والصناعية والزراعية. وتمثل عمليات تحلية المياه أكثر من نصف إمدادات المياه في الكويت ويميز البلد وجود أعلى معدل إنتاج للفرد من المياه المحلاة في العالم.
ويخشى مع تغيّر المناخ، أن يصبح التوازن بين إمدادات المياه والطلب عليها تحديًا هائلاً بالنسبة للكويت. في الواقع، يعد الاستغلال المفرط والإفراط في ضخ المياه غير المتجددة وسياسات المياه غير المستدامة عاملين رئيسيين في استنزاف احتياطيات المياه الجوفية في الكويت ويعرضانها لخطر شديد من آثار تغير المناخ. وبالإضافة إلى ذلك ، تواجه الكويت أيضا تغيرات في الظروف المناخية، مثل نمط هطول الأمطار الذي يؤثر على دورة المياه وإعادة شحن المياه الطبيعية.
كيف تتأثر قضايا تغير المناخ بالتنوع البيولوجي والزراعة في الكويت؟
يؤثر تغير المناخ على الوظائف البيولوجية والكيميائية الحيوية والهيدرولوجية للأراضي الرطبة. وتعتبر الكويت منطقة قاحلة في الغالب، وتحتوي المناطق الصحراوية الكويتية على العديد من أنواع النباتات السنوية، والتي تشكل ما يقرب من 90 في المائة من أنواع النباتات في البلاد. كما تتمتع الكويت بالتنوع البيولوجي البحري الغني لكن بعضها معرض للخطر.
ومن المرجح أن تؤثر زيادة درجة حرارة مياه البحر على فترة تكاثر الأسماك والروبيان وقد تؤدي إلى هجرة الأسماك على نطاق واسع إلى مناطق أخرى سيكون لها تداعيات خطيرة على صناعة صيد الأسماك في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي المجاورة[2]. مع تغير المناخ، سوف تتأثر الطيور المهاجرة بشكل سلبي. وقد يؤدي هطول الأمطار غير المنتظمة والتصحر إلى فقدان الغطاء النباتي، مما يتسبب في حدوث سيول. وفي الواقع ، فإن أكبر تأثير لتغير المناخ على النظم الإيكولوجية المائية في الكويت هو تفاقم الضغوط الموجودة بالفعل الناتجة عن الأنشطة البشرية.
ويعتمد الإنتاج الزراعي بشكل مباشر على تغير المناخ والطقس. ومن المتوقع أن يكون للتغييرات المحتملة في درجات الحرارة وهطول الأمطار وتركيز ثاني أكسيد الكربون تأثير كبير على نمو المحاصيل. ومع ذلك ، فإن إمكانات التنمية الزراعية في الكويت محدودة للغاية ، اذ أن أقل من 1 في المئة من مساحة الأراضي تعتبر صالحة للزراعة. علاوة على ذلك، لا يزرع في الواقع سوى جزء من مساحة الأراضي الصالحة للزراعة[3] بسبب المناخ القاسي وندرة المياه والتربة الفقيرة ونقص المهارات التقنية.
حلول حكومية محدودة
في السنوات الأخيرة، أطلقت حكومة الكويت بعض المبادرات للتخفيف من آثار تغير المناخ. ومع ذلك، فإن خطورة الوضع لا يقابلها استجابة قوية من الحكومة. اذ تعتبر صناعة النفط وقطاع النقل ومقالب النفايات من المصادر الرئيسية لانبعاثات الكربون، وعلى الحكومة أن تفعل المزيد لتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة من هذه القطاعات. كما ان هناك نقص في الوعي البيئي بين المجتمعات المحلية والمغتربين، وهو ما يعوق تقدم الأنشطة الطوعية التي أطلقتها الحكومة والمنظمات غير الحكومية. الى ذلك هناك حاجة ملحة لإطار قوي للتكيف مع تغير المناخ من أجل تحفيز جميع أصحاب المصلحة على العمل.
وتصنف الكويت كبلد مهدد جسديًا وبيولوجيًا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. فعلى مدى العقود القليلة القادمة، يمكن أن تواجه الكويت تأثيرات خطيرة لتغير المناخ في شكل فيضانات وحالات جفاف واستنزاف طبقات المياه الجوفية وغمر المناطق الساحلية وعواصف رملية متكررة وفقدان التنوع البيولوجي وإلحاق ضرر كبير بالنظام الإيكولوجي والتهديد بالإنتاج الزراعي و تفشي الأمراض.
يحتل الوقود الأحفوري دورًا محوريًا في اقتصاد الكويت، والتنمية الصناعية والاجتماعية والاقتصادية. يبدو أن المطلوب من الحكومة زيادة تفعيل خطة وطنية للانتقال إلى الاقتصاد منخفض الكربون للتقليص من انبعاثات الكربون التي تسببها خصوصا صناعة النفط وغيرها من مصادر انبعاثات الغازات الدفيئة التي تعود الى العامل البشري. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحة لتنفيذ تدابير التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه، وإعداد إطار قوي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي قد تكون مستدامة على المدى الطويل. كما يبدو ملحا توثيق التعاون بين الهيئة العامة للبيئة وجمعية حماية البيئة والوزارات المختلفة (لا سيما وزارة النفط والهيئات المشرفة على حفظ الموارد الطبيعية كالأسماك، فضلا عن وزارة الصناعة)، وهذا التعاون من المفروض أن يدعم إجراء البحوث المتعلقة بتغير المناخ، وصنع السياسات والتشريعات.
بطء في الاعتماد على المصادر المتجددة
الطاقة المتجددة في مراحلها الأولى في الكويت، على الرغم من أن البلاد قد وضعت هدفاً طموحاً لتلبية 15 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من الموارد المتجددة بحلول عام2030 [4]. وقد تعزز الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في الكويت مؤخراً. ويجري تعزيز الاستثمار في أنظمة الطاقة الشمسية الحرارية والكهروضوئية وطاقة الرياح في منطقة صحراوية بالقرب من حدود الكويت مع العراق والمملكة العربية السعودية. لكن الكويت أمامها طريق طويل قبل أن تتمكن الطاقة المتجددة من إحداث تأثير حقيقي في مزيج الطاقة الوطنية لديها.
أزمة نضوب المياه المتصاعدة تهدد الأمن الغذائي الكويتي وتعزز تبعية الاقتصاد
صنفت الكويت من بين الـ 33 دولة الأكثر عرضة لظاهرة شح المياه في عام 2040 في الشرق الأوسط[5]، وتأتي أيضا في مقدمة تسعة بلدان تعاني من درجة عالية من نضوب المياه كالبحرين وفلسطين وقطر والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ولبنان. وتعتمد المنطقة، التي يمكن القول بأن المياه فيها الأقل أمانًا في العالم ، بشكل كبير على المياه الجوفية ومياه البحر المحلاة، وتواجه تحديات استثنائية ذات صلة بالمياه في المستقبل المنظور.
وحسب دراسات حدة نضوب المياه الجوفية في الكويت ومحدودية تأمين المياه المحلاة للاكتفاء الذاتي في قطاعات مختلفة كالزراعة فان البلاد امام خيارين اما زيادة الاعتماد بالكامل على واردات المنتوجات الزراعية لتوفير احتياجات غذائية متنامية بسبب الخوف من نضوب الموارد المائية، أما الخيار الثاني فهو العمل جديا على زيادة استصلاح الاراضي وتشجيع الشباب على الاستثمار الزراعي في المحاصيل السقوية على سبيل المثال. وتجدر الاشارة الى أن الخيار الأول سيكون مكلفا خصوصا مع زيادة ضغوط الطلب العالمي على السلع الغذائية المرشحة اسعارها الى الارتفاع بنحو الضعف في الأسواق العالمية بحلول عام [6]2030 وما يجعل واقع الكويت المعتمد على موارد النفط أكثر خطورة هي توقعات البنك الدولي باستقرار أسعار النفط عند 70 دولار في عام 2030 بسبب توقعات بزيادة الاقبال على الطاقة النظيفة على حساب النفط.
وبذلك قد تزيد نفقات الاستيراد مقابل تراجع ايرادات الدولة. ويبدو في حالة الكويت أن التفكير في دعم الاستثمار الزراعي داخل البلاد أو في مناطق زراعية أخرى يبدو أكثر الحاحا وأفضل جدوى من مواجهة مصير الاعتماد الكامل على الاستيراد. لكن يبقى التفكير جديا في تأمين موارد مائية مستدامة. وقد حذر مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي أن مشكلات المياه ستضع عددا من الدول في شمال أفريقيا والشرق الأوسط في خطر أكبر[7] من عدم الاستقرار وفشل الدولة. وهو ما يعني ان تامين موارد المياه للزراعة بات يندرج ضمن الأمن القومي للبلاد.
ومن المحتمل أن يرتفع الطلب العالمي على المياه في العقود القليلة المقبلة[8]. وسيؤدي تزايد عدد السكان في الكويت على سبيل المثال إلى زيادة الاستهلاك من قبل الأفراد والمزارعين والشركات. كما سيتركز المزيد من الناس في المدن، مما يزيد من الضغط على تامين إمدادات المياه. ويمكن ان يستغل عدد من الشباب من رواد الاعمال هذه الظرفية للتفكير جديا في الاستثمار في مشاريع توفر المزيد من الإنتاج الغذائي وتعزز معالجة وتحلية المياه وتوليد الكهرباء.
وفي المحصلة تبدو استراتيجية التنمية في رؤية الكويت الجديدة واعدة الا أن استراتيجيات تطبيقها يجدر ان تضع في اولوياتها تأمين موارد حيوية طبيعية لأجيال المستقبل وتقلص من حدة تلوث البيئة وتحفز الاستثمار الزراعي والحفاظ على التنوع البيولوجي المهم للزراعة وتزيد من نسبة الوعي بتسارع المتغيرات البيئية وتزيد من الاستعدادات للتكيف مع التغير المناخي.
التوصيات :
- تعزيز التشريعات والقوانين الكافية المقلصة لتداعيات التغيرات المناخية على مستقبل الكويت
- رفع قدرة إدارة المياه والتكيف مع تغير المناخ
- دعم استصلاح الاراضي وتحفيز الشباب على الاستثمار الزراعي وفي الطاقات المتجددة
- زيادة تسريع وتيرة الاستثمار في المشاريع المعتمدة على الطاقات المتجددة
- رفع الوعي المجتمعي للتكيف مع التغير المناخي
- تعزيز العمل البحث لرصد التغيرات وكيفية التكيف معها في المستقبل
المصدر : إعداد فريق مركز دراسات الخليج العربي “CSR“
[1] أنظر ترتيب منصة Climate Watch هي عبارة عن منصة دولية مفتوحة عبر الإنترنت لعرض البيانات المناخيةhttps://www.climatewatchdata.org/countries/KWT
[1] Raffaello Cervigni, Adaptation to Climate Change in the Middle East and North Africa Region World Bank contacts for climate change work in the MENA Region: http://web.worldbank.org/archive/website01418/WEB/0__C-152.HTM
[2] Kundan Pandey, Kuwait could face serious climate change impacts over the next few decades’ Last Updated: Tuesday 12 April 2016https://www.downtoearth.org.in/interviews/agriculture/-kuwait-could-face-serious-climate-change-impacts-over-the-next-few-decades–52966
[3] Kundan Pandey ,مصدر سابق
[4] Kundan Pandey مصدر سابق
[5] Andrew Maddocks, Robert Samuel Young and Paul Reig , Ranking the World’s Most Water-Stressed Countries in 2040 , world ressources Insitute, August 26, 2015https://www.wri.org/blog/2015/08/ranking-world-s-most-water-stressed-countries-2040
[6] Felicity Lawrence, Food prices to double by 2030, Oxfam warns, the guardian, 2011, https://www.theguardian.com/environment/2011/may/31/oxfam-food-prices-double-2030
[7] Andrew Maddocksمصدر سابق
[8] Andrew Maddocks, المصدر نفسه